من الصين إلى إيران.. كيف أدى كورونا لأزمة سياسية عالمية لكل من حاول التستر عليه؟
من الصين إلى إيران.. كيف أدى كورونا لأزمة سياسية عالمية لكل من حاول التستر عليه؟من الصين إلى إيران.. كيف أدى كورونا لأزمة سياسية عالمية لكل من حاول التستر عليه؟

من الصين إلى إيران.. كيف أدى كورونا لأزمة سياسية عالمية لكل من حاول التستر عليه؟

ضرب فيروس كورونا جميع دول العالم تقريبا، لكن تأثيره على الحكومات كان متباينا، حيث تضررت مصداقية العديد من الأنظمة التي حاولت قمع المعلومات عن تفشي الفيروس بحجة منع الذعر والفوضى، وأدى ذلك إلى تفشي المرض أكثر، وزيادة الضحايا والخطر الإجمالي.

من الولايات المتحدة وإيطاليا إلى إيران وكوريا الجنوبية، ينتشر وباء كورونا عبر قارته السادسة هذا الأسبوع، ويستمر في هز الأسواق بشكل مفاجئ، حيث من المقرر أن يشهد مؤشر "داو جونز" الصناعي، أسبوعه الأسوأ منذ ركود العام 2008.

وأصدرت الحكومات جولات جديدة من حظر السفر، إذ أعلنت المملكة العربية السعودية الخميس الماضي، أنها ستوقف مؤقتا السفر إلى مكة المكرمة، قبل أشهر من موسم الحج، وارتفع عدد الإصابات في كوريا الجنوبية إلى 2022 حالة أمس الجمعة، وهو أعلى معدل انتشار خارج الصين.

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أعلنت اليابان إغلاق جميع مدارسها حتى أوائل نيسان/أبريل المقبل، وقالت كوكاكولا، وشركات أخرى متعددة الجنسيات، إن تعطل سلسلة التوريد نتيجة انتشار الفيروس قد يؤدي إلى نقص في الإنتاج.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، الذي أكدت بلاده ما لا يقل عن 23 حالة إصابة بفيروس كورونا، للصحفيين في كانبيرا: "هناك العديد من المؤشرات التي ترجح أن العالم سيدخل قريبا مرحلة الوباء".

ظهور نوع جديد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، والذي لا يوجد له علاقة بالسفر إلى الخارج أو الاتصال بشخص معروف بالفعل أنه مصاب، يشير إلى أن الفيروس قد تحدى الجهود المبذولة لاحتوائه، ومع ذلك حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التقليل من حجم التهديد، على الرغم من تحذيرات المسؤولين الأمريكيين من الأزمة.

توتر أوروبي

من جانبها، تشعر أوروبا بالتوتر أيضًا، وحتى الآن، كانت أكبر مجموعة من الحالات في القارة في شمال إيطاليا، وقال الخبير الاقتصادي في جامعة بوكوني في ميلانو، روبرتو بيروتي: "إذا انتشر الفيروس، وسوف ينتشر، أعتقد أن السياسيين المحليين والوطنيين سيحتاجون لاتخاذ إجراءات جذرية للغاية، وهذا سيوقف الاقتصاد فعليا، ولا نعرف إلى متى سيستمر الأمر، فمن شأن ظهور حالة واحدة في أي مصنع أن تغلقه".

وكما هو متوقع استغل السياسيون اليمينيون في أوروبا الوضع السياسي الحالي ودعوا لفرض قيود على الحدود حتى داخل منطقة شنغن، وهي المنطقة المفتوحة حدوديا التي لطالما كانت موضع جدال.

وفي الماضي، انتقد القوميون القواعد التي تسمح لبعض طالبي اللجوء بالهبوط في اليونان، أو إيطاليا وشق طريقهم عبر الحدود الوطنية العديدة، ومع ذلك جادل العديد من الخبراء بأن حظر السفر كان وسيلة غير فعالة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، ولكن هذا لم يمنع الحكومات من فرضه.

خلل في العولمة

وسلط الذعر من تفشي فيروس كورونا الضوء على إخفاقات الطبقة السياسية عالميا، وكتب ستيفن إيرلانجر من صحيفة "نيويورك تايمز": "يؤكد هذا الفيروس بطريقته الخاصة وجود خلل ما في العولمة، حيث أصبحت سلاسل توريد القطاع الخاص فعالة للغاية، وبات السفر الجوي شاملا ولا ينتهي يتوقف، ولذلك لا يتوقف القطاع الخاص عن الحركة في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك تكون الاستجابة الحكومية المنسقة في كثير من الأحيان ضعيفة وغير منظمة، سواء أكان ذلك يتعلق بتغير المناخ أو الصحة أو التجارة، وتتعرض الجهود الرامية إلى تعزيز الجهود العامة للهجوم من قبل القوميين والشعبويين باعتبارها انتهاكات للسيادة".

ويبدو أن العواقب كانت أسوأ للبلدان التي تتكتم على حجم الانتشار الحقيقي، ففي إيران، مات 26 وأصيب 245 شخصا على الأقل، بمن فيهم نائب وزير الصحة ومسؤولة كبيرة في حكومة الرئيس حسن روحاني، وتعرضت طهران لانتقادات بسبب قمعها لمعلومات تفشي المرض، مما سمح بانتشاره على نطاق واسع على الأرجح.

وغالبا ما تكون الحكومات الاستبدادية قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة وفعالة في أوقات الطوارئ، ولكن الحكومة الإيرانية، التي تتعرض بالفعل لضغوط سياسية واقتصادية واضحة، زادت من تقويض شرعيتها.

وكتب غرايم وود من صحيفة "ذا أتلانتك": "لا يمكن للنظام الاستفادة من الثقة العامة، بما في ذلك الشفافية حول انتشار المرض وخسائره، فيبدو أن الحكومة الإيرانية لديها كل عيوب المجتمع الديكتاتوري، ولا تتمتع بأي من ميزاته للتعويض عن الأمر".

وفي الصين، استعرض النظام الاستبدادي القوي في البلاد قدراته وفرض حجرا صحيا على مدن بأكملها، وبدأ في مراقبة مئات الملايين من الناس، مما دفع بعض الخبراء إلى الإشارة إلى أن تفشي المرض قد يكون تحت السيطرة الكاملة هناك بحلول نيسان/أبريل المقبل، ولكن، حتى مع كل هذه الجهود، لا تزال هناك فجوات لا تستطيع بكين سدها.

فقد الثقة

وكتب المسؤول الصيني المخضرم "هوارد فرنش": "لقد أوضح تفشي فيروس كورونا أكثر من أي وقت مضى، أنه في المستقبل لن يستمر الحكم الرشيد لمجتمع كبير ومعقد وديناميكي مثل الصين دون مساحة أكبر بكثير للصحافة، فسيواجه نظام بكين في النهاية خيارا بين محاولة إدارة السكان الذين لا يثقون به ويمكن أن يثوروا ضده إذا لم يجدوا منفذا لمشاعرهم، أو السماح بمساحة أكبر بكثير للمساءلة الإعلامية".

ومن جانبها، لم تكن الولايات المتحدة، قدوة في الشفافية، ففي يوم الخميس، نشر الإعلاميون شكوى تفيد بأن أكثر من عشرة من العاملين الصحيين الذين تم إرسالهم لاستلام أول الأمريكيين الذين تم إجلاؤهم من ووهان، مركز تفشي فيروس كورونا، تم إرسالهم دون تدريب مناسب للسيطرة على العدوى أو معدات الوقاية المناسبة، وزعمت صاحبة الشكوى أنها نقلت من منصبها بصورة غير عادلة وهددت بالإقالة بعد تصعيد مخاوفها.

وعلى نحو منفصل، تفاجأ كبار مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة، بما في ذلك وزير الصحة والخدمات الإنسانية، أليكس عازار، بقرار ترامب بتكليف نائب الرئيس بنس بالمسؤولية عن فرقة العمل المعنية بفيروس كورونا في البلاد.

ويمتلك بنس سجلا مخزيا في إدارة الصحة العامة، فكحاكم محافظ لولاية إنديانا، ترأس أسوأ تفشي لفيروس نقص المناعة البشرية في تاريخ الولاية، مما يفسر دهشة الخبراء من تعيينه وقراره يوم الخميس، بتوجيه جميع الوكالات الإعلامية التي تطلب معلومات عن فيروس كورونا إلى مكتبه، مما دفع المعارضين الديمقراطيين إلى التحذير من أن هذا قد يمنع قدرة خبراء الصحة العامة من التحدث بحرية عن الوباء.

وقال السيناتور برايان شاتز، نائب هاواي الديمقراطي: "بدأ نائب الرئيس بمنع حرية التعبير، على الرغم من أنها ضرورة في مثل هذه الأوقات؛ لأنها تسمح للخبراء بإخبارنا بما يجري بالفعل بكلماتهم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com