بين مواجهة الاحتجاجات وشرعية مطالب العراقيين.. التضارب يسيطر على ساسة إيران
بين مواجهة الاحتجاجات وشرعية مطالب العراقيين.. التضارب يسيطر على ساسة إيرانبين مواجهة الاحتجاجات وشرعية مطالب العراقيين.. التضارب يسيطر على ساسة إيران

بين مواجهة الاحتجاجات وشرعية مطالب العراقيين.. التضارب يسيطر على ساسة إيران

يرصد النظام الإيراني مسار ونتائج الاحتجاجات الشعبية في العراق منذ اليوم الأول الذي اندلعت فيه، بترقب وخوف شديدين؛ لما سيتبع هذا الحراك من تداعيات على مستقبل نفوذ طهران وتواجدها في الساحة السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية العراقية، وفق محللين.

ولكن ذلك الرصد شهد تضاربًا ملحوظًا، سيما ردود أفعال المسؤولين والمحللين الإيرانيين بين فريق رافض للحراك الشعبي العراقي واتهامه بإثارة الشغب والعمالة، وبين فريق آخر أعلن أحقية المواطنين العراقيين عن احتجاجاتهم ضد تردي الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد في البلاد.

ويُمثل الفريق الأول الذي أعلن بشكل شبه مباشر عن رفضه خروج الاحتجاجات في العراق، وأبرزهم رأس النظام الإيراني المرشد، آية الله علي خامنئي، والذي وصف هذه الاحتجاجات بـ "أعمال شغب" وخارجة عن الأطر القانونية وعدد آخر من كبار رجال الدين وممثلو المرشد في خطب الجمعة وكذلك الأجهزة الأمنية.

أعمال شغب

وكان خامنئي قد قال في تعليقه الأول على أحداث الاحتجاجات في العراق ولبنان: "إن مطالب المحتجين العراقيين واللبنانيين يجب أن تتحقق ضمن الأطر القانونية وليس بأعمال الشغب"؛ وهو ما جاء ضمن إعلان صريح من المرشد عن موقف نظام طهران الرافض لاحتجاجات المواطنين في كل من العراق ولبنان.

وأيد عدد من رجال الدين الإيرانيين المتشددين تصريحات مرشد نظامهم عن رفض الاحتجاجات في العراق، من بينهم خطيب جمعة طهران، آية الله موحيد كرماني، والذي ركز في خطبة الجمعة الأخيرة على اتهام أطراف أجنبية بالتدخل في احتجاجات العراقيين ووجوب وقف التظاهرات لعدم اختراقها.

وقال كرماني أثناء إلقائه خطبة الجمعة إن "بعض الجماعات المنحرفة والتي نعتبرها شيعة إنجليز اخترقت صفوف الشعب العراقي وخاصة في كربلاء، فيما يؤيد السفير الأمريكي في بغداد أحداث العنف الذي شهدها الشارع العراقي؛ ولهذا يجب على الشعب العراقي أن يتنبه لهذا الأمر" وفق ما نقلت عنه وكالة "تسنيم" المحلية.

ولكن كرماني ناقض تصريحه السابق الذي أراد به إبعاد الشعب العراقي عن مواصلة الاحتجاج، وأكد  في تضارب صريح على حق المحتجين في التظاهر نظرًا لاستشراء الفساد وشيوع الفقر وتردي الأوضاع المعيشية، حيث قال: "إن الفقر والعنصرية توطدت بين الشعب العراقي نتيجة البنية الخاطئة، فيما تتوزع موازنة الدولة على الأحزاب والتكتلات دون أن يستفيد منها المواطنون".

من جهته اتهم خطيب جمعة اردستان، حسن دهشيري، الولايات المتحدة بالعمل على إثارة الشغب واضطراب الأوضاع الأمنية في العراق بهدف القضاء على القاعدة السياسية التي أسستها إيران في هذا البلد (العراق)؛ في اعتراف صريح بتغلغل النظام الإيراني وتدخله في البنية السياسية والاجتماعية للعراق وفق ما نقلت عنه يوم الجمعة وكالة "مهر" المحلية للأنباء.

احتجاجات محقة

أما الفريق الإيراني الآخر الذي أعلن عن تأييده لاحتجاجات العراقيين كان من بينهم نائب قائد معسكر ثار الله التابع للحرس الثوري، إسماعيل كوثري، حيث أكد أن المتظاهرين في العراق لديهم الحق في الاحتجاج على الأوضاع، مؤكدًا ضرورة تلبية السلطات العراقية مطالبهم بحل المشكلات الاقتصادية ومكافحة الفساد".

وأكد المسؤول الإيراني بالحرس الثوري أنه في حال لبّت الحكومة العراقية مطالب المحتجين فسوف تفشل مؤامرات دول أجنبية (لم يسمها) لركوب موجة الاحتجاجات واضطراب الأوضاع في البلاد وفق ما ذكر موقع "كاوش" الإخباري المحلي.

وأكد الدبلوماسي الإيراني، نصرت الله تاجيك، شرعية احتجاج العراقيين، حيث اعتبر أن ما يشهده العراق من تحولات يعبر عن هدفين؛ الأول مطالبة المواطنين بردع الفساد وفشل الأجهزة الحكومية في معالجة الأوضاع الاقتصادية، والهدف الثاني هو وقف التدخلات الخارجية في شؤون بلادهم.

واعتبر تاجيك، في تصريحات يوم الجمعة للوكالة الإيرانية الرسمية "ايرنا" أن "خروج العراقيين جاء بعد تعاظم عامل الفساد وفشل النظام في معالجة الأوضاع، أما العامل الثاني فيعود لتدخل أطراف إقليمية ودولية في العراق ضمن سياسة الضغط القصوى على إيران".

تخبط

بدورهم ركز جملة من المحللين الإيرانيين تحليلاتهم في رصد تطورات الشارع العراقي على موقف نظام طهران من هذا الحراك، لا سيما بعدما أعلن خامنئي عن موقفه ونظامه من هذه الاحتجاجات والتي يُمكن اعتبارها ضوء أخضر لإحباط الحراك العراقي الرافض لاستمرارية التدخل والنفوذ الإيراني في بلاده.

وكانت الكاتبة يلدا أميري، أوضحت في مقال منشور الخميس على موقع ”زيتون“ التحليلي، أن موقف المرشد الإيراني من الاحتجاجات في العراق ولبنان، كشف تخبط نظام طهران في السيطرة على الحراك في البلدين اللذين يمثلان جبهتين إستراتيجيتين لطهران في المنطقة.

وبيّنت أن خامنئي اعتمد في تعليقه على أحداث الاحتجاجات في بغداد وبيروت، على نظرية المؤامرة المعتادة، وذلك بعد اتهامه تدخل أجهزة وحكومات أجنبية في تحريك الأحداث في البلدين، مؤكدة أن توصيات خامنئي لشعوب العراق ولبنان بضرورة التخلي عن الاحتجاجات التي وصفها بـ ”أعمال شغب“، لن تجد صدى يُذكر في آذان المحتجين.

أما المحلل حسين آرين فقد نوه في مقاله المنشور على موقع إذاعة "فردا" المعارضة إلى بروز الرفض الشيعي العراقي للتواجد الإيراني على أراضيه؛ الأمر الذي ظهر في هجوم العراقيين الشيعة أنفسهم على مراكز وقوى سياسية مؤيدة ومدعومة من إيران من بينها جماعة عصائب أهل الحق.

ويتضح من التصريحات المتضاربة من مسؤولين بارزين في النظام الإيراني سواء في الحرس الثوري والذي يُمثل الذراع الأقوى لمشروع النظام في المنطقة أو الجهاز الدبلوماسي المعني بتسويق هذا المشروع مدى التخبط والتضارب تجاه العراق والذي يُمثل كنزًا استراتيجيًا للنظام الإيراني سواء سياسيًا أو اقتصاديًا.

وكانت تقارير إخبارية غربية لوكالتي "رويترز" و"أسوشيتد برس" كشفت نقلًا عن مسؤولين عراقيين عن جهود شاقة تبذلها طهران لإجهاض الحراك العراقي، حيث أشارت إلى تدخل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني والذي يعتبره النظام مبعوثًا خاصًا للعراق وسوريا لقمع التظاهرات في العراق واستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

ويشهد العراق ولبنان أخيرًا موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات، اعتراضًا على تردي الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد، فيما أعرب المحتجون عن إدانتهم للنفوذ السياسي للنظام الإيراني في بلديهما، الأمر الذي يُهدد انهيار رموز وقواعد طهران في بغداد وبيروت.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com