كيف عمقت جائحة "كورونا" صراع الموساد والخارجية على كسب الصلاحيات في إسرائيل؟
كيف عمقت جائحة "كورونا" صراع الموساد والخارجية على كسب الصلاحيات في إسرائيل؟كيف عمقت جائحة "كورونا" صراع الموساد والخارجية على كسب الصلاحيات في إسرائيل؟

كيف عمقت جائحة "كورونا" صراع الموساد والخارجية على كسب الصلاحيات في إسرائيل؟

سلطت جائحة "كورونا" التي تضرب دول العالم، الضوء على تفاصيل صراع من نوع خاص للغاية داخل إسرائيل، التي تتزايد فيها أعداد المصابين بشكل دراماتيكي يوما تلو الآخر، إذ إن صراعا يدور حاليا بين وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة "الموساد"، من أجل الفوز بـ "دور البطولة"، عبر طرح قصص عن جهود وعمليات سرية تدور من خلف الكواليس لمكافحة الفيروس، مع أن هذه الجهود "السرية" تجد مكانا بارزا في وسائل الإعلام العبرية بعد يوم واحد من تنفيذها.

وتحاول هذه الكيانات الترويج لمزاعم بأنها بصدد تقديم خدمة للبشرية، وقبلها للإسرائيليين، إذ تقول الخارجية الإسرائيلية مثلا إنها حصلت على دواء من اليابان، وإن إسرائيل بذلك ستكون الدولة الأولى في العالم التي ستقوم بتجارب سريرية على مرضى أصيبوا بفيروس كورونا المستجد، هذا مع أن العديد من دول العالم قالت إنها بدأت أو بصدد البدء في اجراء اختبارات سريرية لتجربة فاعلية بعض الأدوية.  

وتناقلت وسائل الإعلام العبرية، أمس الثلاثاء، بيانا عممته وزارة الخارجية بدولة الاحتلال، كما نشرته عبر صفحتها الدعائية على موقع "الفيس بوك" التي تحمل إسم "إسرائيل بتتكلم عربي"، أشار إلى أن إسرائيل جلبت دواء تجريبيا لفيروس "كورونا" من اليابان ضمن "عملية سرية"، وأنها ستبدأ تجربته على المرضى بالمستشفيات، لافتة إلى أن الدواء يسمى "افيجن/ "Avigan وأنه جاء بالتنسيق مع سفارة تل أبيب هناك.

ولفت البيان إلى أن الدواء سيتم استخدامه في مستشفى "هداسا" بالقدس و"إيخيلوف" في تل أبيب، و"بوريا" في طبريا، و"سوروكا" في بئر السبع، مشيرة إلى أن الحصول على الدواء التجريبي تم بفضل العلاقات الدبلوماسية المتطورة مع طوكيو والاعتراف بمستوى البحث الإسرائيلي.

الموساد وعملياته السرية

وعدا "العملية السرية" التي نفذتها الخارجية الإسرائيلية، تردد هذا المصطلح أكثر من مرة خلال الأسابيع الأخيرة، إذ نسب جهاز الموساد لنفسه تنفيذ مهمة سرية أواخر الشهر الماضي، أدت إلى جلب معدات ومستلزمات طبية من إحدى الدول التي لا تجمعها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، قبل أن يتبين أن ما جلبه الموساد يختلف تماما عما طلبته وزارة الصحة هناك.

وقبل أيام أيضا، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الموساد نفذ عملية سرية في دولة أجنبية، ونجح في جلب شحنة تضم 27 جهاز تنفس اصطناعي، و10 ملايين كمامة طبية وعشرات آلاف من أجهزة فحص الفيروس، مشيرة إلى ان تلك هي العملية السرية الثانية التي ينفذها الجهاز في غضون أسبوعين.

ومع تفشي جائحة كورونا في إسرائيل، كلف رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو جهاز الموساد ورئيسه يوسي كوهين، بالتعاون مع وزارة الصحة ومع هيئة الأمن القومي برئاسة مئير بن شابات، وهذا الأخير كان مكلفا في بداية الأزمة بالتواصل مع دول العالم لمنع حدوث أزمات دبلوماسية، وقت أن كان مجرد الحديث عن حظر الطيران مع إحدى الدول كفيلا بإحداث أزمة في العلاقات.

وواجه بن شابات انتقادات حادة على خلفية عدم قيامه بدوره، وحينما أصبح من الطبيعي أن يتم حظر الطيران في جميع أرجاء العالم، لم يعد له دور واضح، ومن ثم دخل الموساد في الصورة، وبدأ الإعلام العبري يتحدث عن دور سري، لتصبح إسرائيل هي البلد الوحيد الذي يتحدث عن إنجازات مفترضة لجهاز الاستخبارات في ظل أزمة "كوفيد -19".  

الموساد أم الخارجية؟

وعلى خلفية طبيعة عمله في مجال الاستخبارات الخارجية والعمليات الخاصة والسرية، لم يكن من الواضح في البداية ما هو الدور الذي سيلعبه هذا الجهاز، إذا وضع بالاعتبار أنه سيعمل إلى جوار وزارة الصحة، ومن ثم تلقى رئيسه كوهين تكليفا من نتنياهو بتشكيل غرفة عمليات تعمل على صعيد توفير المستلزمات الطبية من الخارج، وعمل فريق تابع للجهاز بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة، أي أن دوره أشبه بـ "جلب قائمة مشتريات من الخارج تحددها وزارة الصحة".

وقبل أن تنتشر مخاوف من إمكانية إصابة رئيس الموساد بالفيروس على خلفية عمله إلى جوار وزير الصحة يعكوف ليتسمان، الذي تم إعلان إصابته مؤخرا، وجدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن المزيد من الأدوار التي ينبغي أن تباشرها أصبحت في عهدة جهاز الاستخبارات، الذي يعد رئيسه من المقربين بشدة لنتنياهو وعائلته.

وحاولت وزارة الخارجية إبراز دورها في مكافحة الأزمة، من زاوية أنها الكيان المسؤول عن إدارة وتخطيط ملف العلاقات الخارجية مع دول العالم، وهو الملف الذي فقدته تباعا في السنوات الأخيرة، بعد أن انتقلت أجزاء كبيرة منه إلى الموساد.

وجاء إعلان الخارجية الإسرائيلية أمس بشأن الدواء الجديد الذي جلبته من اليابان، في نفس الإطار، ونقلت "قناة 20" العبرية، أمس الثلاثاء، عن وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال يسرائيل كاتس، أنه يثني بشدة على الجهود التي أثمرت عن الخطوة، ووجه الشكر للسفارة الإسرائيلية في طوكيو التي تعاونت مع وزارة الصحة، ولا سيما نجاحها في جلب أحد البحوث العلمية المتقدمة من اليابان على علاقة بالتجارب السريرية باستخدام الدواء المذكور.

ونوه كاتس إلى أن وزارة الخارجية في هذه الأيام تقف في طليعة العمل وفي الجبهة الأمامية في النضال لمكافحة جائحة كورونا، بالتعاون مع الكيانات الحكومية الأخرى من أجل توفير المعدات الطبية والأدوية المطلوبة فضلا عن الحلول الطبية لمواجهة (كوفيد – 19).

سبب الصراع

لم تنشب الأزمة بين الخارجية الإسرائيلية والموساد على خلفية تفشي جائحة كورونا، ولكنها أزمة تعود لسنوات منذ أن بدأ نتنياهو منح الموساد صلاحيات واسعة بشأن ملف العلاقات الخارجية، واكتشاف الوزارة أن الدور المنوطة به، ولا سيما أن لديها ذراعا معلوماتية أيضا، يُسلب منها تدريجيا، وأن بعض الأنباء عن اتصالات إسرائيلية مع دول محددة تصلها من وسائل الإعلام فقط، من دون أن يكون لديها علم بها.

بلغت هذه الأزمة ذروتها في تموز/ يوليو 2019، حين تحدث الإعلام العبري عن حالة من الاحتقان تنتاب وزارة الخارجية الإسرائيلية على خلفية تدخل كوهين في إجراءات تعد من صميم اختصاصاتها، ومن دون التشاور معها، ولا سيما عقب إعلان افتتاح مكتب تمثيل دبلوماسي إسرائيلي في سلطنة عمان.

وذكرت مصادر بوزارة الخارجية الإسرائيلية حينذاك، أن هناك حالة من الاحتقان والغضب ضد رئيس الموساد الذي يقود جهاز الاستخبارات الخارجية نحو سحب المزيد من صلاحيات الوزارة، التي تعاني بالأساس من أزمات لا تتوقف طوال السنوات الماضية.

ولفتت إلى أن إعلان كوهين بشأن افتتاح مكتب التمثيل الدبلوماسي الخاص بوزارة الخارجية في سلطنة عمان "شكل صدمة بالخارجية الإسرائيلية"، حيث علم كبار مسئولي الخارجية الإسرائيلية بهذا الأمر من خلال خطاب ألقاه كوهين فقط.

وأضافت أن الجهاز الذي يرأسه كوهين هو من نظم زيارة نتنياهو إلى السلطنة في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وكان كوهين نفسه من بين أعضاء الوفد الإسرائيلي.

وتسود قناعة لدى مسئولين بالخارجية الإسرائيلية أن كوهين ورئيس هيئة الأمن القومي مئير بن شابات، يعملان على سلب صلاحيات الوزارة والسيطرة على اختصاصاتها، وأن التعليمات الخاصة بتوجيه ضربة للخارجية جاءت من نتنياهو نفسه، كما أن الموساد وهيئة الأمن القومي لا يطلعان وزارة الخارجية على المستجدات ويعملان من وراء ظهرها، ليس فقط فيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط، ولكن أيضا في ساحات أخرى مثل الساحة الأفريقية، هذا قبل أن يظهر ملف "كوفيد -19" الذي يتطلب اتصالات مع دول العالم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com