لأول مرة على الساحة الأوروبية، ظهرت إلى العلن تباينات في مواقف الحلفاء الغربيين الداعمين لكييف في حربها مع موسكو ، في وقتٍ يحاول فيه الرئيس فولوديمير زيلينسكي الضغط للسماح بضرب العمق الروسي باستخدام الأسلحة الغربية.
ألمانيا، أولى الحلفاء الغربيين التي أعلنت عن مُعارضتها رسميًا السماح لكييف بضرب العمق الروسي، إذ رفض المستشار الألماني أولاف شولتس، إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، واستخدام الصواريخ الغربية في ضرب العمق الروسي.
وتلت هذه الخطوة، تحذيرات زعيم حزب الإصلاح البريطاني اليميني نايجل فاراج من أن حصول أوكرانيا على إذن باستخدام صواريخ غربية بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية، سيؤدي إلى تصعيد خطير.
وأكد محللون لـ"إرم نيوز" أن الشركاء الغربيين يحاولون تغيير معادلة الحرب الروسية ـ الأوكرانية بعد فشل القوات الأوكرانية في استغلال الدعم الغربي وتحقيق الأهداف الأوروبية وهزيمة روسيا، وأن هذا الموقف بدأ يتغير الآن بعد أن دخلت الكثير من الدول الأوروبية في حالة من الفوضى والأزمة الاقتصادية، مع نقص في الذخائر والعتاد التي دمرت الكثير منها على أرض المعركة؛ بسبب نقص خبرات الأوكرانيين في استخدامها.
ويرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، أن الدول الأوروبية حاولت استنزاف روسيا اقتصاديا وعسكريا بعد تنامي نفوذها في أفريقيا والشرق الأوسط، لكن موسكو بعد عامين من الحرب سجلت نموا اقتصاديا، مقابل حالة من الفوضى والأزمة الاقتصادية في الدول الغربية.
وقال كارزان حميد لـ"إرم نيوز" إن الغرب يحاول تغيير إستراتيجة الحرب إلى "هجوم - هجوم"، أو على الأقل "دفاع، هجوم" لصالح أوكرانيا، وهو ما ظهر من هجوم كورسك.
ولفت إلى أن "المخاوف الأوروبية وتحديدًا ألمانيا تنبع بسبب قربها من الحدود الروسية من ناحية، ومن ناحية أخری كونها المستفيد الأكبر من الطاقة الروسية التي تزود مصانعها ومعاملها الحيوية في عموم البلاد".
وأوضح المحلل السياسي كارزان حميد أن "مشاركة مباشرة من برلين في الحرب نتيجتها قد تكون توقف مصانعها وتراجع ترتيب اقتصادها الذي بنته خلال العقود الماضية بعد الحرب العالمية الثانية".
وأضاف، أن "هناك مخاوف أوروبية أخرى تتمثل في عدم الإغفال عن حلفاء موسكو من التنين الصيني، والزعيم الكوري الشمالي وكذلك إيران".
ومن جهته، قال مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إبراهيم كابان، إن "فكرة دخول الاتحاد الأوروبي في حرب مباشرة مع روسيا تمثل مشكلة خطيرة بالنسبة للقارة العجوز، وإن القرار الألماني يأتي باعتبارها هي العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي ولا توجد دولة لها التأثير نفسه في الاتحاد".
وأشار إلى أن "ألمانيا تدرس خطواتها بشكل جيد وتتجنب التورط في حرب ضد روسيا بشكل مباشر بالرغم من دعمها لأوكرانيا بكافة الأشكال والوسائل الممكنة سواء من خلال دعم الأسلحة والأموال والإمكانيات".
وأضاف كابان، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن "ألمانيا حذرة جداً بشأن خطواتها في ملف الحرب الروسية الأوكرانية حيث تتجنب الانجراف مع أوكرانيا والوقوع في حرب مفتوحة مع روسيا" مشيرًا إلى أن "ألمانيا لا تملك أدوات الحرب الحقيقية أمام القوة الضاربة الروسية، فهي تملك اقتصادًا قويًا ولكنها لا تملك جيشًا يمكنها من ذلك".
وأوضح مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن "ألمانيا محظور عليها الكثير من الخطوات والأمور في التطور العسكري، لذا فهي تبحث عمن يقود ويكون في مقدمة الحرب في أوكرانيا كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على سبيل المثال".
وأكد كابان، أن "الموقف الأوروبي كألمانيا قد يكون أقل بالمقارنة مع موقف دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهو يرجع إلى الحذر والخوف من حرب مباشرة مع روسيا".