مع انهيار "أزرق أبيض".. كيف حول نتنياهو الساحة السياسية الإسرائيلية إلى "مسرح دُمى"؟
مع انهيار "أزرق أبيض".. كيف حول نتنياهو الساحة السياسية الإسرائيلية إلى "مسرح دُمى"؟مع انهيار "أزرق أبيض".. كيف حول نتنياهو الساحة السياسية الإسرائيلية إلى "مسرح دُمى"؟

مع انهيار "أزرق أبيض".. كيف حول نتنياهو الساحة السياسية الإسرائيلية إلى "مسرح دُمى"؟

تحققت تقديرات العديد من المراقبين الإسرائيليين بشأن مدى صدق نوايا بيني غانتس، زعيم حزب "حوسن ليسرائيل"، لقيادة كتلة اليسار – الوسط نحو وضع حد لسلطة اليمين بقيادة "الليكود"، بعد أن قاد تحالف "أزرق أبيض" إلى الانهيار، في وقت كانت أمامه فرصة تاريخية لتشكيل حكومة ضيقة تحظى بدعم 61 نائبا.

 لكنه كما يقول البعض "قفز من السفينة" متسببا في تفكك أقوى تحالف يساري – وسطي ظهر في الفترة الأخيرة، منذ انهيار تحالف "المعسكر الصهيوني" بشكل تدريجي.

وقاد غانتس تحالفا سياسيا من ثلاثة أحزاب حمل اسم "أزرق أبيض" منذ كانون الثاني/ يناير 2019، استعدادا لخوض انتخابات الكنيست الـ21 وقتها، وبعد ثلاث معارك انتخابية، أتيحت له أهم فرصة لتشكيل حكومة تحظى بدعم "القائمة العربية المشتركة" وحزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، إلا أنه اختار الانضمام إلى حكومة وحدة محتملة برئاسة نتنياهو، لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد، في إطار اعتراف ضمني بأنه غير قادر على مواجهة مثل هذه الأزمة.

وتشكل تحالف "أزرق أبيض" المنحل من أحزاب هي "حوسن ليسرائيل" بزعامة غانتس، ومعه رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي، وحزب "تيليم" بزعامة وزير الدفاع الأسبق موشي يعلون، وحزب "هناك مستقبل" بزعامة الإعلامي ووزير المالية الأسبق يائير لابيد، وهذان الحزبان الأخيران أعلنا مساء أمس الخميس انسحابهما من هذه الشراكة.

خيانة الناخبين

وحقق حزب "هناك مستقبل" برئاسة لابيد في انتخابات 2 أذار/ مارس الجاري 13 مقعدا في الكنيست، من إجمالي 33 مقعدا حصل عليها تحالف "أزرق أبيض" المنحل، في حين حقق حزب "تيليم" بزعامة يعلون 5 مقاعد، أي أنه من غير الممكن أن يصبح حزب غانتس–أشكنازي (15 مقعدا) شريكا متوازنا لكتلة اليمين بزعامة "الليكود"، في وقت تتملك هذه الكتلة 58 مقعدا، ومن ثم يجري الحديث عن صفعة وجهها غانتس لكتلة اليسار–الوسط.

ويواجه غانتس هجوما حادا من جانب شركائه السابقين، لا سيما النائب عن حزب "هناك مستقبل" مئير كوهين، الذي كان يفترض أنه الاسم الوحيد المطروح من جانب "أزرق أبيض" لتولي منصب رئيس الكنيست.

وذكر كوهين لموقع "سروغيم" الإخباري اليوم الجمعة، أن الحديث يجري عن "شخص تلقى تكليفا بتشكيل الحكومة، لكنه كان منشغلا بأمر واحد فقط، وهو أن يكون رقم 2 بعد نتنياهو، لقد كان الأمر أكبر منه بكثير"، مضيفا: "علمت صباح أمس أنني لن أصبح رئيسا للكنيست وأن غانتس وأشكنازي يعملان على تفكيك هذه الكتلة القوية ... فهمت أيضا أنهما لن يصوتا لصالح رئاستي للكنيست".

وأشار كوهين إلى أن تلك هي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل والتي يتلقى فيها شخص ما تكليفا بتشكيل الحكومة، وبدلا من ذلك يركز على مسألة كيف يصبح الرجل الثاني بعد نتنياهو، لقد ركز جميع مستشاريه على الزحف خلف نتنياهو" على حد قوله، معتبرا أن "مليون ناخب إسرائيلي صوتوا لصالح أزرق أبيض تعرضوا للخيانة".

بلا مستقبل سياسي

وظهر غانتس منذ أن دعاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارة البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي، لمناقشة تفاصيل "صفقة القرن"، على أنه "زعيم على ورق"، حيث بدا وأنه لا يمتلك موقفا واضحا يعبر به عن توجه اليسار–الوسط، ومن ثم أطلق نفس التصريحات والمواقف التي يعبر عنها اليمين واليمين المتطرف في دولة الاحتلال.

وتوقع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، في حديث للقناة السابعة صباح الجمعة، ألا يكون لغانتس مستقبل سياسي، عقب التطورات التي شهدها يوم الخميس، وذكر أن قبوله بمنصب رئيس الكنيست وتمهيد الطريق أمام حكومة وحدة بزعامة نتنياهو وحزب "الليكود" تصب في هذا الاتجاه.

وأشار أولمرت إلى أن التطورات المقبلة قد تكون مفاجئة، وربما يؤيد غانتس من جديد عودة يولي ادلشتاين (الليكود) لرئاسة الكنيست، وذكر متهكما: "لقد ظن غانتس أن حزبا يتكون من 5 نواب يمكنه أن يحظى بـ15 حقيبة وزارية".

ونوه إلى أن الحكومة التي يفترض أن تتشكل لن تكون حكومة وحدة ولن تكون حكومة وطنية، في إشارة إلى أنها ستكون حكومة تحت سطوة أحزاب اليمين، متوقعا أن ينتهي مستقبل غانتس السياسي قريبا، مضيفا: "نتنياهو ليس بساحر (..) إنه محتال" على حد تعبيره.

مسرح الدمى

ورأى المحلل السياسي رامي يتسهار، محرر موقع "نيوز إسرائيل" اليوم الجمعة، أن الشارع الإسرائيلي انقسم بشأن غانتس، وأن نصف الإسرائيليين أصيبوا بالإحباط بينما انتاب النصف الآخر شعور بالتهكم على غانتس، مضيفا أن الإسرائيليين ينظرون إليه على أنه مصاب بـ"الغباء"، ومنهم من "يشفق عليه"، وفي المجمل اعتبر أن مصير غانتس سيظل إلى الأبد "مثار سخرية".

وأشار يتسهار إلى أن ما أقدم عليه زعيم حزب "أزرق أبيض" المنحل، إنما ينضم إلى منظومة فقدان الثقة بالسياسيين الإسرائيليين، وبجميع الأحزاب، وأن التطورات الأخيرة كتبت كلمة النهاية في هذا الصدد، "بعد أن فقد الإسرائيليون ثقتهم بكل سياسي وبكل حزب" طبقا لقوله.

ووصف المحلل السياسي المشهد الحالي بأنه "مسرح الدمى"، وأن الحديث يجري عن مهزلة، مقتبسا تصريحات النائب مئير كوهين الذي أشار آنفا إلى أن غانتس تلقى تكليفا بتشكيل الحكومة، ولكنه منذ اللحظة الأولى ركز على كيفية التحول إلى رقم 2 خلف نتنياهو.

نتنياهو وتفكيك الخصوم

واتبع نتنياهو الحيلة عينها التي أدت بشكل غير مباشر إلى تفكك خصمه السابق "المعسكر الصهيوني"، الذي جمع في حينه بين حزبي "العمل" برئاسة يتسحاق هيرتسوغ، و"الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، التي اعتزلت الحياة السياسية فيما بعد، وكاد هذا التحالف وقتها أن يشكل مفاجأة انتخابات آذار/ مارس 2015، قبل أن تتطور الأمور على مدار السنوات اللاحقة، ويتفكك هذا التحالف مع تدني شعبيته.

وكان نتنياهو قد تفاوض سرا مع زعيم "المعسكر الصهيوني" وقتها هيرتسوغ، لأنه كان في حاجة إلى تعزيز الائتلاف الضيق الذي كان قد شكله من 61 نائبا، وعرض عليه تولي حقيبة الخارجية، قبل أن يتم تسريب تفاصيل هذه المفاوضات، وما تسبب في أزمة ثقة داخل "المعسكر الصهيوني".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com