خيارات أردوغان تتضاءل مع دفع روسيا للأزمة السورية صوب حدود تركيا
خيارات أردوغان تتضاءل مع دفع روسيا للأزمة السورية صوب حدود تركياخيارات أردوغان تتضاءل مع دفع روسيا للأزمة السورية صوب حدود تركيا

خيارات أردوغان تتضاءل مع دفع روسيا للأزمة السورية صوب حدود تركيا

تتضاءل الخيارات المتاحة أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ مع تجمع ما يقرب من مليون سوري قرب حدود بلاده فرارا من هجوم القوات الحكومية السورية.

ويقول مسؤولون في الحكومة التركية ومصادر أخرى، إن أردوغان يشعر بصدمة من تقدم روسيا في منطقة إدلب السورية وزيادة مخاطر اندلاع صراع شامل، لكنه لا يزال يأمل في التوصل لاتفاق مع موسكو قد يتيح مجالا للخروج من الأزمة.

وحذر أردوغان مرارا من أن تركيا، التي تدعم مقاتلين من المعارضة المسلحة في المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا، ستطرد القوات السورية الموالية للرئيس بشار الأسد من المناطق التي سيطرت عليها في الأشهر الماضية إذا لم تنسحب بنهاية فبراير/ شباط.

لكن مع اقتراب الموعد النهائي الذي يحل يوم السبت، استمر الهجوم السوري المدعوم من روسيا وواصل مكاسبه على الأرض ومن غير المتوقع أن تسفر جولة محادثات ثالثة بين أنقرة وموسكو هذا الأسبوع عن تحقيق انفراجة سريعة.

وتقول الحكومة التركية ومسؤولون في جماعات المعارضة السورية المسلحة ودبلوماسيون ومحللون، إنه وفي ظل احتمال شن عملية عسكرية شاملة بدعم تركي بناء على المفاوضات مع روسيا، إلا أن من المرجح أكثر في هذه المرحلة أن يوافق أردوغان على اتفاق مع موسكو يسحب بموجبه بعض الوجود العسكري في مقابل دور تركي في تحديد مستقبل سوريا.

وأضافوا أن أردوغان "فوجئ بالموقف المتعنت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقا لوجهة النظر التركية، سواء في ساحة القتال أو في المحادثات بين البلدين".

وقال مسؤول تركي لرويترز: "لا يزال بمقدور تركيا وروسيا التوصل إلى حل وسط.. لكن إن لم يجر التوصل لاتفاق واستمرت الهجمات على جنود أتراك فسيبدأ هجوم إدلب"، وذلك في إشارة إلى حملة عسكرية تركية مباشرة لاستعادة السيطرة على المنطقة.

ولم يرد مكتب أردوغان على طلب للتعليق. وقال أردوغان ومساعدوه علنا في السابق إنهم يريدون حل المشكلة مع روسيا، لكنهم حذروا من "اختبار عزم تركيا"، مشيرين إلى أنها "لن تتخلى عن مواقع المراقبة في إدلب". وتحاصر قوات سورية بعض تلك المواقع في الوقت الراهن.

وسيسهم قرار أردوغان في تحديد ملامح أسوأ مأساة إنسانية في هذا القرن حتى الآن التي شهدت نزوح ما يقدر بنحو 900 ألف سوري، نصفهم تقريبا من الأطفال، هربا من قصف بلداتهم وقراهم في الأشهر الماضية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول، شنت موسكو ودمشق، مدعومتان بمقاتلين تساندهم إيران، عملية للسيطرة على آخر معقل كبير للمعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا مع سعي البلدين لإنهاء حرب دائرة منذ تسع سنوات، راح ضحيتها مئات آلاف السوريين، لصالح الأسد.

ومع تقدم قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا صوب الشمال الغربي، تكدس النازحون السوريون على الحدود التركية الجنوبية المغلقة مفترشين الأرض في العراء، أو في خيام في ظروف طقس شديد البرودة لدرجة التجمد تسبب في الأشهر الماضية في وفاة العديد من الأطفال.

وقال محمد عطوف (31 عاما) الذي نزح هو وزوجته وأطفاله الأربعة واحتموا في كوخ خاو قرب مدينة أعزاز الحدودية: "القصف يأتينا من كل صوب.. لم يعد لدينا من يحمينا.. لا تركيا ولا أي طرف آخر".

ويواجه أردوغان مطالب متعارضة تشمل رعاية النازحين السوريين من جانب والحفاظ على شعبيته في الداخل من جانب آخر. ويقل القبول في الداخل لفكرة إضافة مزيد من اللاجئين إلى نحو 3.7 مليون سوري تستضيفهم تركيا بالفعل.

وفقدت تركيا نحو 20 جنديا حتى الآن خلال فبراير/ شباط بعدما أرسلت آلاف العسكريين وعتادا عسكريا لمساندة مقاتلي المعارضة بشمال غرب سوريا.

وتحاصر قوات الحكومة السورية مئات آخرين من الجنود الأتراك الموجودين في مواقع المراقبة، بعد اجتياحها إدلب تحت غطاء ضربات جوية روسية مكثفة.

واحتدم القتال في الأيام الماضية، وقال التلفزيون الرسمي الروسي مساء يوم الخميس، إن عسكريين أتراكا في إدلب يستخدمون صواريخ محمولة على الكتف في محاولة لإسقاط طائرات حربية روسية وسورية. ولم تعلق أنقرة علنا بعد على هذا الزعم.

ويرى مسؤولون حكوميون ودبلوماسيون ومحللون إن أردوغان، وفي ظل التفوق الجوي الروسي في إدلب، سيختار على الأرجح إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع بوتين يضطر بموجبه إلى التراجع عن تهديده المتكرر بشن هجوم جديد، لكنه سيحفظ ماء وجهه بالفوز بدور في تقرير مستقبل سوريا وفي إدارة أزمة المهاجرين.

وتأمل تركيا في العودة إلى تطبيق خريطة اتفاق سوتشي المبرم في العام 2018 والتي دعت إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح حول إدلب، لكن محللين يقولون إن أنقرة قد توافق على مساحة أصغر للنفوذ تضم النازحين السوريين.

وتسيطر قوات الحكومة السورية حاليا على نحو نصف محافظة إدلب وتعهد الأسد مرارا من قبل بأنه سيستعيد السيطرة على كل شبر من البلاد.

لكن تركيا ما زالت تأمل في التوصل لاتفاق. وكان أردوغان يرغب في عقد اجتماع مع نظرائه في روسيا وألمانيا وفرنسا يوم الخامس من مارس آذار، لكن الكرملين قال يوم الخميس إن بوتين ليس لديه خطط للاجتماع في ذلك التاريخ. ونددت ألمانيا وفرنسا بالأزمة الإنسانية وحثتا على إنهاء الصراع.

وقال مسؤول تركي آخر: إن من المستبعد التوصل إلى حل نهائي قبل السادس من مارس/ آذار، وهو موعد مقترح لقمة تركية-روسية-إيرانية بشأن إدلب.

ولم يعلق الكرملين بعد على فرص وقف إطلاق النار. وقال فلاديمير فرولوف، وهو دبلوماسي روسي سابق، إن موقف روسيا هو سيطرة الأسد على سوريا بالكامل مع احتمال وجود شريط ضيق في إدلب على طول الحدود التركية يخضع جزئيا لسيطرة أردوغان مع مراقبة شرطية روسية. لكن محللين ودبلوماسيين ومسؤولين في أنقرة يرون أن تركيا لن تقبل بذلك.

وقال سنان أولجن، وهو دبلوماسي تركي سابق ويرأس حاليا مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية، وهي مؤسسة بحثية مقرها إسطنبول: "ليس لدى تركيا أي خيارات جيدة من الآن فصاعدا... لذلك إذا لم يتم التوصل لوقف إطلاق النار قريبا، فإن تركيا ستحارب".

لكن أنقرة ستواجه مخاطر كبيرة إذا شنت الهجوم في ظل الهيمنة الجوية الروسية. وعلى الرغم من أن الجيش التركي هو ثاني أكبر جيوش حلف شمال الأطلسي إلا أنه سيعتمد في الغالب على وحدات مدفعية قرب الحدود؛ نظرا لعدم امتلاكه دفاعات أمريكية سطح-جو بعد أن آثرت أنقرة في العام الماضي شراء منظومة إس-400 الروسية.

وقال دبلوماسيون ومسؤولون أتراك: إن حلف شمال الأطلسي قد يزود تركيا بعتاد ومعلومات مخابرات، لكنه لن يتدخل في الأراضي السورية. ولم يرد حلف الأطلسي بعد على طلب للتعليق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com