كالينينغراد "بؤرة" الحرب خارج أوكرانيا.. والعقوبات "تنعش" صادرات النفط الروسي
كالينينغراد "بؤرة" الحرب خارج أوكرانيا.. والعقوبات "تنعش" صادرات النفط الروسيكالينينغراد "بؤرة" الحرب خارج أوكرانيا.. والعقوبات "تنعش" صادرات النفط الروسي

كالينينغراد "بؤرة" الحرب خارج أوكرانيا.. والعقوبات "تنعش" صادرات النفط الروسي

تناولت الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الأربعاء، آخر تطورات الحرب في أوكرانيا، وسط تقارير تتحدث عن احتدام المعارك بين موسكو وكييف في منطقة دونباس الشرقية، بعدما كثفت القوات الروسية هجماتها للاستيلاء على آخر معاقل أوكرانيا في مدينة سيفيردونتسك.

وناقشت الصحف تقارير أخرى تصف مدينة كالينينغراد الروسية بأنها بؤرة التوتر الجديدة وشعلة الحرب خارج أوكرانيا، وذلك بعد قرار ليتوانيا منع عبور السلع التي تخضع للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي إلى المدينة عبر أراضيها؛ ما تسبب في غضب روسي.

وانتقدت الصحف أيضاً العقوبات الغربية على موسكو، حيث اعتبرت أنها لم تؤت ثمارها فحسب، بل أنعشت صادرات النفط الروسية بنسبة أكبر مما كانت عليه قبل الحرب.

كالينينغراد.. شعلة الحرب القادمة
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن المعقل الروسي في كالينينغراد، على بعد مئات الأميال غرب بقية البلاد، أصبح أحدث نقطة توتر بين موسكو وبقية أوروبا، حيث ترددت أصداء حرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خارج أوكرانيا.

يأتي ذلك بعدما أعلنت ليتوانيا منتصف يونيو الجاري، أنها ستمنع عبور السلع التي تخضع للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي إلى كالينينغراد عبر أراضيها، بما في ذلك الفحم والمعادن ومواد البناء. ووصف الكرملين الخطوة بأنها "غير مسبوقة وغير قانونية"، وقال نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، إن الرد سيكون له تأثير "خطير" على الشعب الليتواني.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن منطقة كالينينغراد تقع بين ليتوانيا وبولندا - وكلاهما عضو في الاتحاد الأوروبي و"الناتو" - على الساحل الجنوبي لبحر البلطيق، وتتلقى الكثير من إمداداتها عبر طرق تمر بين ليتوانيا وبيلاروسيا.

وعن قيمة كالينينغراد لروسيا، أوضحت الصحيفة في تحليل لها، أن المدينة الصغيرة تعتبر ذات أهمية إستراتيجية وعسكرية خاصة لموسكو، حيث تعتبرها الأخيرة "حاملة طائرات غير قابلة للإغراق" على بحر البلطيق، ويمكن وضع الأسلحة على مسافة قريبة من أوروبا الغربية.



 

وأشارت إلى أن المقر الرئيس لأسطول بحر البلطيق الروسي يقع في كالينينغراد، وقد وضع الكرملين أسلحة نووية هناك، وفقًا لليتوانيا. كما أعلنت موسكو في الربيع أنها نفذت عمليات إطلاق محاكاة لمنظومة صواريخ "إسكندر" ذات القدرة النووية هناك.

وفي حديثها مع "واشنطن بوست"، قالت هيئة السكك الحديدية الليتوانية إنها لن تسمح بعد الآن بمرور البضائع الروسية التي يعاقب عليها الاتحاد الأوروبي عبر الأراضي الليتوانية، مشيرة إلى أن العبور البري بين كالينينغراد والأراضي الروسية الأخرى "لم يتم تعليقه أو حظره" لأن تدفقات الركاب والبضائع التي لا تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي ستستمر.

وفي سياق متصل، وصفت صحيفة "التايمز" البريطانية القرار الليتواني بـ"الخطير" الذي يهدد سكان مدينة كالينيغراد، البالغ عددهم نحو مليون نسمة، حيث لا يستطيعون العيش بـ"الذخيرة وحدها"، قائلة إنهم بحاجة إلى الأسمنت والحديد والبذور والبيض والوقود والأدوات، وكلها يجب أن يتم استيرادها، غالبًا من روسيا القارية.

وتحت عنوان "ما خيارات بوتين؟"، أضافت الصحيفة أن الزعيم الروسي لا يمتلك الكثير، سوى خيارات قليلة لـ"يثني" بها ذراع ليتوانيا، التي تخلصت بالفعل من جانب واحد من جميع وارداتها تقريبًا من النفط والغاز الروسي؛ ما حرم بوتين من أقوى سلاح نفوذي قد يستغله.

وأوضحت أن أحد الخيارات أمام بوتين هو الذهاب إلى "شبكة الكهرباء"، وقالت "مثل لاتفيا وإستونيا المجاورتين، لا تزال ليتوانيا تستورد بعضًا من قوتها عبر شبكة سوفيتية قديمة تمتد عبر بيلاروسيا وغرب روسيا. وعلى الأثر، قامت ليتوانيا بالفعل ببناء اتصال طارئ بباقي دول الاتحاد الأوروبي مع وضع مثل هذا السيناريو في الاعتبار."

وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أنه لطالما شعر المسؤولون الليتوانيون بالقلق بشأن قدرة روسيا المحتملة على عزل دول البلطيق عن بقية أوروبا من خلال استغلال الحدود القصيرة بين كالينينغراد وبيلاروسيا، والمعروفة باسم "فجوة سوالكي".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني في منطقة البلطيق قوله، إن التدريبات العسكرية الروسية الأخيرة تضمنت التدرب على إغلاق "فجوة سوالكي" وغزو ليتوانيا.

وقال مارغيريس أبوكيفيتشيوس، نائب وزير دفاع ليتوانيا، للصحيفة إن هيمنة روسيا على بيلاروسيا في الشؤون العسكرية، إلى جانب كالينينغراد، خلقت تحديات إستراتيجية جديدة لـ"الناتو"، في إشارة منه إلى احتمال إغلاق "فجوة سوالكي".

وأضاف "هي قضية معقدة من شأنها أن تؤثر بشكل خطير على قدرة حلفاء الناتو في حالة الأزمة."

وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أنه على عكس إستونيا ولاتفيا، لا يوجد في ليتوانيا عدد كبير من المتحدثين باللغة الروسية يمكن أن تحاول موسكو استغلاله، لكن المسؤولين في فيلنيوس (عاصمة ليتوانيا) يدركون جيدًا مخاطر التواجد بالقرب من كالينينغراد.

احتدام المعارك في شرق أوكرانيا
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن روسيا كثفت هجماتها للاستيلاء على مصنع كيماويات أصبح آخر معقل للقوات الأوكرانية في مدينة سيفيرودونتسك الإستراتيجية الشرقية، حيث دعت كييف إلى مزيد من المساعدات العسكرية واحتجزت اثنين من مسؤوليها للاشتباه في تجسسهما لصالح روسيا.

ونقلت الصحيفة عن حاكم لوغانسك، سيرغي غايداي، قوله إن جميع البلدات الإقليمية التي لا تخضع للسيطرة الروسية تتعرض للقصف من قبل قواتها، بينما تشن موسكو قصفًا مدفعيًا "لا هوادة فيه" في محاولة لاستكمال استيلائها على منطقة دونباس.

وأشارت إلى أن الصراع في أوكرانيا قد تحول إلى "حرب استنزاف"، حيث نشرت روسيا مدفعية ثقيلة تفوق تسليح القوات الأوكرانية، وذلك في وقت يناشد فيه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، القادة الغربيين لإرسال المزيد من الإمدادات من مدافع "الهاوتزر" وغيرها من الأسلحة الثقيلة لمواجهة القصف الروسي المستمر.

وفي غضون ذلك، بينت الصحيفة أن "جهاز أمن أوكرانيا"، وهو هيئة أمنية مكلفة بالتصدي لأنشطة التجسس ومكافحة الإرهاب، قد تحرك لتضييق الخناق على الأشخاص الذين يشتبه في أنهم يعملون لصالح روسيا في المناطق المحتلة وفي الهياكل الحكومية في أماكن أخرى.



ونقلت "وول ستريت جورنال" عن الجهاز الأمني قوله إنه احتجز رجلين يشتبه في قيامهما بالتجسس لصالح روسيا، أحدهما يعمل نائباً في مجلس الوزراء والآخر مدير إحدى الإدارات في غرفة التجارة والصناعة في البلاد.

وفي مقطع فيديو نُشر على تطبيق "تيليغرام"، قال المتحدث باسم الهيئة الأمنية الأوكرانية، أرتيم ديختيارنكو، إن المسؤولين نقلوا معلومات سرية إلى روسيا، تتراوح بين تفاصيل حول القدرات الدفاعية لأوكرانيا إلى البيانات الشخصية لموظفي إنفاذ القانون الأوكرانيين.

وأضاف ديختيارنكو، وفقاً للصحيفة الأمريكية، إن "الروس دفعوا مبالغ تصل إلى 15 ألف دولار إلى الرجلين". وقالت الصحيفة إن المسؤولين، اللذين لم يتم ذكر اسميهما في الفيديو، قد زعما أنه تم تجنيدهما من قبل "جهاز الأمن الفيدرالي الروسي"، لكنها أشارت إلى أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانا يتحدثان تحت الإكراه أو ما إذا كان لديهما تمثيل قانوني.

ومن جانبها، نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن غايداي قوله إن مدينة ليسيشانسك المجاورة لسيفيردونتسك على الضفة الغربية قد تعرضت للقصف "بشكل جماعي"، في حين حذر محللون من اختراق روسي قريب.

ونقلت "الغارديان" عن كونراد موزيكا، وهو محلل عسكري غربي، قوله إن الوضع في ليسيتشانسك بدا "قاتمًا بشكل متزايد بالنسبة للأوكرانيين" بعد أن كسر الروس خطوط الدفاع بالقرب من قريتي توشكيفكا وأوستينيفكا إلى الجنوب.

وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن غايداي قد اعترف بأن "الوضع على طول جبهة لوغانسك بأكملها صعب للغاية" في منشور سابق على قناته على "تيليغرام"، قائلاً إن روسيا تشن "هجومًا واسع النطاق" باستخدام قوات الاحتياط.

وأضافت، أن "الاستيلاء على سيفيرودونتسك وليسيتشانسك من شأنه أن يسلم روسيا كل إقليم لوغانسك، إحدى منطقتين في دونباس. وقد يكون هدف موسكو أن تثبت للغرب قدرتها على تحقيق نصر عسكري قبل اجتماعات قمة الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تبدأ، غداً الخميس".

العقوبات.. و"ازدهار" صادرات النفط
وفي هذا الصدد، بينت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن التحرك الغربي ضد روسيا بسبب حربها على أوكرانيا لم يأت بثماره في خنق الاقتصاد فحسب، بل تسبب في ازدهار صادرات النفط الروسية، على الأقل في الوقت الحالي.



وقالت الصحيفة في تحليل لها إنه مع شراء الصين والهند للنفط الروسي الذي نبذه الغرب في محاولة لفرض إنهاء الغزو الأوكراني، تكسب موسكو الآن أكثر مما كانت تربحه قبل الحرب، وذلك بعدما اندفعت كل من الصين والهند لشراء الكمية ذاتها تقريبًا من النفط الروسي التي كانت ستذهب إلى الغرب.

وأضافت الصحيفة "عندما تحركت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتقليص مشترياتهما من الوقود الأحفوري الروسي هذا العام، كانا يأملان أن يساعد ذلك في جعل الغزو الروسي لأوكرانيا مؤلمًا اقتصاديًا لموسكو لدرجة أن بوتين سيخضع في النهاية"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة فشلت، حتي وإن كانت بشكل مؤقت.

وتابعت "أسعار النفط مرتفعة للغاية لدرجة أن روسيا تجني أموالاً أكثر الآن من المبيعات مما كانت عليه قبل بدء الحرب؛ أي قبل أربعة أشهر. وارتفعت قيمة العملة الروسية التي كانت متعثرة في السابق مقابل الدولار."

وأشارت إلى أن "المسؤولين الروس يسخرون مما يصفونه بالفشل الذريع في إخضاع رئيسهم والتسبب في ألم اقتصادي جراء مقاطعة النفط"، مؤكدة أن "الألم لا يتردد كثيرًا في موسكو ولكن في الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، إذ يشكل الارتفاع الشديد في أسعار النفط تهديدًا قويًا للرئيس، جو بايدن."

وذكرت "نيويورك تايمز" في تحليلها، أنه على الرغم من أن روسيا تبيع النفط بخصم كبير بسبب المخاطر المرتبطة بالعقوبات المفروضة على غزو أوكرانيا، إلا أن ارتفاع أسعار الطاقة قد عوض ذلك، إذ حصلت روسيا على 1.7 مليار دولار الشهر الماضي أكثر مما حصلت عليه في أبريل الماضي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com