"فورين أفيرز": "كورونا" فرصة أمريكا لانتزاع تنازلات استراتيجية من إيران
"فورين أفيرز": "كورونا" فرصة أمريكا لانتزاع تنازلات استراتيجية من إيران"فورين أفيرز": "كورونا" فرصة أمريكا لانتزاع تنازلات استراتيجية من إيران

"فورين أفيرز": "كورونا" فرصة أمريكا لانتزاع تنازلات استراتيجية من إيران

رأت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن جائحة كورونا يمكن أن تكون فرصة أمام الولايات المتحدة للضغط على إيران من أجل الحصول على تنازلات.

وقالت المجلة في تحليل إخباري: إنه "قبل 5 أعوام، بدا أن الولايات المتحدة وإيران تتحركان نحو علاقات أكثر انفتاحا، ففي 2015 تفاوضت الولايات المتحدة و5 قوى عالمية على اتفاق يقضي بالحدّ من القدرات الإيرانية لامتلاك الأسلحة النووية، وفرض أشدّ نظام تفتيش نووي في تاريخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وجاء في التحليل، أنه "وفقا لجزء من هذا الاتفاق، فإن الولايات المتحدة رفعت التجميد عن بعض الأصول الإيرانية، وألغت بعض العقوبات، ما سمح لإيران بتصدير النفط، والسعي للحصول على الاستثمار الأجنبي لإحياء الاقتصاد المتعثر بشدة".

وبحسب المجلة، فإن "الموقف تغير بصورة مفاجئة في مايو 2018، عندما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقرار أحادي الجانب من الاتفاق، رغم أن شركاء الولايات المتحدة في الاتفاق أكدوا جميعهم التزام إيران، وطالب ترامب إيران بالتخلص من برامجها النووية المدنية والعسكرية، ووقف التجارب الصاروخية وإنتاج الصواريخ، وإنهاء دعمها لوكلائها الإرهابيين، وفرض ترامب أيضا عقوبات على شركات أوروبية تتعامل مع إيران، مع وجود عقوبات إضافية تستهدف حرمانها من الأسواق الأمريكية".

وأردفت أنه "منذ ذلك الوقت، انزلقت الأمور إلى منحنى خطير، ففي يناير الماضي اغتالت الولايات المتحدة الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في غارة بالقرب من مطار بغداد، وهو ما أدى إلى هجوم انتقامي على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق، ما أسفر عن إصابة 60 جنديا أمريكيا".

وتابعت أن "الولايات المتحدة ردت بفرض عقوبات على صناعات إيرانية ومسؤولين إيرانيين بارزين ضالعين في الهجوم، وفي أبريل الماضي اقتربت زوارق بحرية إيرانية من سفن حربية أمريكية في الخليج، وهو ما دفع ترامب نحو توجيه تحذيرات شديدة اللهجة بالانتقام، وتحركت طهران أيضا نحو زيادة تخصيب اليورانيوم، وتشغيل أجهزة طرد مركزية كانت متوقفة منذ فترة طويلة بعد التوصل إلى الاتفاق النووي، كما أغلقت الأبواب أمام تفتيش مواقعها النووية".



العصا والجزرة

وأشارت "فورين أفيرز" إلى أنه  "لا يمكن بطبيعة الحال أن نرى التصرفات الإيرانية الخبيثة من خلال نظارات وردية اللون، ويجب مواجهتها بمزيد من النفوذ القوي والدبلوماسية، لكن في ظل أن الاتفاق النووي لم يعُد قادرا على كبح العدوان الإيراني، فإن واشنطن يجب أن تتطلع إلى وسائل أخرى لمنع نشوب الصراع".

وأوضحت أن "فيروس كورونا يمثل فرصة مثالية ممكنة لمنع التصعيد، وذلك عبر المساعدات الإنسانية، وتعرضت إيران لضربة غير مسبوقة نتيجة الجائحة، وهو ما يمنح واشنطن فرصة غير متوقعة لتقديم المساعدات وتخفيف العقوبات، مقابل الحصول على تنازلات استراتيجية من إيران، إذا لم تستغل واشنطن هذه الفرصة، فإن خطر سوء الفهم المشترك الذي يمكن أن يتحوّل إلى العنف يمكن أن يتصاعد".

فرصة لترامب

وأفادت بأن "إيران طلبت قرضا بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي؛ لمواجهة الدمار الاقتصادي الذي لحق بها نتيجة فيروس كورونا، لكن إدارة ترامب عرقلت هذا الاتفاق، وما تسبب في تفاقم الأمور أن معظم الشركات والبنوك الدولية قلّصت، أو أوقفت أعمالها مع إيران؛ خوفا من تعرضها لعقوبات أمريكية".

وذهبت المجلة إلى أنه "يتعين على الولايات المتحدة أن تستغل تلك الفرصة، وبدلاً من الوقوف أمام طريق التعافي، فإنها تستطيع استخدام المساعدات الإنسانية لتخفيف التوترات والحصول على تنازلات من إيران".

ورأت أن "الخطوة الأولى التي يمكن أن تقوم بها واشنطن هي التخلي عن معارضتها لحصول إيران على قرض صندوق النقد الدولي، مقابل ذلك، يمكن أن تطلب الولايات المتحدة أن تنضم إيران إلى الهدنة التي أعلنتها السعودية في اليمن؛ كي تكون هناك فرصة لتوصيل المساعدات الضرورية، وإنهاء الكارثة الإنسانية والحدّ من التوترات بين السعودية وإيران".

ولفتت إلى أنه "الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي سيؤدي إلى تقويض الحرس الثوري الإيراني، الذي يقدم المساعدات الطبية إلى النظام الصحي الإيراني، ويلقي باللوم على العقوبات الأمريكية في نقص المعدات، ويعزز شعبيته على حساب الولايات المتحدة".

وأشارت المجلة، إلى أنه "إضافة إلى رفع القيود عن الأموال الإيرانية من صندوق النقد الدولي، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تشجّع الأمين العام للأمم المتحدة على إلغاء الشروط المسبقة المفروضة على المساعدات الموجهة إلى الدول المتأثرة بالفيروس مثل إيران، ويمكن أن تشير وحدة وزارة الخزانة الأمريكية إلى موافقتها على تلك المبادرة من خلال التأكيد على أن الجهود التي سيقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة لن تكون عرضة للحظر الأمريكي".

في المقابل، اعتبرت المجلة أن واشنطن تستطيع الضغط على إيران لوقف تخطي الحدود الفاصلة في الاتفاق النووي الإيراني العام 2015، والتراجع عن إجراءات تخصيب اليورانيوم، والتعاون بشكل كامل مع إجراءات التفتيش النووية.

ونوهت إلى أنه "في ظل الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران بحظر بيع وشراء الأسلحة التقليدية، الذي من المقرر أن ينتهي في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، فإن إدارة ترامب والكونغرس يسعيان إلى تمديد هذا الحظر، وهو أمر غير مضمون على الإطلاق، لأنه يتطلب موافقة مجلس الأمن، في ظل تلاشي نفوذ الولايات المتحدة مع حلفائها وخصومها، بعد قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي".



استراتيجية مزدوجة

من أجل تمديد هذا الحظر، فإن الولايات المتحدة يتعين عليها أن تمنح شيئا في المقابل إلى دول أوروبية والصين وروسيا، يتمثل في إلغاء بعض العقوبات الثانوية على شركاتها، وإجبار إيران على التراجع عن انتهاكاتها للاتفاق النووي الأصلي كبادرة للالتزام التام.

واعتبرت أن "المزيج بين المساعدات الإنسانية وإجراءات بناء الثقة التي يمكن تطبيقها على مراحل يمكن أن يمهد الطريق أمام منع تصعيد الصراع مع إيران، ويمكن أن تؤدي تلك الخطوات إلى إعادة الولايات المتحدة وإيران إلى مائدة التفاوض، لتحسين وتمديد الاتفاق النووي، وحتى لو لم يحدث ذلك، فإن تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية والاقتصادية في إيران يمكن أن يضع الدولتين في وضع أفضل للمساعدة على إبطاء تفشي فيروس كورونا، وتمهيد الطريق أمام تعاون مستقبلي".

واختتمت المجلة تقريرها بالقول: إنه "إذا كانت هناك رغبة في النجاح، فإن واشنطن وطهران يتعين عليهما تنحية الكبرياء جانبا، والتعاون سويا. وسيكون البديل هو تصعيد التوترات، والتراشق العسكري المتبادل، ما سيؤدي إلى تفاقم الوباء، وتصاعد فرص الحرب غير المقصودة والخطيرة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com