يتطلب "تحييد" العراق.. هل سيؤدي تطبيق "النموذج الفنلندي" إلى منع نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران؟
يتطلب "تحييد" العراق.. هل سيؤدي تطبيق "النموذج الفنلندي" إلى منع نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران؟يتطلب "تحييد" العراق.. هل سيؤدي تطبيق "النموذج الفنلندي" إلى منع نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران؟

يتطلب "تحييد" العراق.. هل سيؤدي تطبيق "النموذج الفنلندي" إلى منع نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران؟

رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن تجنب خطر اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران يقوم على تحييد العراق، مثلما حدث مع فنلندا أيام الحرب الباردة.
وقالت المجلة الأمريكية في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء: "في الوقت الذي يحتدم فيه وباء كورونا في جميع أنحاء العالم، ولا يزال الأمريكيون منقسمين حول إعادة فتح الاقتصاد، فإن النواب في الولايات المتحدة يبدون متحدين فيما يتعلق بقضية واحدة: الغالبية العظمى من النواب في الحزبين الديمقراطي والجمهوري بمجلس النواب يتفقون على ضرورة تجديد حظر الأسلحة التقليدية المفروض على إيران، والذي من المنتظر أن ينتهي في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل".



مخاطر سياسة ترامب
وفي الوقت الذي لا يمكن فيه الجدال في دعم إيران للإرهاب، وضرورة كبح فرص حصولها على الأسلحة التقليدية، فإن الضغوط الشديدة التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحمل خطرا أكبر، إذ يمكن أن يتم جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط.
ولذلك فإن استمرار الضغوط، ودعم تغيير النظام، والعمل على قطع الطريق أمام النظام للحصول على الموارد دون تقديم أي حوافز إيجابية أو إشارات تفيد بأن الالتزام يمكن أن تقابله مكافآت، من شأنه أن يشكل خطرا واسع النطاق من أن إيران يمكن أن تشنّ هجمات مباشرة على القوات الأمريكية، مثل الهجمات الانتقامية التي وقعت بعد اغتيال قائد قوة القدس، قاسم سليماني، أو من خلال تصعيد غير متعمد، مثلما حدث في أبريل/ نيسان الماضي، عندما اقتربت زوارق بحرية إيرانية سريعة من السفن الحربية الأمريكية في الخليج، وما كتبه ترامب بعد ذلك على "تويتر"، بأن البحرية الأمريكية يتعين عليها تدمير أي سفينة إيرانية تتحرش بالسفن الحربية الأمريكية.


وأشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة وإيران يمكنهما تجنّب تلك المواجهات التي يمكن بسهولة أن تتحول إلى حرب، من خلال الموافقة على تحييد العراق، أو تطبيق "النموذج الفنلندي" عليها.
ويقوم هذا الطرح على تحويل العراق لدولة محايدة، مثل: فنلندا خلال الحرب الباردة، بحيث تصبح منطقة لضبط النفس، والبُعد عن المنافسة على النفوذ.
ويخشى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن تقوم إيران بتوزيع أسلحتها الجديدة على وكلائها في المنطقة، العراق، سوريا ولبنان، وتُعيد تسليح نفسها، في الوقت الذي ستطلق فيه مجددا برنامجها النووي.
وتابعت المجلة قائلة: إن "إيران النووية والمسلحة جيدا بأسلحة تقليدية، لا يمكنها إيقاف سعيها نحو السيطرة على الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن الاقتصاد الإيراني أصبح ضعيفا نتيجة العقوبات الأمريكية وهبوط أسعار النفط. وحتى في حالة رفع الحظر، فإن إيران لن تستطيع الحصول على أطنان من الأسلحة الجديدة، والأهم من ذلك، أن إيران ليست فقط بعيدة عن امتلاك السلاح النووي، بل هي أيضا بعيدة كل البعد عن التمكن من وضع رأس نووي على صواريخها الباليستية، وفقا لما كشفه أحدث إطلاق صاروخي قامت به أخيرا".

توترات متصاعدة
توصف العلاقات الأمريكية الإيرانية بـ"السيئة" منذ سنوات طويلة، ولكن التوترات بدأت في التصاعد بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018، وإطلاق سياسة جديدة تُعرف باسم "الضغط المفرط".
وتفاقمت التوترات بعد اغتيال سليماني في يناير/ كانون الثاني 2020، وأدى ذلك إلى تصعيد درامي بين القوات الأمريكية والميليشيات المدعومة من إيران في العراق.


ومضت المجلة تقول: "تستطيع الولايات المتحدة وإيران التوافق على معاملة العراق بوصفه مجالا لضبط النفس أو منطقة على الحياد، مثلما اتفقت الحكومتان الأمريكية والسوفيتية على معاملة دول فنلندا والنمسا خلال الحرب الباردة. وسارت مثل هذا الاتفاقات على ما يرام بالنسبة لتلك الدول، بالإضافة إلى سويسرا والسويد. ولكن من المهم للغاية ملاحظة وجود اختلافات جوهرية بين تلك النماذج والموقف الخاص بالعراق الآن".
ومثل فنلندا، فإن إيران جار قوي للغاية للعراق، ولديها مصلحة كبيرة في السيطرة على الخيوط السياسية هناك، ويتواجد العراق في منطقة أصعب وأكثر تعقيدا مما كان عليه الوضع في فنلندا، والعراق في مواجهة تركيا والسعودية، ولديه حدود مع دول منهارة مثل سوريا، والسيادة الداخلية للعراق، على العكس من فنلندا في الأربعينيات، لا تزال قيد التطوير.



وتمتلك إيران ميليشيات بالوكالة في العراق، مثل وحدات الحشد الشعبي، في الوقت الذي تنشر فيه الولايات المتحدة قواتها هناك، وإيران لديها مصالح في العراق منذ القرن السادس عشر، منذ طرد الإمبراطورية الفارسية من العراق بواسطة العثمانيين، ومنذ عهد الشاه، دعمت إيران طموحات الأكراد وعززت علاقاتها مع الجماعات الشيعية هناك، بهدف منع ظهور منافس قوي على الحدود معها. وبعد الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، استغلت إيران الفوضى لمنع ظهور تهديد أمني جديد على حدودها مع العراق.

التزامات متبادلة
ولكن في ظل الوضع الحالي، فإن تحقيق هدف أن تصبح العراق مثل فنلندا سيتطلب العديد من الالتزامات من الجانبين.
أولاً: أن تلتزم الولايات المتحدة وإيران بوحدة العراق، وأن تكون لدى العراق الحرية الكاملة في منح الاستقلال بدرجات متفاوتة لأقاليمها ومناطقها المتعددة، وأن تمتنع الولايات المتحدة وإيران أيضا عن دعم أو الاعتراف باستقلال أي مناطق تخطط للانفصال، مثل الحكومة الإقليمية في كردستان.
وسيؤدي ذلك إلى طمأنة تركيا، التي تدير العديد من القواعد في تلك المنطقة، تحت ستار محاربة حزب العمال الكردستاني، لأنها تخشى من أن وجود دولة كردية عراقية مستقلة، سيؤدي إلى صراعات عرقية، ويمكن أن تشعل انتفاضة جديدة لسكانها الأكراد، وتخشى إيران أيضا من أن يصبح لدى الطائفة الكردية الدافع نحو الاستقلال، إذا حصلت الحكومة الإقليمية الكردية على استقلالها.
ثانياً: مثلما كان الوضع في اتفاقية الدولة النمساوية، توافق الحكومتان الأمريكية والإيرانية على سحب قواتهما، ويتضمن ذلك الجنود الذين يعملون تحت مظلة الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى القوات الأمريكية والمتعاقدين الأمريكيين. ولا يستطيع العراق استضافة أي قواعد عسكرية معادية للولايات المتحدة أو إيران. ويتم تسليم جميع القواعد العاملة حاليا إلى بغداد، أو حلّها.


ثالثاً: تقدّم الولايات المتحدة وإيران المساعدات إلى العراق، بشرط أن يتم تخصيص تلك المساعدات لتحسين قدرات الحكومة العراقية عسكريا بالنظر إلى السياسة الداخلية ومكافحة الإرهاب، على ان يتم قطع تلك المساعدات في حال فشل العراق في الوفاء بالمعايير التي وضعها كل من الولايات المتحدة وإيران.

تحول جذري
ورأت المجلة الأمريكية أن هذه الشروط ستؤدي إلى حدوث نقطة تحول جذرية في الموقف الذي دفع الولايات المتحدة وإيران نحو تصعيد وجودهما في العراق، لأن القوات العراقية وحدها لم تكن قادرة على محاربة تنظيم داعش الإرهابي. وفي الوقت ذاته فإن هذا السيناريو سيمنع تكرار العهد العدواني في العراق إبان حكم صدام حسين، وسيعمل على تعزيز قدرة العراقيين في محاربة الإرهابيين بأنفسهم. وفي النهاية فإن رفض الولايات المتحدة لوضع شروط للمساعدات المقدمة إلى العراق أدى إلى استحالة منع رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي من تشكيل حكومات طائفية.
وختمت المجلة تقريرها قائلة: "التناقض الذي تمثله حملة الضغط المفرط التي تمارسها إدارة ترامب على إيران، وتستهدف منع طهران من الحصول على الأسلحة، سيؤدي في الوقت ذاته إلى تعزيز احتمالات إقحام الولايات المتحدة في حرب أخرى. وهناك نهج يقوم على تحويل العراق إلى منطقة محايدة، واحترام المصالح الأمنية لكلا الطرفين".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com