"واشنطن بوست": اتساع قياسي للاحتجاجات والغضب يوحد فئات الشعب الإيراني
"واشنطن بوست": اتساع قياسي للاحتجاجات والغضب يوحد فئات الشعب الإيراني"واشنطن بوست": اتساع قياسي للاحتجاجات والغضب يوحد فئات الشعب الإيراني

"واشنطن بوست": اتساع قياسي للاحتجاجات والغضب يوحد فئات الشعب الإيراني

شهدت إيران، منذ عامين، حراكًا شعبيًّا واحتجاجات في العديد من المناطق على مستوى البلاد، عندما تظاهر الشعب على اقتراح مماثل لخفض الدعم الحكومي، ومثلما يحدث الآن، انتقد الإيرانيون ذوو الدخل المنخفض النظام الذي قالوا إنه خذلهم اقتصاديًا.

أشعلت خطوة رفع أسعار الوقود المفاجئة في إيران فتيل الاحتجاجات على مستوى البلاد خلال الأسبوع الماضي، والتي بدورها، أدت إلى حملة قمع عنيفة من قِبل قوات الأمن وأسوأ أعمال عنف في البلاد منذ سنوات، ومقتل العشرات من المحتجين.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة التي هزت المدن والجامعات بما في ذلك جامعة طهران، ينتمون إلى مختلف فئات الشعب، كما اشتبك المتظاهرون مع الشرطة في المراكز الحضرية مثل أصفهان ومشهد وشيراز وتبريز.

وخلال العامين الماضيين، تدهور الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية وتراجعت مبيعات النفط، والتي كانت توفر إيرادات تستخدمها الحكومة لدفع الرواتب وتمويل الواردات، ووفقًا للبنك الدولي من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 8.7 % هذا العام.

وأدى ارتفاع التضخم والأجور الراكدة إلى تعميق شعور الإيرانيين بالإحباط، ولكن يبدو أن هذه الحالة الكئيبة قد أشعلت نار الغضب داخل المواطنين.

وفي الأيام الأخيرة، واجه المتظاهرون الغاضبون من ارتفاع أسعار الوقود قوات الأمن في 100 موقع على الأقل، متجاوزين الاحتجاجات السابقة في الضراوة والنطاق الجغرافي.

أحرق المتظاهرون البنوك ومراكز الشرطة ونهبوا المباني الحكومية وسدوا الطرق، وقالت جماعات حقوق الإنسان إن شرطة مكافحة الشغب ردت بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص الحي، وتقدر منظمة العفو الدولية أن عدد قتلى المتظاهرين تجاوز 100 شخص.

وقال أسفنديار باتمانغليدج، مؤسس موقع "بورصة آند بازار" لتحليل الاقتصاد الإيراني: "يعتبر العامل المشترك بين احتجاجات 2017-2018 وتلك التي تجري اليوم هو الإحساس بين العديد من الإيرانيين بأن الاقتصاد يتهاوى وأن الكثير من ثروة البلاد لا يتم إنفاقها على شعبها، فدافعو الضرائب الإيرانيون يتساءلون لماذا يحتاجون إلى تحمل العبء الأكبر من الإصلاحات المالية بينما تنفق الحكومة أموال الدولة على مساعيها الراسخة بدلًا من الشعب".

العديد من الشركات الإيرانية المملوكة للدولة، بما فيها تلك المرتبطة بالمرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي وفيلق الحرس الثوري، مُعفاة من دفع الضرائب، وتنفق أرباحها على تمويل العمليات العسكرية الإيرانية في الخارج، وهو أمر يغضب الإيرانيين.

وقال داود (36 عامًا)، وهو مهندس معماري في مدينة مشهد الشمالية الشرقية: "غضب الناس يتصاعد، فهم يشعرون أن الحكومة تعاملهم كأطفال ولا أحد مستعد لحمايتهم، فلم تكترث الحكومة بالشعب بما يكفي لإعداده ذهنيًا لتخفيض الدعم، قبل اتخاذ القرار"، مشيرًا إلى أن أسعار الوقود ارتفعت بنسبة 50 % بين عشية وضحاها.

وأشار إلى أنه في مدينة مشهد كانت التداعيات فورية، حيث تسببت الاضطرابات في نقص غاز الطهي، وبدأ المزارعون في الحد من الرحلات إلى المدينة؛ لأن تكلفة الوقود كانت مرتفعة للغاية.

وفي طهران، أبلغ السكان عن ارتفاع حاد في أسعار الخبز، إذ قالت سارة (30 عامًا) والتي تعمل أخصائية تسويق في طهران: "لا يزال التأثير الحقيقي لكل هذا في الطريق. فقد بدأ مستوى معيشة الناس ينخفض بالفعل، ولا أستطيع تخيل ما سيحدث في المستقبل".

وعلى الرغم من الاحتجاجات الواسعة، تمسكت الحكومة بقرارها رفع أسعار الوقود، واستشهدت بالحاجة إلى أموال إضافية لتمويل المساعدات النقدية للفقراء.

كما يقول الاقتصاديون: إن عجز الميزانية الذي يلوح في الأفق قد سرّع بحث الدولة عن مصادر جديدة للإيرادات لتعويض إيرادات النفط المفقودة بسبب العقوبات الأمريكية.

وقبل إعادة فرض العقوبات الأمريكية العام الماضي، بعد أن سحبت إدارة ترامب الولايات المتحدة من الصفقة النووية مع إيران لعام 2015، كانت طهران تصدّر ما يقرب من مليوني برميل من النفط يوميًا، ولكن هذه الكمية انخفضت إلى 500 ألف برميل يوميًا في أكتوبر الماضي، وفقًا لشركة S&P Global Platts، وهي شركة لتحليل معلومات السوق.

وحسبما ذكرت وكالات الأنباء المحلية الشهر الجاري، تعتزم إيران استبعاد جميع إيرادات النفط من ميزانيتها للعام المالي 2020، وقال هنري روما، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا الاستشارية التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، إنه من المرجح أن ترفع إيران الضرائب وتصدّر سندات الديون وتبيع المزيد من الكيانات المملوكة للدولة، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات لا تعتبر حلولًا للمشكلة الرئيسة.

إلا أن مسألة ميزانية إيران، بما في ذلك إجراءات التقشف الصارمة، قد تحولت إلى معركة كبيرة حول شرعية الدولة، إذ حرق المتظاهرون رموز الدولة وشوهوها، بما في ذلك صور خامنئي ورددوا هتافات معادية للحكومة.

وقال علي دادباي" أستاذ الشؤون المالية والاقتصاد الإيراني بجامعة دالاس: "إيران دولة تعتمد على الدعم، وفي مقابل تزويد الإيرانيين بالطاقة والغذاء الرخيص والمعاشات، تسيطر الحكومة على الاقتصاد بدون منازع، فهي من يدير محل البقالة ومحطة الوقود والمستشفى وشركة الطيران والمخبز".

وأضاف: "لذلك، عندما تخفض الحكومة الدعم أو الميزانية، يزعج هذا الكثير من الناس الذين حُرموا من أي بديل آخر، وأنا لست متأكدًا مما إذا كانت الحكومة تتفهم عمق إحباط الإيرانيين أو الضرر الذي يسببه الفساد الواسع النطاق على الاقتصاد الإيراني، فهي لا تمتلك حافزًا كافيًا يدفعها للتحرك بنشاط أكبر ومعالجة المخاوف أو الشكاوى العامة".

وبالفعل، عندما اندلعت الاحتجاجات على مدار الأسبوع الماضي، أمرت الحكومة بتعطيل الانترنت وشنت حملة قمع وحشية للقضاء على الاضطرابات.

وفي يوم الخميس، أبلغت وكالات الأنباء المحلية عن عودة تدريجية لخدمات الإنترنت إلى بعض أجزاء البلاد. وقالت منظمة "NetBlocks"، المتخصصة في مراقبة الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم، على موقع تويتر إن البيانات تؤكد الاستعادة الجزئية لاتصال الإنترنت في إيران.

إلا أن الأضرار حدثت بالفعل، بما في ذلك التأثير على مستوى معيشة الناس، إذ قالت مريم (31 عامًا)، وهي إيرانية رفضت الإفصاح عن بياناتها خوفًا من انتقام النظام، إنها سجلت للحصول على النسخة الإلكترونية من امتحانات الخريجين، وهو اختبار موحد مطلوب للقبول في بعض كليات الدراسات العليا في الولايات المتحدة، في 20 نوفمبر، ولكن بسبب تعتيم الإنترنت فاتها الامتحان واضطرت لتأجيل التحاقها بالجامعة.

وعلق داود: "في الأيام القليلة الماضية فقط، سمعت من العديد من الناس، بمن فيهم زملائي، أنهم يبحثون عن مهربين لإخراجهم وعائلاتهم من إيران، فالحكومة تريد تعذيبنا حتى نستسلم ونقبل شروطهم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com