الهجمات السيبرانية تؤجج التوترات الروسية الغربية
الهجمات السيبرانية تؤجج التوترات الروسية الغربيةالهجمات السيبرانية تؤجج التوترات الروسية الغربية

الهجمات السيبرانية تؤجج التوترات الروسية الغربية

تتصاعد مخاوف الغرب، بعد هجمات سيبرانية نُسبت إلى  جهات مدعومة من موسكو.

وكتب الأمين العام لحلف "الناتو"، ينس ستولتنبرغ الشهر  الجاري أن"التهديدات السيبرانية لأمن تحالفنا أصبحت أكثر تكرارًا وتعقيدًا وتدميرًا"، محذرًا بأن هذه التهديدات صدرت من "جهات فاعلة تابعة لدولة، وأخرى مستقلة من أجزاء مترامية الأطراف في العالم"، موضحًا أن روسيا هي ما يقصده بلفظ "الدولة".

وحسبما ورد في صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تأججت المخاوف بشأن "العدوان السيبراني" في يوليو/ تموز الماضي، عندما تعرضت الحسابات الإلكترونية للمحققين الصحافيين وغيرهم من الخبراء الذين يحققون في أنشطة المخابرات الروسية لهجوم سيبراني.

وفي حين أن تلك الهجمات لم تنجح في النهاية، إلا أن محاولة اختراق حسابات "بروتون ميل"، أشهر خدمات البريد الإلكتروني الآمن، والتي تتخذ من سويسرا مقرًا لها، أعادت تركيز الاهتمام العالمي على الهجمات السيبرانية الروسية، خاصة أن خدمة "بروتون ميل" تُستخدم لتبادل المعلومات الحساسة المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دائرة المخابرات الرئيسية "GRU" في موسكو.

وفي الشهر الماضي، قال سياران مارتن، الرئيس التنفيذي للمركز القومي للأمن السيبراني في المملكة المتحدة: "نحن في مواجهة روسيا العازمة على الحصول على أفضلية سياسية تقليدية بوسائل جديدة ذات تقنية عالية".

وأضاف مارتن أن التهديدات السيبرانية من الصين وإيران وكوريا الشمالية، كانت مستمرة خلال السنوات القليلة الماضية.

وفي العام الماضي، كشفت سلطات المملكة المتحدة عن استهداف المخابرات الروسية للمؤسسات السياسية والشركات ووسائل الإعلام الرياضية، بحملة من الهجمات السيبرانية العشوائية والطائشة، والتي أثرت على عدد كبير من البلدان، بما في ذلك روسيا، وفقًا لوزارة الخارجية والمركز القومي للأمن السيبراني في المملكة المتحدة.

وقال مايك بيك، رئيس مجموعة تحليل التهديدات في شركة "دارك تريس" Darktrace العالمية، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا رئيسا لها وتتخصص في الدفاع الإلكتروني، إن "سياسة روسيا السيبرانية تغيرت، حيث توقفت عن جمع المعلومات وتحولت لهجمات تخريبية وتعطيل الصناعات المهمة".

وأضاف بيك "عندما حققت اللجنة الأولمبية الدولية في أدلة على تعاطي المشاركين الروس للمنشطات، كان رد فعل روسيا هو اختراق الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، وتسريب معلومات عن رياضيي البلدان الأخرى".

ولمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية في أغسطس/ آب، عن إنشاء وحدة عسكرية جديدة للتركيز على الاستخبارات، والاستخبارات المضادة، والعمليات المعلوماتية والحرب الإلكترونية، والحرب السيبرانية وغير التقليدية.

وفي شهر يونيو/ حزيران الماضي، قال الاتحاد الأوروبي إنه سيجري مناورات حربية للاستعداد لأي هجمات سيبرانية، في إشارة إلى عزم الاتحاد الأوروبي على زيادة التعاون ضد التدخل الروسي والصيني، وسيشمل ذلك محاكاة وزارات المالية والداخلية عدة سيناريوهات من نشر الأخبار المزيفة وسرقة البيانات إلى اختراق التكنولوجيا التشغيلية للبنية التحتية الوطنية الحيوية.

وأشار ينس ستولتنبرغ إلى أن وقوع هجوم سيبراني خطير من دولة معادية، يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات انتقامية سريعة بموجب المادة 5 من معاهدة تحالف "الناتو"، والتي تنص على الالتزام بالدفاع الجماعي، لأن الهجوم على أي دولة عضو في "الناتو" يعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء.

يُذكر أنه تم استخدام هذه المادة مرة واحدة فقط، بعد الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في عام 2001، والتي أدت إلى دعم "الناتو" لغزو أفغانستان.

وتشمل الخطوات الأخرى لمواجهة العدوان، نظام العقوبات السيبرانية للاتحاد الأوروبي، الذي تم توقيعه في مايو/ أيار، ويصدر عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول ضد الأفراد الذين ثبت تورطهم في هجمات سيبرانية.

وعلى الرغم مما تشير إليه أصابع الاتهام، تبدو روسيا منزعجة من هذه التطورات والعقوبات المحتملة، وتنكر تورطها، كما يُذكر أن وزارة الخارجية الروسية انتقدت قرار إنشاء المملكة المتحدة لوحدة عسكرية سيبرانية جديدة، واصفة التهديدات بالوهمية، وقالت إن تلك الخطوة تبرز "سياسة المملكة المتحدة المناهضة لروسيا".

وفي يونيو/ حزيران، قال أندريه كروتسكيخ، مستشار الأمن السيبراني للرئيس الروسي، لـ "الفريق العامل مفتوح العضوية" OEWG التابع للأمم المتحدة والمعني بالأمن السيبراني: "يكمن الخطر الأكبر بالهجمات السيبرانية التي قد تؤدي إلى حرب شاملة على أرض الواقع، ففكرة ما يسمى بالهجمات السيبرانية الوقائية التي تروج لها دول عدة، تشكل تهديدًا حقيقيًا للسلام والأمن الدولي".

وتعليقًا على رد روسيا، قال روبرت هانيجان، المدير التنفيذي لشركة "بلو فويانت" BlueVoyant للأمن السيبراني، والمدير السابق لوكالة المراقبة الإلكترونية في المملكة المتحدة، "إن نفي روسيا للهجمات السيبرانية أمر مخادع".

وأضاف "اعتمدت المملكة المتحدة سياسة تجنب تحميل أي دولة معينة المسؤولية، بما في ذلك روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية أو غيرهم لسنوات، ولكن هذا كان خطأ، إذ تغيرت السياسة بين 2017 و2018 عندما كانت هناك هجمات "رانسوم وير" ضخمة (هجمات تشفر البيانات وطلب فدية)، وقررت بعدها الحكومة أن الوقت قد حان للتنديد بسلوك روسيا".

وختم هانيجان تعليقه "الحقيقة أن كل الدول المتورطة استخدمت التجسس السيبراني على مدار السنين، واعتقد الناس أنه من الطبيعي للروس التجسس على الأحزاب السياسية خلال حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016، وما كان مختلفًا هو أنهم قرروا تسريب جميع رسائل البريد الإلكتروني هذه والتدخل في الانتخابات".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com