رهانات الانتخابات التشريعية في تركيا
رهانات الانتخابات التشريعية في تركيارهانات الانتخابات التشريعية في تركيا

رهانات الانتخابات التشريعية في تركيا

يتوجه الأتراك يوم الأحد القادم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 550 عضوا هم عدد أعضاء البرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية بالأغلبية منذ 2012 لأول مرة.

ويرى المحللون إمكانية حدوث تغيرات رئيسية في التوازنات السياسية في البلاد، ومن هؤلاء المحللين التركي طارق يلدز، وهو عالم اجتماع، ورئيس معهد البحوث في الدول العربية والإسلامية، الذي يرى في تحليل نشرته صحيفة لوموند اليوم الجمعة، أن احتمال حدوث تغيير رئيسي يساعد في جعل سياق هذه الانتخابات الصعبة أصلا، أكثر توترا: ففيما يشكك حزب العدالة والتنمية في دور قوى "الظلام" غير الشرعية، وخاصة حركة الداعية فتح الله غولن واللوبيات الغربية المختلفة، فإن أحزاب المعارضة الرئيسية تندد بحكومة استبدادية انحرافية، وخاصة منذ الانتخابات البرلمانية الماضية.

ففي تلك المناسبة، قبل أربع سنوات، حصل حزب العدالة والتنمية على 49.8٪ من الأصوات (327 مقعدا)، مقابل ما يقل قليلا عن 26٪ لحزب الشعب الجمهوري (135 مقعدا) و 13٪ لحزب العمل القومي (53 مقعدا)، مما سمح للحزب الحاكم ببسط سلطته وسيطرته على البلاد.

وفي تلك الأثناء حددت الحركة السياسية الكردية خياراتها، كما كان الحال في الانتخابين السابقين، بتقديم مرشحين بصورة "مستقلة"، أي دون أن تتقدم للانتخابات تحت راية حزب بعينه، للتحايل على القاعدة الانتخابية التي تفرض تتجاوز عتبة 10٪ من الأصوات على الصعيد الوطني حتى تكون ممثلة. وقد مكنت هذه الاستراتيجية بالفعل من انتخاب 36 نائبا مستقلا.

نتائج حزب الشعوب الديمقراطي، الرهان الرئيسي للانتخابات

 في عام 2015، قرر حزب الشعوب الديمقراطي تغيير استراتيجيته، من خلال تقديم ليس مرشحين مستقلين ولكن مرشحين منضوين مباشرة تحت راية حزب بعينه.

ويشكل هذا الأسلوب الرهان الرئيسي للانتخابات: فإذا تجاوزت النتيجة 10٪ فإن عدد نواب الحركة سيزيد بشكل كبير. والأهم من ذلك أن هذه الاستراتيجية تؤدي إلى إضعاف حزب العدالة والتنمية من حيث عدد المقاعد، بحكم القواعد الانتخابية (الحزب في هذه الحالة لا يستفيد من المكافأة الممنوحة للحزب الفائز في إعادة توزيع أصوات الحركات التي لم تتمكن من تتجاوز عتبة الـ 10٪) . وإن حدث العكس سيخرج حزب العدالة والتنمية أقوى في الانتخابات، وربما مع أغلبية تسمح له، عن طريق الاستفتاء، بأن يحقق رئاسية النظام.

لتحقيق ذلك، يقود حزب الشعوب الديمقراطي حملة لتوسيع قاعدته الانتخابية، فما وراء المطالب الكردية يرغب هذا الحزب في أن يكون لسان حال معظم المطالب المختلفة، بدءا من تغيير السياسة السورية للحكومة (التي تتقاسمها الأحزاب الرئيسية الأخرى، حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية اللذان يتهمان حزب العدالة والتنمية بفتح الحدود ودعم المعارضين / الجهاديين)، وصولا إلى تعزيز المساواة بين الجنسين.

تغيير الحكومة؟

ويرى المحلل طارق يلدز أنه إذا كان حزب العدالة والتنمية على يقين بأنه سيظل أكبر حزب في تركيا، وبالتالي مكلفا بتشكيل الحكومة، فإن احتمال حصوله على نتيجة لا تسمح له بالحصول على الأغلبية المطلقة، ولو ضعيفة، احتمال وارد بالفعل.

أما قيام تحالف بينه وبين حزب الشعوب الديمقراطي، وبالنظر للتطورات السياسية الأخيرة، والحملة الانتخابية، فهو أمر يبدو غير وارد، وهو الأمر الذي لا يمنع الطرفين (في حال تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز الـ 10٪)، من دون تشكيل ائتلاف، من الاتفاق حول بعض الإصلاحات الرئيسية، بما في ذلك المسألة الكردية. أما التحالف مع حزب العمل القومي فهو وارد جدا، لأن التقاليد السياسية بين الحزبين متقاربة.

ومع ذلك، لا تزال الفرضية الأكثر احتمالا هي استمرار حكومة حزب العدالة والتنمية، التي يمكن أن تحكم بمفردها، أو أن تضم بعض النواب للحصول على الأغلبية المطلقة. فعلى الرغم من الانكماش الاقتصادي، والاستقطاب في البلاد مع معارضين شرسين، والإدانة الجماعية من قبل الأحزاب المعارضة لبعض الممارسات الاستبدادية، فإن حزب العدالة والتنمية لا يزال يتمتع بتأييد واسع بين السكان.

فإذا كان جزء من البلاد (الأقليات، بما في ذلك العلويون، والحركة العلمانية) يعادي بشكل متزايد الرئيس أردوغان فإن جزءا آخر يعتبر حزب العدالة والتنمية الحزب المجدد الرئيسي لتركيا منذ عام 2002 (التنمية الاقتصادية، انخفاض الفساد، تراجع دور الجيش، ...) والمعبر عن تطلعاته المحافظة.

وفي الختام يرى المحلل طارق يلدز أن هذه الانتخابات قد تؤثر على استقرار البلاد: إذا لم يتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز الـ 10٪، فإن هناك خطرا حقيقيا لعودة تطرف المعارضة الكردية واستئناف النزاع المسلح، وخروج الحركة الكردية من الحقل المؤسسي. وإذا تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي هذا الحاجز فإنه قد يعرض للخطر إنشاء حكومة عدالة وتنمية قوية. ففي كل الأحوال سيظل حزب العدالة والتنمية القوة السياسية الأولى في تركيا، لكن التوازن السياسي في البلاد قد يتأثر سلبا بشكل من الأشكال.

 

 

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com