بعد إشارة نصر الله إلى خليج حيفا.. كيف أصبح مصير لبنان رهينة للصراع بين "حزب الله" وإسرائيل؟
بعد إشارة نصر الله إلى خليج حيفا.. كيف أصبح مصير لبنان رهينة للصراع بين "حزب الله" وإسرائيل؟بعد إشارة نصر الله إلى خليج حيفا.. كيف أصبح مصير لبنان رهينة للصراع بين "حزب الله" وإسرائيل؟

بعد إشارة نصر الله إلى خليج حيفا.. كيف أصبح مصير لبنان رهينة للصراع بين "حزب الله" وإسرائيل؟

قرأ محللون في خطاب الأمين العام لمنظمة "حزب الله" اللبنانية، حسن نصر الله، أمس الجمعة، أن خروج لبنان من النفق المظلم الذي جذب إليه خلال السنوات الأخيرة أصبح أقرب إلى الخيال، على الأقل في الوقت الراهن، إذا سقط اللبنانيون بين شقي الرحى، وتحولوا بالكامل إلى رهينة للصراع بين الذراع الإيرانية في بلادهم وبين إسرائيل، وكل منهما يسعى إلى تحقيق نقاط وإنجاز سياسي وعسكري وإستراتيجي يخدم مصلحته الشخصية على حساب الدولة والشعب اللبناني بالكامل.

وتتهم إسرائيل منظمة "حزب الله" بتدبير انفجار مرفأ بيروت لصرف الأنظار عن قرار المحكمة الدولية المشكلة من قبل الأمم المتحدة بشأن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري العام 2005، أو على الأقل تحمّلها المسؤولية عن تخزين مواد قابلة للانفجار في مرفأ بيروت.



وتتمسك برواية أن هذه المواد كانت بصدد استخدامها ضمن منظومة صناعة الصواريخ ضد أهداف إسرائيلية، فيما لم توجه المنظمة الشيعية أصابع الاتهام لإسرائيل هذه المرة، إذ كان الأمر سيعني أن عليها الاستعداد لتوجيه رد مزلزل، بشكل مفترض.

وظهر نصر الله، الجمعة، عبر خطاب متلفز، نفى خلاله أن تكون للمنظمة الشيعية مواد قابلة للاشتعال في المرفأ، كما أشار إلى أن المرفأ لا يقع تحت سيطرة "حزب الله"، وأن الأخير يعرف ميناء حيفا أفضل من معرفته بميناء بيروت.

بين شقي الرحى 

وأضاف نصر الله:"ميناء بيروت ليس مسؤوليتنا، ولكن ميناء حيفا جزء من إستراتيجية لبنان الدفاعية"، الأمر الذي لم يمر مرور الكرام في إسرائيل، والتي وجدت تفسيرًا لإشارة نصر الله إلى خليج حيفا في خطابه، الذي لم يشر خلاله إلى إسرائيل والتوترات معها أكثر من ذكره لخليج حيفا.

وتحمل إشارة الأمين العام للمنظمة الشيعية إلى خليج حيفا أوجهًا مختلفة، وربما تلخص الهدف من الخطاب بأسره، إذ يمكن تفسيرها من باب التهديد.



ويمكن اعتبار إشارته تلك من باب الاتهام المبطن لإسرائيل بالتورط في كارثة مرفأ بيروت، كما يمكن النظر إليها من باب استعراض القوة والتشبث بالموقف السياسي والعسكري لـ "حزب الله"، على الرغم من الاحتقان الكبير ضده في الشارع اللبناني، ورسالة بأنه ليس بصدد تغيير سياساته القائمة على وضع لبنان رهينة ضمن صراعه مع إسرائيل.

إسرائيل بدورها وضعت لبنان بأسره أيضًا رهينة، وحددت إستراتيجيتها الجديدة كأحد دروس حرب العام 2006، على أساس تحميل الدولة اللبنانية والجيش النظامي المسؤولية عن أنشطة "حزب الله"، وذكرت العديد من الدراسات الإسرائيلية أن الإستراتيجية الجديدة تقوم على وضع جميع المؤسسات والمرافق العامة والبنى الحرجة من محطات مياه، وكهرباء، وشبكات الطرق والجسور، وشبكات الاتصالات، ضمن قائمة أهداف الجيش الإسرائيلي في أي حرب مقبلة مع "حزب الله".

تهديد لإسرائيل 

وقرأ أغلب المراقبين والمحللين الإسرائيليين خطاب الأمين العام لمنظمة "حزب الله" اللبنانية، الجمعة، من زاوية أنه حمل تهديدًا مباشرًا باستهداف منطقة خليج حيفا شمال إسرائيل، حيث توجد مستودعات ومخازن تحوي مواد قابلة للاشتعال، على الرغم من إخلاء خزان يحتوي على نترات الأمونيوم هناك قبل 3 أعوام، وهو الخزان الذي كان يحوي قرابة 12 ألف طن من المادة ذاتها التي تسببت في كارثة مرفأ بيروت.

وأشار المحلل السياسي في صحيفة "دافار ريشون"، أورئيل ليفي، إلى أن الأمين العام لـ "حزب الله" ركز على صد الهجوم بحق المنظمة، والاتهامات الموجهة إليها بشأن تحمل مسؤولية الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، يوم الثلاثاء، واحتمال وجود مواد قابلة للانفجار تستخدمها المنظمة ضمن منظومة صناعة الصواريخ.

وأضاف أن الأمين العام للمنظمة الشيعية لم يتغافل عن التحرش بإسرائيل، إذ أشار إلى أن لدى "حزب الله" معرفة بميناء حيفا ومحتوياته أكثر من معرفته بما هو موجود في مرفأ بيروت، الذي لا يقع تحت مسؤوليته، كما يقول.

الحرب الثالثة 

لكن محلل الشؤون العربية الشهير بقناة "أخبار 13"، تسيفي يحزقيلي، أشار في حديث إذاعي نقلته صحيفة "معاريف" مساء الجمعة، إلى أن المواد التي تسببت في الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت كانت ستستخدم لضرب إسرائيل فيما أطلق عليها "الحرب الثالثة"، وأضاف:"أرى أن نصر الله هو المتهم والمسؤول الرئيس الذي أمر بتخزين نترات الأمونيوم في مخازن داخل الميناء".

واتهم المحلل الإسرائيلي نصر الله بجلب هذه المواد إلى الميناء لاستخدامها ضد إسرائيل، كما اتهمه بالأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان، والعقوبات التي طالتها في ظل هذه الأزمة بسبب منظمته، هذا بخلاف تسببه في بقاء خطر الحرب مع إسرائيل قائمًا طيلة الوقت.

وأكد يحزقيلي على أن نترات الأمونيوم هي من أكثر المواد سهولة من حيث الوصول للمنظمات شبه العسكرية والتنظيمات الإرهابية، إذ تستخدمها لإحداث تفجيرات مدوية، مضيفًا:"كانت هذه المواد ستستخدم ضدنا في حرب لبنان الثالثة، هذا أمر واضح، من يمتلك كميات هائلة من المواد القابلة للانفجار؟ بالطبع لدى حزب الله ماضٍ زاخر بامتلاك هذه المادة، إذ تحاول المنظمة منذ 2011 البحث عن مصدر لها حول العالم، لقد سعت للحصول عليها من دول تتسم بالحماقة"، على حد وصفه.

برميل بارود 

وبين أن لجان التحقيق التي ستتشكل ستصل في النهاية إلى نتيجة بأن نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت كانت تخص "حزب الله"، لافتًا إلى أن أحدًا في لبنان لن يتجرأ على اتهام نصر الله بذلك، لكنهم سيكتشفون أنه كان قد وضع اللبنانيين فوق برميل متفجر.

وفيما يتعلق بتأثير الانفجار على إسرائيل، أشار يحزقيلي إلى أن الأمر مرهون بلبنان نفسه، مضيفًا:"لبنان بلد مُدمر، بلا مستقبل، وحتى لو قال اللبنانيون لحزب الله كفى عليك أن تلقي سلاحك، لا يمكن بناء دولة داخل الدولة، يمكن أن يسبب الأمر مواجهات ودماء كثيرة، لأن نصر الله لن يتنازل"، لافتًا إلى أنه على قناعة بأن الأمين العام لـ "حزب الله" لا يعتزم الذهاب إلى أي مكان آخر.



يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد أشار إلى مرفأ بيروت على خريطة تحدد سلسلة مواقع في بيروت وغيرها، ورمز إليه بـ "Site 1، "خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أقل من عامين، وذكر أن المواقع تستخدم لتخزين صواريخ وأسلحة لـ "حزب الله" داخل الكتل السكنية والمواقع المدنية.



إملاءات نصر الله 

وعول العديد من المراقبين الإسرائيليين عقب انفجار المرفأ على أن الكارثة ستسبب ضغوطًا كبيرة للغاية على "حزب الله" من قبل الشارع اللبناني، وربما تؤدي في النهاية إلى تغير المسار وتحول المنظمة الشيعية إلى مجرد حزب سياسي ينخرط في الحياة العامة في لبنان بشكل طبيعي.

لكن رئيس قسم الشؤون الخارجية بموقع "واللا" الإخباري العبري، غاي إلستر، أشار بدوره إلى أن خطاب نصرالله المتلفز الذي حمل تهديدًا ضد إسرائيل، بشأن ميناء حيفا، يؤشر على أن الأمين العام للمنظمة بات حاليًا "الرجل الأقوى" في لبنان وليس العكس، وأن التوقعات كانت ترجح أن تلقي شخصيات أخرى لبنانية خطابات للشعب وللعالم وليس نصر الله، الذي كان قد أرجأ خطابًا كان يفترض أن يلقيه قبل يومين.

وافترض إلستر في تقريره، مساء الجمعة، أن خطاب نصر الله استهدف "إملاء" سبب الكارثة على الجميع، وترسيخ فرضيات تصب في اتجاهات محددة، مثل الإهمال أو العمل الخارجي، فضلًا عن إبعاد الاتهام عن المنظمة حيث اعتبر اتهامها ينطوي على "تجني كبير جدًا".

ونوه إلى كون الانفجار استبق قرار المحكمة الدولية الخاصة التي أسستها الأمم المتحدة ولبنان العام 2007، لمحاكمة المتهمين في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري العام 2005، والذي كان يفترض أن يصدر الجمعة، في القضية التي يحاكم فيها 4 متهمين ينتمون لـ "حزب الله"، لكن كارثة المرفأ تسببت بتأجيل صدور القرار، وبدلًا من ذلك ظهر نصر الله في خطاب متلفز.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com