أوكرانيا تتجزأ
أوكرانيا تتجزأأوكرانيا تتجزأ

أوكرانيا تتجزأ

الانفصاليون الموالون لروسيا يقولون نعم في استفتاء إعلان جمهورية دونيتسك

بدأ الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا، الأحد، استفتاءهم لإعلان الحكم الذاتي في إقليمي دونيتسك ولوغانسك، عاقدين العزم على إقامة وطنهم الجديد، في خطوة يراها المحللون تهيئة لضم هذه المناطق لروسيا.

ولم تحد تحذيرات رئيس أوكرانيا المؤقت أولكسندر تيرتشينوف، من زخم المشاركة في الاستفتاء، حيث شهدت مراكز الاقتراع توافدا من المتعطشين للانفصال عن أوكرانيا، الذين تجاوزوا الحواجز والشوارع المليئة بالحجارة والأشجار لقول كلمة "نعم للانفصال".

ففي سلافيانسك معقل الانفصاليين، توجه كل من يحق له التصويت لمراكز الاقتراع، وقال رئيس بلدية المدينة الموالي لروسيا "نسبة التصويت ستصل إلى 100%" مؤكدا أن "عصابة الحكومة الأوكرانية لن تثنينا عن الانفصال".



الانفصال خطوة نحو الهاوية





وأصدر الرئيس الأوكراني المؤقت-المدعوم من الغرب- تحذيرا تلو الآخر يدعو فيه الانفصاليين على قول كلمة لا في الاستفتاء قائلا"إن انفصال الشرق سيكون خطوة نحو الهاوية وسيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية...عليكم قول لا في الاستفتاء".

ويمثّل انفصال شرق أوكرانيا ضربة موجعة للاقتصاد الأوكراني، حيث تنتج دونيتسك ولوغانسك الغنيتان بالفحم والحديد 16% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما يرى المسؤولون الأوكرانيون في الانفصال سيناريو مشابها لما حدث في شبه جزيرة القرم.

وقال تيرتشينوف:"إننا نواجه إرهابا مروعا تدعمه روسيا... إن إعلان جمهورية دونيتسك الشعبية سيكون كارثة، لذا ندعو السياسيين شرق البلاد لمحادثات على الطاولة المستديرة وبالطبع لن نحاور الإرهابيين الملطخة أيديهم بالدماء".

وفي تعقيبه على الأحداث الدامية التي وقعت في مدينة ماريوبول الجمعة وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى قال" لولا المواطنون الذين يدعمون الانفصاليين في هذه المدينة لما حدث ما حدث...المدينة تشهد إرهابا مروعا".

المشهد شرق أوكرانيا يشي باندلاع حرب أهلية، فبينما يواصل الانفصاليون الذين أغلقوا الطرقات حاملين الأسلحة والهراوات، مساعيهم للانفصال بأسلوب ديمقراطي شكليا، تصدر كييف التحذير والتلويح بضرب الانفصاليين بالحديد والنار، فأوكرانيا تعلّمت جيدا من درس القرم.

موسكو تراقب بهدوء

الموقف الروسي من الأزمة أخذ طابعا دبلوماسيا هادئا، فبوتين دعا الانفصاليين قبل يومين إلى إرجاء الاستفتاء دون أن يلعب دورا فاعلا من أجل ذلك، فهو يعلم جيدا أن الموالين لروسيا اتخذوا القرار الذي يلقى الدعم الروسي غير المعلن.

وقال بوتين خلال لقائه أخيرا رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ديدييه بوركهالتر "نطلب من ممثلي جنوب شرق أوكرانيا إرجاء الاستفتاء المقرر في 11 مايو/أيار لتوفير الظروف الضرورية للحوار".

ورأى الغرب في موقف بوتين المتناقض مع الموقف الروسي المتشدد إزاء الأزمة الأوكرانية، محاولة للمراوغة، بعد أن أعلن أيضا سحب القوات الروسية المرابطة على الحدود الشرقية مع أوكرانيا التي أثارت مخاوف غزو روسي لأوكرانيا.

ويرى مراقبون، أن الموالين لروسيا يقومون على أكمل وجه بما ترنو إليه روسيا، دون عناء الغزو العسكري، عن طريق إعلان الانفصال بالوقت الذي ينتهي به الاستفتاء الذي يعرف الجميع نتيجته مسبقا.



سياسة عقيمة

ويأتي الاستفتاء ليزيد في الشرخ بين واشنطن وموسكو، حيث أعلنت الأولى على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي، خيبة أملها من روسيا التي لم تستخدم نفوذها لوقف الاستفتاء.

وبهذا تعلن واشنطن تهكمها من دعوات بوتين لإرجاء الانفصال، مثلما نفت بساكي انسحاب القوات الروسية من الحدود مع أوكرانيا "مع الأسف، نحن لا نرى انسحابا للقوات الروسية من على الحدود، فيما حضت وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الإخبارية، المدعومة من الكرملين، سكان شرقي أوكرانيا على التصويت في الاستفتاء".

واعتبرت المتحدثة الأمريكية الاستفتاء منافيا للقانون الدولي، في إشارة مسبقة لرفض واشنطن لما سيسفر عنه هذا الاستفتاء.

وفي هذه الأثناء ما زالت الدبلوماسية الأمريكية تراوح مكانها حيال الأزمة، فالموقف الأمريكي لم يستطع تغيير شيء من سياسة روسيا التوسعية في المنطقة، وهذا ما تؤكده ردة الفعل الأخيره من جانب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي هاتف نظيره الروسي سيرغي لافروف للتباحث بشأن آخر التطورات في أوكرانيا إضافة للتباحث بالملف السوري.

وفي ظل ثبات الموقف الروسي تجاه الملفين، تخرج التصريحات الأمريكية -التي لا تتعدى البروتوكولية- بأن الطرفين تباحثا في سبل التهدئة والسعي لحل الخلاف بعيدا عن العنف، لكن ما يحدث على أرض الواقع مغاير تماما.

نقطة اللا عودة

الموقف الغربي الذي تتصدره كذلك ألمانيا وفرنسا، يلوّح بعقوبات جديدة على روسيا في حال تدخلت لإفشال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في أوكرانيا في 25 الشهر الجاري.

المستشارة الألمانية ميركل وكذلك الرئيس الفرنسي هولاند، واصلا انتقاد ما يحدث في شرق أوكرانيا، مركزين اهتمامهما على الانتخابات المقبلة التي يريان نجاحها وسيلة ناجعة لحل الأزمة الأوكرانية سياسيا.

الانفصاليون الموالون لروسيا، وصلوا لنقطة اللا عودة في مشروع الانفصال عن الدولة التي يصفونها بالفاشية المدعومة من الغرب، وكييف تحذّر وتعلن أنها لن تسمح بتكرار سيناريو شبه جزيرة القرم.

وفي ظل أزمة تعبث بها أطراف خارجية، تبدو البلاد مقبلة على حرب أهلية ستقابلها تصريحات من روسيا والغرب تدعو الأطراف المتناحرة للتهدئة، إلا أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي طويلا، فسرعان ما ستفرض سيناريو القرم لإنقاذ من ينطقون بالروسية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com