لماذا تم تسريب قضية تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية؟
لماذا تم تسريب قضية تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية؟لماذا تم تسريب قضية تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية؟

لماذا تم تسريب قضية تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية؟

تنفي إسرائيل التقارير الأمريكية التي تتهمها بالتجسس على المحادثات النووية بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى، وترفض ما يُنسب إليها بشأن اختراق شبكة الإنترنت اللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصالات بالفنادق والقاعات التي تستضيف مسئولين، يشاركون في تلك المفاوضات، وتقول إنها "لا تستخدم مثل هذه الأساليب للحصول على معلومات، وأن ولديها وسائل أخرى لمعرفة ما يدور في هذه المحادثات".

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قد ذكرت، أمس الأربعاء، أن خبراء الأمن السيبراني يعتقدون أنه من المرجح أن تكون اسرائيل هي الطرف المسؤول عن عمليات التجسس التي تستهدف المفاوضات النووية.

واكتشف محللون في شركة للأمن السيبراني آثار برامج خبيثة محكمة التشفير، يمكنها القيام بعمليات تجسس معقدة، وقالوا إن نسخة مطورة من فيروس الحواسيب "دوكو" الذي استخدمته إسرائيل من قبل، استخدم للتجسس على اتصالات ومحادثات المسئولين المشاركين في المفاوضات النووية. وأفادت شركة "كاسبرسكي" الروسية للأمن السيبراني، أن الفيروس اخترق نظم الاتصالات بقاعات استخدمت في المحادثات الدولية الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.

ويشير مراقبون إلى أن السؤال الأهم في هذا الصدد هو لماذا سربت الصحيفة الأمريكية تلك المعلومات في هذا التوقيت، والذي يتزامن مع إلغاء العمل بقانون "باتريوت"، الذي أتاح لوكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) التنصت على كل ما يدور من اتصالات سلكية ولاسلكية، وحركة مرور البيانات عبر الإنترنت داخل الولايات المتحدة وخارجها؟، وإذا ما كانت هناك صلة بين القضيتين؟".

صلة وثيقة

يذهب المراقبون إلى أن ثمة صلة وثيقة بين تسريب تلك الأنباء وبين الضغوط التي تمارسها وكالة الأمن القومي الأمريكية لإعادة العمل بقانون "باتريوت" تحت مسمى آخر، حيث مازالت الوكالة الأكبر على مستوى العالم في مجال الاستخبارات السيبرانية في حالة صدمة، بعد سحب غالبية الصلاحيات التي امتلكتها منذ عام 2001، في أعقاب تصديق الرئيس الأمريكي على قانون إصلاح وكالة الأمن القومي، بعد إقراره في مجلس الشيوخ مطلع الشهر الجاري.

ويوجه مسئولون بوكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي في هذه الأيام دعوات لإعادة العمل بالقانون المثير للجدل، ويدلون بتصريحات لوسائل الإعلام يزعمون خلالها أنهم بذلك "لن يتمكنوا من تعقب الاتصالات والرسائل المُشفرة التي تجريها التنظيمات الإرهابية، بعد فقدان صلاحية إجبار شركات الاتصالات على تسليم ما بحوزتها من معلومات، وإجراء عمليات التنصت بموجب أمر قضائي".

التجسس على المفاوضات النووية

ويعتقد مراقبون أن تجسس إسرائيل على المفاوضات النووية لم يتم بمعزل عن تعاونها مع وكالة الأمن القومي، والتي تقوم بالضرورة بتسجيل جميع الاتصالات التي تتم داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أو تلك التي ترد من دولة أخرى، اعتمادا على تكنولوجيا وبرمجيات حصلت عليها من شركات إسرائيلية عاملة في مجال التكنولوجيا الفائقة داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

ويستبعد المراقبون أن تكون عمليات التجسس الإسرائيلية قد تمت في إطار آخر غير تعاونها مع وكالة الأمن القومي الأمريكي، وربما يفسر ذلك ما قاله مسئولون إسرائيليون بالأمس ردا على الإتهامات، حيث أكدوا بأن "إسرائيل لا تستخدم مثل هذه الأساليب (زراعة فيروس) للحصول على معلومات، وأن ولديها وسائل أخرى لمعرفة ما يدور في هذه المحادثات".

وسيطرت عشرات الشركات الإسرائيلية التي تأسست في الغالب بواسطة ضباط سابقين بوحدة الأمن السيبراني (8200) التابعة للاستخبارات الحربية الإسرائيلية على سوق الاتصالات الأمريكية، وهي التي زودت الوكالة بجميع ما تحتاجه من وسائل للتنصت، وباتت بعض هذه الشركات تمتلك معلومات أكثر بكثير من تلك التي تمتلكها الوكالة الأمريكية، لدرجة اتهام الوكالة بأنها باتت رهينة في أيدي الشركات، وأن جميع المعلومات التي تصلها، تصل أيضا للاستخبارات الإسرائيلية.

لماذا التسريب الآن؟ 

يقدر مراقبون أن بوادر التسريب الذي نشرته "وول ستريت جورنال" بالأمس، تعود لكانون الثاني/ يناير الماضي، حين اتهمت الإدارة الأمريكية إسرائيل بتسريب معلومات من المحادثات النووية لوسائل الإعلام الإسرائيلية لإفشال سير المفاوضات، ووقتها قالت إنها ستوقف الإفادات التي تسلمها للحكومة الإسرائيلية بشأن هذه المفاوضات.

كما يقدرون أن تلك التصريحات أخفت أن المعلومات حول المفاوضات النووية كانت تصل إسرائيل عبر شركات التكنولوجيا الإسرائيلية التي هيمنت على سوق الاتصالات الأمريكية، وليس عبر الإفادات الروتينية المتبادلة على المستوى الرسمي، وأن هذا هو السبب الذي ربما أقنع مجلس الشيوخ الأمريكي للموافقة على إلغاء قانون "باتريوت" الأسبوع الماضي.

وتسعى التسريبات حول تجسس إسرائيل على المفاوضات إلى قطع الطريق أمام مسئولين بوكالة الأمن القومي لإعادة العمل بالقانون بصيغة جديدة، وإلى تحصين موقف الرئيس باراك أوباما بشأن قانون إصلاح تلك الوكالة، وكسب الرأي العام الأمريكي الذي انقسم بشأن سحب صلاحياتها، وبخاصة وأنها تروج إلى كون الصلاحيات التي تمتلكها تخدم الأمن القومي الأمريكي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com