مسلمو نيودلهي يروون معاناتهم وسط التمييز وأعمال الشغب
مسلمو نيودلهي يروون معاناتهم وسط التمييز وأعمال الشغبمسلمو نيودلهي يروون معاناتهم وسط التمييز وأعمال الشغب

مسلمو نيودلهي يروون معاناتهم وسط التمييز وأعمال الشغب

شهدت الهند في الأيام الأخيرة أعمال عنف دموية، موجهة ضد الأقلية المسلمة التي احتجت على التمييز ضدها في قوانين المواطنة الجديدة (الجنسية).

وكانت ياسمين، البالغة من العمر 35 عامًا، وهي أم لثلاثة أطفال، تمسك سبحة والدها وهي تنتظر في مشرحة المستشفى لاستعادة جثة زوج شقيقتها ميهتاب.

وميهتاب، هو عامل بناء يبلغ من العمر 22 عامًا، وكان مقيمًا في أحد أحياء نيودلهي، التي تعيش فيها الطبقة العاملة الهندوسية والمسلمون جنبًا إلى جنب لسنوات.

وخرج ميهتاب مساء يوم الثلاثاء الماضي لشراء الحليب، لكنه لم يعد مطلقًا، بعد أن اجتاح المشاغبون الهندوس الحي بالعصي، وضربوه حتى الموت، ليتم العثور على جثته بعد ساعات، مليئة بالكدمات والحروق.

وفي تلك الليلة، اختبأت ياسمين وزوجها في المنزل بينما هدد المخربون بحرق المحلات التجارية والمساكن التي يملكها المسلمون في حيهما.

وقالت ياسمين بصوتها المرتعش: "كان الناس يهتفون بشعارات هندوسية ويقولون غادروا هذا المنزل، سنشعل النار فيه، هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مثل هذا الصراع، لطالما اعتبرنا الهندوس إخواننا، ميهتاب قُتل لأنه مسلم، لقد هوجمنا لأننا مسلمون".

وكان العامل الشاب واحدًا من بين ما لا يقل عن 42 شخصًا قتلوا، و300 آخرين أصيبوا بجروح خطيرة، في نيودلهي هذا الأسبوع، وسط تفجر أسوأ تصادمات العنف الطائفي في مدينة هندية كبيرة منذ عام 2002 عندما قُتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المسلمين، في أعمال شغب في "غوجارات"، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وتأتي تلك المذبحة في العاصمة الهندية، التي تركت مساحات شاسعة من المدينة تبدو وكأنها منطقة حرب، وأدت إلى حرق المساجد والمحلات التجارية وغيرها من المباني والسيارات، في أعقاب تصاعد في التوترات والعداوة بين الغالبية الهندوسية الهندية والأقلية المسلمة، بسبب قرارات حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم والرئيس "ناريندرا مودي".

وتصاعدت التوترات الطائفية منذ شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، عندما عدلت حكومة مودي قوانين المواطنة في البلاد، لتتضمن معايير دينية لأول مرة وتمنح الهندوس وأتباع الديانات الأخرى في جنوب آسيا الأولوية على المسلمين.

وتزامنت إراقة الدماء هذا الأسبوع مع زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الهند، وطغت على مدح الرئيس الأمريكي لمودي، وحذر المحللون من أن أعمال الشغب هددت بتشتيت انتباه الحكومة عن المهمة العاجلة المتمثلة في إحياء الاقتصاد المتعثر وتحقيق طموحها في أن تصبح قوة عالمية.

وقال "أشوتوش فارشني"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة براون: "لقد أطلقوا العنان لقوى لا يمكن السيطرة عليها، وسيكون علينا أن ننتظر لنرى ما إذ كان مودي ووزير الداخلية أميت شاه يمكنهما السيطرة على هذه القوى، فجنودهما الهندوس مليئون بالحماس الأيديولوجي الذي تم غرسه فيهم، وهم يرون المسلمين كأعداء للهند".

واندلعت الاضطرابات في المنطقة المنكوبة يوم الأحد بعد أن هدد "كابيل ميشرا"، زعيم حزب بهاراتيا جاناتا المحلي المتشدد، المسلمين الذين كانوا يغلقون الطريق في احتجاج سلمي على قانون المواطنة، وفي كلمته أمام حشد من اليمينيين الهندوس بجوار الاعتصام، حذر من أنه إذا لم يختفِ المحتجون مع انتهاء زيارة ترامب، فسوف يتولون زمام الأمور بأيديهم.

وبعد فترة وجيزة، قال شهود العيان إن مجموعات الهندوس والمسلمين بدأت تلقي الحجارة على بعضهم بعضا، وبحلول يوم الإثنين، اندلعت أعمال الشغب في مساحات شاسعة، وكان هناك حشود من الرجال الهندوس يحملون أسلحة نارية وقنابل البنزين وقضبان حديدية، يختبئون في شوارع المنطقة المزدحمة، ويهاجمون المارة ويشعلون النار في الممتلكات التي يشتبهون في أنها ملك المسلمين.

وقال "أبو الكلام"، وهو بائع يبلغ من العمر 60 عامًا، كان يركب دراجته النارية مع زميل هندوسي عندما اصطدم بالمهاجمين: "كانوا يطلبون بطاقات الهوية لمعرفة ما إذا كنا هندوس أم مسلمين، وإذا رأوا أشخاصًا مسلمين يضربونهم".

وكانت هذه الأعمال بمثابة تكرار لتقسيم الهند العنيف لعام 1947، والذي يُعتقد أنه شهد مقتل ما يصل إلى مليوني شخص، حيث استجوب مثيرو الشغب الناس حول دينهم، وطالبوهم بتلاوة الصلوات، وإظهار الرموز الدينية.

وقال أحد الناشطين الاجتماعيين: "إذا كان لدى شخص ما لحية أو بدا مسلماً، كان رجال الهندوس يطلبون منه أن يخلع سرواله لإثبات أنه هندوسي"، حيث لا يعتمد الهندوس عادة الطهور المنتشرة بين المسلمين.

وقال شهود عيان إن الشرطة لم تفعل شيئًا يُذكر لوقف مثيري الشغب، وقال "مازيد"، وهو صاحب متجر يبلغ من العمر 32 عامًا، إنه وجيرانه في شارع مختلط من الهندوس والمسلمين كانوا يقفون جنبا إلى جنب وهم يحاولون حماية منازلهم مساء الثلاثاء عندما رأوا حشدًا يتضمن ضباط شرطة يتجه نحوهم.

وأوضح مازيد، الذي قُتل شقيقه وأصيب 2 من جيرانه في إطلاق النار، قائلا: "كانت الشرطة معهم، واعتقدنا أنهم سيوقفون العنف، ولكن بعد ذلك أطلق أحدهم الطلقات".

وفي صباح يوم الأربعاء الماضي، نشرت حكومة مودي، التي تسيطر على الشرطة والمسؤولة عن الأمن في العاصمة، الآلاف من قوات الشرطة شبه العسكرية الإضافية في المناطق المنكوبة بأعمال الشغب في محاولة لاستعادة النظام، وبعد ظهر ذات اليوم، لجأ مودي إلى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" للدعوة للسلام، والذي كان أول اعتراف علني له بالعنف.

ومع ذلك ظلت التوترات عالية حتى وسط الوجود القوي للشرطة، حيث فر العديد من العائلات بحثًا عن ملاذ مع أقربائهم في أماكن أخرى.

وقال "شانكار ثاكور"، وهو مدرس يبلغ من العمر 28 عامًا: "الناس خائفون، ويغادرون منازلهم، فالشرطة لا تستطيع هزيمة الغوغاء الذين يهاجمون الناس".

ويتساءل الكثيرون أيضًا لماذا استغرقت الحكومة وقتًا طويلاً قبل إطلاق قواتها للسيطرة على الوضع.

وقال "جيل فيرنيرز"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة "أشوكا" بالقرب من دلهي: "من الناحية التاريخية، لم يكن العنف الطائفي في الهند نتيجة لضعف قدرة الدولة، إذ تميل الدولة إلى منع أعمال العنف عندما تود ذلك".

وقال محللون إن أعمال الشغب قد لا تكون بنفس حدة أعمال العنف الأخرى التي هزت الهند، ولكن التجاهل الواضح للوضع الذي أبدته الحكومة لمدة يومين بينما استمر سفك الدماء دون رادع، أرسل إشارة قوية إلى مجتمع مسلم شعر بالفعل بالحصار.

وختم فيرنيرز: "لقد خدم العنف غرضه بالفعل، لقد أكد الهيمنة الهندوسية وسيطرتها على الرأي العام".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com