وقودها صغار الدول الأعضاء.. معركة في دهاليز الاتحاد الأوروبي حول سعي إسرائيل إلى ضم المستوطنات
وقودها صغار الدول الأعضاء.. معركة في دهاليز الاتحاد الأوروبي حول سعي إسرائيل إلى ضم المستوطناتوقودها صغار الدول الأعضاء.. معركة في دهاليز الاتحاد الأوروبي حول سعي إسرائيل إلى ضم المستوطنات

وقودها صغار الدول الأعضاء.. معركة في دهاليز الاتحاد الأوروبي حول سعي إسرائيل إلى ضم المستوطنات

قبل شهرين من كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لإحلال السلام في الشرق الأوسط في 28 كانون الثاني/يناير الماضي، كان وزير خارجية لوكسمبورغ واثقًا من أن ترامب سيحيد عن موقف الاتحاد الأوروبي ويعترف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.

وحذر الوزير جان أسلبورن في رسالة كتبها إلى زملائه في الاتحاد الأوروبي، في الأول من كانون الأول/ديسمبر الماضي، من أن الحل الدائم القائم على أساس وجود دولتين إسرائيلية وفلسطينية "يتمزق إربًا إربًا يومًا بعد يوم".



وفي خطوة تنم عن تأكيد الذات في لوكسبورغ، التي يبلغ عدد سكانها 626 ألف نسمة، وهي عضو مؤسس في الاتحاد الأوروبي، حث أسلبورن الاتحاد على "التحدث بصوت قوي وموحد" والدفاع عن عالم "ينتصر فيه حكم القانون لا حكم الأقوى".



ويخشى المسؤولون في الاتحاد الأوروبي من أن تهدم خطوة إسرائيلية من جانب واحد مساعي السلام التي بُذلت على مر السنين.

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية وقطاع غزة، سفين كون فون بورجسدورف، إن حل الدولتين "هو السبيل الوحيد لتحقيق تقدم صوب ضمان السلام".

وأظهر فحص أجري على أساس وثائق داخلية ومقابلات مع أكثر من 24 دبلوماسيًا ومسؤولًا، أنه لا توجد إستراتيجية واضحة لدى الاتحاد الأوروبي حول كيفية منع خطة إسرائيل أو الرد عليها بطريقة وافية إذا ما مضت قدمًا في تنفيذها.

وقال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إنه في حين كان الاتحاد يتكلم في وقت من الأوقات بالإجماع فيما يتعلق بالسلام في الشرق الأوسط، وكانت الدول الأكبر فيه مثل فرنسا وبريطانيا قادرة على الهيمنة على المناقشات، فقد أصبح من الصعب الحفاظ على هذه الوحدة في العقد الأخير، إذ أصبحت دول أصغر أكثر تأكيدًا للذات، ونجحت إسرائيل في إقامة علاقات قوية مع الدول الأحدث في عضوية الاتحاد.



وقال مسؤول إسرائيلي مطلع إن أوروبا وإسرائيل تربط بينهما العديد من الشراكات في مجالات مختلفة، وإنه من المهم عدم إضعافها، مضيفًا أنه "في رأينا ينبغي ألا يهدد الشركاء كل الآخر أو يتجاوز بعضهم بعضًا".

وسلم دبلوماسي رفيع في الاتحاد الأوروبي، طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع، بأنه في حكم المؤكد تقريبًا أن يخفق الاتحاد في التوصل إلى الإجماع اللازم للعمل المشترك إذا ما حدث ضم الأراضي.

وأضاف الدبلوماسي:"من الجحيم في الاتحاد الأوروبي أن تحاول التوصل إلى موقف مشترك في هذا الشأن".

ضمير أوروبا والشعور بالذنب

ومع ظهور بوادر على احتمال ضم الأراضي، تحاول مجموعة من 8 دول على الأقل من الدول الأصغر الأعضاء في الاتحاد بقيادة لوكسمبورغ التصدي لنتنياهو، وتعتبر نفسها ضمير أوروبا، وتشدد على ضرورة إعلاء شأن القانون الدولي لأسباب منها أن الاتحاد نفسه تربطه القوانين.

ويقول دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن الدول الأخرى مع لوكسمبورغ في هذه المجموعة، هي: بلجيكا، وإيرلندا، والبرتغال، وسلوفينيا، والسويد، ومالطا، وفنلندا.

ورغم ضآلة النفوذ الدبلوماسي لمعظم هذه الدول، فإن لها حقوقًا لا تقل عن حقوق غيرها في مجالس صنع القرار المبنية على التوافق في الاتحاد الأوروبي.

وفي السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط، تشعر هذه الدول بوطأة التاريخ بدرجة أقل كثيرًا من ألمانيا، أقوى الدول الأوروبية نفوذًا، والتي لا تزال تحمل عبء الشعور بالذنب بسبب جرائم النازي في الحرب العالمية الثانية.

وفي مواجهة لوكسمبورغ وحلفائها، تقف دول، من بينها: المجر، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، والنمسا، واليونان، ولاتفيا، وقبرص، وبولندا، وكلها دول أبدت استعدادها للدفاع عن مصالح إسرائيل بدرجات متفاوتة، وفقًا لما قاله دبلوماسيون، وأوضحته برقيات ومحاضر اجتماعات ترد فيها تفاصيل المباحثات الدبلوماسية في بروكسل بين حكومات الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة في الاتحاد.

ويبرز هذا الخلاف من خلال محاضر المناقشات الداخلية في الاتحاد يومي السادس والثالث عشر من أيار/مايو الماضي، عندما ناقش سفراء الاتحاد دعوة أسلبورن للتحرك.



وقال المبعوث التشيكي خلال الاجتماع الذي عقد في، 13 أيار/مايو:"لا خطوات من جانب واحد" مستبعدًا بذلك إمكانية فرض الاتحاد إجراءات عقابية إذا ما مضت إسرائيل من جانبها بضم الأراضي، ثم عرقلت المجر أي محاولة لوضع بيان مشترك لكي يصدر عن اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في 15 أيار/مايو.

وقال 4 دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي إن من بين الدول الأكبر في الاتحاد انحازت فرنسا، التي يوجد فيها أكبر جاليتين من اليهود والعرب في أوروبا، وكذلك إسبانيا إلى لوكسمبورغ، لكنهما لا تلعبان دورًا بارزًا في المناقشات.

وكانت فرنسا وإسبانيا قد اعترضتا علانية على ضم الأراضي، لكن لم يحدد أي منهما رده على مثل هذا القرار.

وفي المنتصف بين المعسكرين، تقف الدنمارك، وهولندا، مع ألمانيا، وإيطاليا، وتنتقد إسرائيل في بعض الأحيان لكنها لا تجاهر بتأييد الفلسطينيين.

وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن برلين تعارض ضم الأراضي، وإنه إذا مضت إسرائيل قدمًا فيه فسيكون له ثمنه، غير أن الدبلوماسي قال إن فرض عقوبات اقتصادية من جانب الاتحاد الأوروبي مسألة بالغة الحساسية بالنسبة لبرلين.

وأضاف:"ألمانيا لن تدفع في هذا الاتجاه".

وقال أسلبورن (71 عامًا)، والذي يشغل منصب وزير خارجية لوكسمبورغ منذ منتصف العام 2004 ، إن مسألة ضم الأراضي تتجاوز الشرق الأوسط.

وقال خلال مقابلة هاتفية:"لا يمكننا أن نمزق القانون الدولي. ثمة مبادئ يتعين إعلاؤها"، مضيفًا:"أنت تخاطب أحد مواطني لوكسمبورغ، ويمكنني أن أقول لك إن بلدنا بلد صغير لكننا تعرضنا للاحتلال مرتين في القرن العشرين، ومن دون احترام القانون الدولي لن يكون لنا وجود بعد الآن".

ضغط

والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ أن قرابة ثلث الصادرات الإسرائيلية تتجه إلى أسواق الاتحاد.

وقال دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي إن بلجيكا من الدول التي تشعر أن بإمكان الاتحاد أن يستغل أداة الضغط هذه، وإنها طلبت من المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وضع قائمة بالإجراءات العقابية المحتملة التي قد تفرض على إسرائيل بما فيها التجارة.

ويقول دبلوماسيون في الاتحاد إن من الإجراءات الممكنة التي يُجرى بحثها في لقاءات خاصة في بروكسل: تعليق العمل باتفاق التجارة التفضيلية الذي يربط إسرائيل بالاتحاد الأوروبي، وحظر الواردات من المستوطنات، واستبعاد إسرائيل من برامج الأبحاث العلمية، وتبادل الطلاب.

وفي الرسالة التي بعث بها أسلبورن في، كانون الأول/ديسمبر الماضي، للوزراء الآخرين في الاتحاد، اقترح أن تنظر الدول الأعضاء في الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية، وهو ما لم تفعله حتى الآن سوى السويد.

وفي شباط/فبراير الماضي، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن ضم الأراضي"إذا نفذ فلا يمكن أن يمر دون تحد"، غير أن الافتقار إلى التوافق معناه عجزه عن إبراز ما قد ينطوي عليه مثل هذا التحدي.



وعلى النقيض، وافق الاتحاد الأوروبي بسرعة في 2014 على فرض عقوبات اقتصادية ثقيلة استهدفت القطاعات المالية، والدفاعية، والطاقة في روسيا، عندما انتزعت موسكو السيطرة على شبه جزيرة القرم في البحر الأسود من أوكرانيا، ولا تزال موسكو تحتفظ بهذه الأرض.

وقال النائب في البرلمان البلجيكي عن حزب الخضر، سايمون موتكين، إن"الدول الكبرى لم يكن لديها قط أي مشكلة بفرض إجراءات مضادة على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم، ولذا لماذا لا يفعلون الشيء نفسه مع إسرائيل؟ نحن بحاجة لمؤتمر".

ويشير دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء في الاتحاد إلى وجود قوي للأصوات المدافعة عن إسرائيل في بروكسل، إذ فتحت 10 جماعات ضغط على الأقل مكاتب لها في المدينة على مدار السبعة عشر عامًا الماضية، في وقت سعت فيه إسرائيل إلى تعزيز صورتها الدولية في أعقاب الانتفاضة الفلسيطينية الثانية و3 حروب في قطاع غزة.

وقال عضو البرلمان الأوروبي "أنتونيو لوبيز إستوريز وايت" الإسباني الذي يرأس وفد البرلمان لإسرائيل:"الإسرائيليون في غاية النشاط في بروكسل".

ويقول دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إنه ربما كان أبرز علاقة كونتها إسرائيل في العقد الأخير هي تلك التي وطدتها مع رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، صاحب الميول القومية.



ومن خلال المجر تحسنت علاقات إسرائيل مع مجموعة فيزغراد، وهي تحالف له وزنه في الاتحاد الأوروبي، يضم: المجر، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وبولندا.

وقال الدبلوماسيون إن نتنياهو وجد في أوربان حليفًا مستعدًا لإعاقة إصدار البيانات أو اتخاذ أي تدابير تنتقد إسرائيل حتى في مواجهة ضغوط مكثفة من عواصم أوروبية أخرى.

وبفضل أساليبه المعوقة، لم يستطع الاتحاد الأوروبي الاتفاق على موقف ملزم قانونًا من عملية السلام في الشرق الأوسط منذ العام 2016.

وفي الوقت الذي توجه فيه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى القدس للتحذير من ضم الأراضي، قال وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، عبر "فيسبوك"، في العاشر من حزيران/يونيو الجاري، إن "المجر ستواصل معارضة الأساليب السياسية الدولية الأحادية وغير العادلة ضد إسرائيل".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com