التفاوض بين واشنطن وإيران يصل إلى أفق مسدود
التفاوض بين واشنطن وإيران يصل إلى أفق مسدودالتفاوض بين واشنطن وإيران يصل إلى أفق مسدود

التفاوض بين واشنطن وإيران يصل إلى أفق مسدود

ناشدت بريطانيا وفرنسا إيران الإقدام على خوض مفاوضات مع الولايات المتحدة الأسبوع الجاري، لكن لم يُبدِ أيّ من الطرفين استعدادًا يذكر لمناقشة العديد من القضايا محل الخلاف، بدءًا ببرنامج إيران النووي الذي استأنفت جوانب منه وانتهاءً بالعقوبات الأمريكية التي تكبل اقتصاد طهران.

ويظهر غياب الحوار، ناهيك عن عقد اجتماع بين الرئيسين الأمريكي والإيراني، عدم استعداد أي من الجانبين حتى الآن للتخلي عن عنصرين أساسيين لسياستيهما ألا وهما اعتقاد الولايات المتحدة بأن الضغط سيؤدي إلى تركيع، إيران ورفض طهران الرضوخ للضغوط الأمريكية.

ونتيجة لذلك يتوقع مسؤولون أوروبيون وخليجيون أن تواصل واشنطن تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني ووقوع المزيد من الهجمات في الخليج، مثل الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين سعوديتين في 14 أيلول/ سبتمبر الجاري، ويحمّل الغرب طهران المسؤولية عنه رغم نفيها.

وانضم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء الماضي في دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الاجتماع مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب أثناء وجود الجميع في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.

وقال ماكرون لجونسون خلال اجتماع ثلاثي نادر مع روحاني صورته الكاميرات "إذا غادر (روحاني) البلد دون الاجتماع مع الرئيس ترامب فسوف تكون تلك فرصة مهدرة".

وقال جونسون مخاطبًا الرئيس الإيراني "ينبغي أن تقف على جانب حوض السباحة وتقفز أيضًا".

ولم يرحب مسؤولون إيرانيون بفكرة إجراء محادثات بين روحاني وترامب في نيويورك، وقال أحدهم الأربعاء الماضي إن فرصة ذلك "معدومة".

وقال مسؤول إيراني آخر طلب عدم ذكر اسمه "لقد ولى عصر استخدام الضغط لتركيع أي بلد".

وأكد المسؤولون أيضًا في السر والعلن مطالبهم بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 الذي انسحب منه ترامب العام الماضي، وتخفيف العقوبات التي تم تشديدها في أيار/مايو الماضي بهدف وقف صادرات النفط الإيرانية.

وقال المسؤول الإيراني الثاني "انسحبوا من الاتفاق وفرضوا عقوبات وحاولوا خفض صادراتنا النفطية وهددوا بقية الدول حتى تتوقف عن مساعدتنا.. ثم يتحدثون عن المحادثات؟ ليست هناك أي فرصة".

"الوضع الراهن غير المستقر"

ومن وجهة نظر المسؤولين الغربيين، ردت إيران على العقوبات الأمريكية من خلال سلسلة من الهجمات في الخليج أقلقت أسواق النفط.

وجاء الهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ قبل فجر يوم 14 أيلول/سبتمبر على منشأتي نفط بالسعودية في أعقاب هجمات سابقة على منشآت نفطية سعودية وناقلات نفط في مياه الخليج، وقد ألقي باللوم فيها على نطاق واسع على إيران، وتسبب هذا الهجوم في وقف جزء كبير من إنتاج النفط السعودي.

ويجادل منتقدون بأن عدم قيام ترامب برد عسكري أقنع طهران بأنها يمكن أن تواصل الهجوم دون عقاب.

وقال مصدر مخابرات غربي: "الإيرانيون ما زالوا مستعدين لخوض المجازفة التي تنطوي عليها مهاجمة المنشآت النفطية في السعودية لأنهم يدركون أنهم لن يدفعوا ثمنًا باهظًا".

والمجال الوحيد الذي أبدى المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون استعدادهم للحديث فيه هو تبادل السجناء، ولم يتضح بعد إن كان البلدان قد تحدثا بالفعل في هذه القضية.

وقامت الولايات المتحدة هذا الأسبوع بترحيل امرأة إيرانية أقرت بالذنب في تهمة تصدير تكنولوجيا أمريكية محظورة إلى إيران، لكن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو امتنع عن الحديث عمّا إذا كانت عملية تبادل للسجناء تلوح في الأفق.

وكان ترامب، الذي يستمتع بالقمم التي يحيط بها اهتمام إعلامي كبير، قد قال إنه مستعد للقاء روحاني في نيويورك دون شروط مسبقة، لكن الهجوم على السعودية أحبط الجهود التي بذلها ماكرون للجمع بين الزعيمين الأمريكي والإيراني.

واعتبر مصدر دبلوماسي فرنسي أن "هجمات 14 سبتمبر كانت كبيرة لدرجة أنها أصبحت نقطة تحول".

ووصف المصدر قرار إيران في أوائل أيلول/سبتمبر بتقليص مزيد من التزاماتها ضمن الاتفاق النووي، عن طريق البدء في تطوير أجهزة الطرد المركزي لتسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم، بأنه "هجوم ثالث بسكين" على اتفاق 2015.

وأضاف: "كان هناك مجال محدود للتفاوض من قبل. هذا المجال بات أصغر الآن لكنه لا يزال موجودًا".

وذكر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس الخميس أن إيران انتهكت الاتفاق مجددًا من خلال تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

مسؤول إيراني ثالث قال إن المفاوضات الأمريكية الإيرانية مازالت ممكنة، وأضاف "هناك ضوء في نهاية النفق"، لكن محللين لا يرجحون حدوث ذلك في أي وقت قريب.

وقال فيل جوردون الذي خدم في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما: "تواصل إدارة ترامب الإصرار على أن إيران تقع تحت ضغط وهذا صحيح بالتأكيد، لكن ترامب تحت ضغط كذلك، إذ تواصل إيران مهاجمة المصالح الأمريكية والعالمية وتوسعة برنامجها النووي بطرق تنطوي على خطر محتمل".

وأضاف جوردون الذي يعمل الآن في مجلس العلاقات الخارجية: "لمّحت إيران في الأسابيع الأخيرة إلى أنها غير مستعدة للإذعان لمطالب الولايات المتحدة المتطرفة كما كان يأمل ترامب فيما يبدو.. لذا يتعين على ترامب الآن أن يقرر إن كان سيرضخ لبعض مطالب إيران، وهو تنازل كبير، أو أن يقبل تكلفة ومخاطر الوضع الراهن غير المستقر".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com