حرية الرأي أحدث ضحايا فيروس كورونا في الصين
حرية الرأي أحدث ضحايا فيروس كورونا في الصينحرية الرأي أحدث ضحايا فيروس كورونا في الصين

حرية الرأي أحدث ضحايا فيروس كورونا في الصين

يعاني النظام الصيني من تحديات سياسية غير مسبوقة منذ تفشي فيروس كورونا، والذي دفع السلطات إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة لقمع حرية التعبير وتشديد السيطرة على الشعب في خطوة يائسة لتعزيز استقرار النظام.

بعد أن أمر الرئيس شي جين بينغ بجهود الحد من انتشار فيروس كورونا، في أول تصريحاته العلنية بشأن المرض في 20 يناير، وُضعت مدينة ووهان بسرعة قيد الحجر الصحي وبدأت المجتمعات في جميع أنحاء الصين في تنفيذ تدابير مكافحة الوباء القاسية.

ووفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، يقول المحللون إن التنفيذ الصارم لإجراءات مكافحة الوباء قد أدى إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء الصين، إذ ظهرت صور مزعجة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر تقييد الناس بالسلاسل في الشوارع أو تعرضهم للضرب على أيدي الشرطة لعدم ارتداء الكمامات، كما أظهرت لقطات أخرى الضباط يركبون قضبانا معدنية أو سلاسل خارج منازل الناس لمنعهم من المغادرة.

كما انتشرت اللافتات الدعائية التحذيرية التي تحمل رسائل التهديد في جميع أنحاء البلاد، والتي يقول بعضها: "كمامة أو أنبوب التنفس، الاختيار لك"، بينما قالت أخرى: "أولئك الذين لا يبلغون عن إصابتهم بالحمى هم أعداء يختبئون بين الناس".

تحول فيروس كورونا إلى وباء أصاب حتى الآن أكثر من 75 ألف شخص وقتل أكثر من 2000 شخص معظمهم في الصين، وفي مقاطعة هوبي، منشأ الفيروس، سجلت السلطات في مدينة ووهان حوالي 50 ألف حالة مؤكدة.

وفي خطوة يائسة بدأت ووهان هذا الأسبوع في حجر جميع المجتمعات في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون شخص في منازلهم، وقالت السلطات إن أي شخص يُرى في الشوارع دون إذن سيعاقب بشدة، كما بدأ الضباط في إجراء فحوصات جديدة للمنازل لجمع المصابين.

ويقول مواطنو ووهان إنهم ممنوعون من التنزه في حيهم والتسوق لشراء الطعام، وقال أحد سكان ووهان الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتفادي الأعمال الانتقامية: "الخوف يسيطر على الناس، نحن غاضبون للغاية لأن هذه الكارثة من صنع الإنسان بالكامل".

وأوضح: "لو لم يحتجزوا الدكتور لي وين ليانغ بسبب نشر الشائعات وأخبرونا أن الفيروس كان تحت السيطرة، لما حدث أي من هذا".

يذكر أن الدكتور "لي وين ليانغ" حذر زملاءه في أواخر ديسمبر من ظهور مرض غامض تبين أنه فيروس كورونا، ولكن شرطة ووهان حظرت الكلام عنه في 3 يناير، واتهم التلفزيون الحكومي 8 أشخاص، بمن فيهم لي، "بنشر شائعات كاذبة".

أثارت وفاة لي بسبب الإصابة بفيروس كورونا هذا الشهر مطالب واسعة النطاق بحرية التعبير على الإنترنت، على الرغم من أن شرطة الإنترنت سرعان ما حذفت تلك المنشورات.

ومع ذلك يبدو أن السلطات لم تتعلم الدرس، إذ تزايدت حالات قمع حرية الرأي في الفترة الأخيرة، وفي حين أن المرسوم الجديد الصادر عن ووهان ينص على معاقبة الأشخاص لعدم الإبلاغ عن الحالات، إلا أنه حذر أيضًا من أن "تلفيق" ونشر "الشائعات" سيُعاقب بشدة.

أعلنت حكومة مقاطعة يونان الجنوبية الغربية في أوائل فبراير أن 25 شخصًا قد احتُجزوا أو تعرضوا للرقابة بسبب "اختلاق ونشر شائعات" حول وباء فيروس كورونا. وفي الأسبوع الماضي، تم اعتقال 3 آخرين في المقاطعة بسبب نفس الاتهام.

تستخدم السلطات أيضًا مكافحة الأوبئة كذريعة لاعتقال منتقدي الحكومة، إذ اختفى صحفيان صينيان، وهما "فانغ بن" والمحامي "تشن كيوشي" من ووهان، تحت ستار الحجر الصحي، بعد أن تحدثا عن الوضع في ووهان.

كما تم وضع أستاذ القانون "شو زانجرون"، الذي انتقد الزعيم شي بسبب أزمة فيروس كورونا في مقال، قيد الإقامة الجبرية تحت ذريعة الحجر الصحي، وتم اعتقال الناشط والباحث القانوني "شو تشي يونغ"، الذي انتقد شي أيضًا بسبب سوء إدارته للوباء والأزمات الأخرى، يوم السبت الماضي.

وقال "هو جيا"، وهو ناشط مخضرم سبق أن سُجن واحتُجز في كثير من المناسبات: "كانت القيود المفروضة على الحريات الشخصية تحدث فقط للنشطاء، ولكن الملايين في الصين الآن يعرفون شعور الخضوع للإقامة الجبرية".

وأوضح: "هذا الوباء يشكل أخطر تحد للسلطات منذ عام 1989، عندما حدثت حركة تيانانمن المؤيدة للديمقراطية، فأنا لم أر أبداً مثل هذا الإقبال على طلب حرية التعبير، إذ يفهم الناس الآن أنها مسألة حياة أو موت. وتخشى السلطات أن يستيقظ الناس ".

وقال "جوني لاو"، المعلق المخضرم في السياسة الصينية: إن تكثيف قمع الحزب الشيوعي لحرية التعبير كان يهدف إلى تعزيز قوة النظام، ولكنه قد يؤدي في النهاية إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.

وشرح: "عندما يتم إخفاء المعلومات عن الناس ويفقدون ثقتهم في الحكومة، يتحول سخطهم إلى احتجاجات".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com