طموح أردوغان يؤذن ببلبلة بعد الانتخابات التركية
طموح أردوغان يؤذن ببلبلة بعد الانتخابات التركيةطموح أردوغان يؤذن ببلبلة بعد الانتخابات التركية

طموح أردوغان يؤذن ببلبلة بعد الانتخابات التركية

اسطنبول - من المرجح فيما يبدو أن الانتخابات العامة في تركيا ستبعد الرئيس رجب طيب إردوغان عن تحقيق حلم تعظيم سلطات الرئاسة وتؤذن ببداية فترة من البلبلة في ظل سعيه للاحتفاظ بهيمنته على مقاليد الحكم في البلاد.

ورغم أن الدستور يحظر على إردغان الإنخراط في السياسة الحزبية بصفته رئيس الدولة فقد شن حملات في مختلف أنحاء تركيا قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري في السابع من يونيو حزيران فيما يمثل مؤشرا على مدى أهمية ما يعلقه على نتائجها.

وقال في مؤتمر شعبي في مدينة كيريكالي بوسط البلاد هذا الشهر في معرض شرحه لضرورة زيادة سلطات رئيس الدولة "لن تبعدوني عن هذه المواقع ولن تخرسونني".

ويمنح الدستور رئيس الوزراء أغلب السلطات وقد شغل إردوغان هذا المنصب منذ عام 2003 إلى عام 2014. غير أنه يطالب منذ أصبح رئيسا للدولة في العام الماضي بأن تكون الرئاسة تنفيذية مثلما هو الحال في الولايات المتحدة وفرنسا.

غير أنه يبدو من المستبعد أن يتمكن حزب العدالة والتنمية الذي أسسه إردوغان من الفوز بثلثي المقاعد في البرلمان وهي الأغلبية اللازمة لتغيير الدستور دون طرح الخطة على الشعب في استفتاء عام.

كذلك فإن الاستفتاء تشوبه المشاكل. فقد أبدت المعارضة الكردية اعتراضها على توسيع نطاق سلطات الرئاسة بعد أن كانت في فترة من الفترات تعتبر حليفا محتملا فيما يتعلق بالدستور الجديد إذا كان سينص على تعزيز حقوق الأكراد.

وانتهج إردوغان أسلوبا في الزعامة يعمل على استبعاد الأتراك الذين يتشككون في مثله الإسلامية المتحفظة الأمر الذي يعني أن من المستبعد أن يقنع المعارضة العلمانية متمثلة في حزب الشعب الجمهوري أو القوميين متمثلين في حزب الحركة القومية بتأييد خططه في استفتاء شعبي.

من ثم فقد اكتسبت الانتخابات أهمية تكاد تكون وجودية بالنسبة لإردوغان الذي شدد قبضته على القضاء والشرطة والإعلام في السنوات الأخيرة. وإذا ضعفت الأغلبية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية فما سيعقب الانتخابات سيتميز بصراعه من أجل الاحتفاظ بالسيطرة.

وقال سنان أولجن رئيس مركز ايدام في اسطنبول والباحث الزائر بمركز كارنيجي أوروبا "إردوغان يدرك أن كل يوم يمر تتآكل سلطاته ولهذا السبب يضغط بشدة من أجل النظام الرئاسي".

وأضاف "وجود هذا الأمل هو الذي يمنحه القوة. وما أن يتبين أن ذلك لم يعد أمرا واقعيا سيبدأ ميزان القوى في الانقلاب عليه".

انقسامات داخلية

وإردوغان مقاتل سياسي صقلته طفولته في حي قاسم باشا الذي يتسم بالقسوة في اسطنبول ليصبح من أنصار الطبقات العاملة المتدينة. ولهذا فمن المستبعد أن يجلس مكتوف الأيدي ليشاهد نفوذه وهو يتسرب من بين يديه.

وفي العامين الأخيرين وحدهما شهد إردوغان احتجاجات شعبية وفضيحة فساد كانت إحداهما تكفي لإسقاط سياسي أقل منه مكانة. أما هو فقد فاز في انتخابات الرئاسة في أغسطس آب الماضي بحصوله على 52 في المئة من مجموع الأصوات.

ويخوض حزب العدالة والتنمية الانتخابات الشهر المقبل ككيان موحد غير أن توترات بدأت تظهر بفعل تدخله فيما يتعين أن تشمله مسؤوليات رئيس الوزراء وقد رأس إردوغان عدة اجتماعات لمجلس الوزراء كما أنه يتدخل في مسائل حكومية تفصيلية.

وقال مصدر رفيع قريب الصلة بالحزب "إردوغان هو زعيم هذه الحركة. ومن في حزب العدالة والتنمية يدركون هذا جيدا... غير أن البعض بدأ شيئا فشيئا يشعر بعدم الارتياح لاصراره على الرئاسة التنفيذية".

وأضاف "هناك من هم يتقبلون توجيهات الرئيس لكنهم لا يتقبلون قربه الشديد من الأحداث اليومية".

ومن المتوقع أن يتولى عدد من كبار شخصيات حزب العدالة والتنمية أدوارا كمستشارين للرئيس في المجمع الرئاسي الضحم الجديد وذلك بعد منعهم من خوض الانتخابات البرلمانية لفترة جديدة بمقتضى لوائح الحزب التي تمنع أعضاءه من عضوية البرلمان لأكثر من ثلاث فترات.

ويطلق بعض المسؤولين بالفعل في لقاءات غير رسمية على مجمع الرئاسة اسم "مجلس وزراء الظل" ويخشون أن يحدث صراع على النفوذ مع فريق رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.

وقلل مصدر في مكتب إردوغان من إمكانية حدوث ذلك.

وقال المصدر "هذه ليست مسألة شخصية وليست شيئا يريده لنفسه. فقد اعتقد أن هناك مشاكل خطيرة في النظام البرلماني منذ بدأ العمل بالسياسة وهو يريد أن يجد حلا".

وأضاف "وهو لا يراها خطوة ضد داود أوغلو".

غير أن بلاغة إردوغان وبساطته تمنحه اليد العليا فيما يتعلق بالقاعدة الجماهيرية للحزب حيث يتمتع بشعبية لم يحققها داود أوغلو الأكاديمي الأكثر تحفظا.

وقد ارتدى بعض أنصار إردوغان في المؤتمرات الشعبية أكفانا رمزا لمدى استعدادهم للموت من أجله. وفي مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي قال أحدهم إنه يحب إردوغان لدرجة أنه يريد أن يلعقه. وأضاف "إنه أسد. حبيبي".

الثقة المفرطة وجنون الارتياب

يشتعل غضب إردوغان لما يوجه إليه من اتهامات بالانفراد بالحكم وقد كان في وقت من الأوقات في الغرب نموذجا لما يجب أن يكون عليه المسلم المؤمن بالديمقراطية.

وخلال توليه منصب رئيس الوزراء رسخ إردوغان الحكم المدني وقلص سيطرة الجيش الذي تدخل لابعاد أول حكومة يقودها الإسلاميون في تركيا عام 1997 ودبر ثلاثة انقلابات مباشرة في النصف الثاني من القرن العشرين.

كما أشرف إردوغان على انفتاح تركيا على أسواق تجارية جديدة وإصلاحات ترمي إلى تكامل أوثق مع الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى عملية السلام مع المتشددين الأكراد.

غير أن سجل تركيا في الديمقراطية تأثر سلبا مع تشديد إردوغان قبضته على الحكم. ورفعت دعاوى قضائية على المتهمين بإهانة إردوغان بما في ذلك طالب بالمرحلة الثانوية عمره 16 عاما. كذلك تم حجب موقعي تويتر وفيسبوك لفترات مختلفة.

وأعيد توزيع آلاف من ضباط الشرطة ورجال النيابة العامة لأداء مهام أخرى بعد فضيحة فساد عام 2013 كانت تمس الدائرة المقربة من إردوغان.

وأشار إردوغان بإصبع الاتهام إلى "الدولة الموازية" وهو الوصف الذي يطلقه على شبكة الداعية فتح الله كولن حليفه السابق الذي يقول إردوغان إنه يفرض سطوته على أتباعه داخل مؤسسات الدولة بما في ذلك الشرطة والقضاء. ويعيش كولن الآن في الولايات المتحدة.

وقال أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة زمان المقربة من كولن إن الإفراط في الثقة بعد استفتاء عام 2010 الذي تمت فيه الموافقة على تغييرات في الدستور تدعمها الحكومة بنسبة 58 في المئة كان بداية التغير لإردوغان.

وقال دومانلي إن احتجاجات شعبية في الداخل في صيف 2013 وكذلك الاطاحة بعد ذلك بشهور بالرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي تربطها صلات وثيقة بحزب العدالة والتنمية غذت شعورا لديه بالارتياب.

وفي وقت من الأوقات كان دومانلي على صلة وثيقة بإردوغان حتى أنه تلقى طلبا بكتابة سيناريو فيلم عن الزعيم. أما الآن فينتظر دومانلي محاكمة عن اتهامات بالانتماء لجماعة إرهابية تربطها صلات بالداعية كولن.

وقال دومانلي عن إردوغان "خسر عندما بدأ يكسب. فلو أنه سار في طريق ديمقراطية أكثر تعددية وتشاركية لأصبح بطلا في الشرق الأوسط".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com