بعد رحيل بولتون.. هل يستطيع ترامب حل النزاعات القائمة بالدبلوماسية؟
بعد رحيل بولتون.. هل يستطيع ترامب حل النزاعات القائمة بالدبلوماسية؟بعد رحيل بولتون.. هل يستطيع ترامب حل النزاعات القائمة بالدبلوماسية؟

بعد رحيل بولتون.. هل يستطيع ترامب حل النزاعات القائمة بالدبلوماسية؟

يتباهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقدراته كصانع صفقات، ولكن قدراته قد لا تكون كافية فيما يتعلق باتفاقيات السياسة الخارجية، فمنذ توليه منصبه في العام 2017، قام ترامب بتمزيق العديد من الصفقات التي تم التوصل إليها في ظل الإدارات الأمريكية السابقة، ولم يقدم بدائل.

في وقت سابق من هذا العام، أصدر البيت الأبيض قائمة بـ"الإنجازات التاريخية" التي حققها الرئيس، والتي لم تشمل سوى القليل من الصفقات الدولية، وحتى تلك الصفقات التي تم سردها مثل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية التي أُعيد التفاوض عليها واتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لا تعتبر قد أنجزت، حيث تشكل الأولى تقدمًا نسبيًا، بينما لا تزال الأخيرة تحتاج لموافقة الكونغرس.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإنه حتى اجتماع ترامب المهم في سنغافورة مع الزعيم الكوري الشمالي"كيم جونغ أون، لم يؤد سوى لبيان غامض طوله 400 كلمة، ولم يتم إحراز أي تقدم في هذا الأمر منذ ذلك الحين، على الرغم من إلغاء اجتماع مع كيم في هانوي وعقد اجتماع قمة في المنطقة المنزوعة السلاح في شبه الجزيرة الكورية.

إلا أن قرار ترامب بالانسحاب من المحادثات في فيتنام يدل على أسلوبه في عقد الصفقات الدولية، إذ انسحب من مجموعة متنوعة من الصفقات: الاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية باريس لتغير المناخ، واتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ.

وفي الوقت نفسه، ساهم الرئيس في تفاقم التوترات مع الدول الأخرى، أبرزها الصين والتي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم وعدوًا للسياسة الخارجية، الأمر الذي من المرجح أن يكون محط اهتمام كبير في انتخابات عام 2020 الرئاسية.

إلا أن الدلائل الأخيرة، تُظهر أن ترامب ربما يتطلع إلى بدء"فترة عقد الصفقات" من رئاسته، حيث أشار الرئيس مؤخرًا إلى استعداده للتحدث مع أعدائه مثل حركة طالبان الأفغانية وقادة إيران، كما أنه يشعر بالقلق إزاء الآثار الاقتصادية غير المباشرة للحرب التجارية مع الصين.

النار والغضب

وهذا الأسبوع، أقال ترامب مستشار الأمن القومي الصارم جون بولتون، والذي كان يعارض عقد ترامب الصفقات مع كوريا الشمالية وغيرها.

ومع خروج بولتون من الصورة واقتراب الانتخابات، ربما يتطلع ترامب إلى الانتقال من مرحلة "النار والغضب" في فترة رئاسته إلى مرحلة السلام والتجمل، وتتساءل الصحيفة: لكن بعد عامين من الفوضى، هل يستطيع ترامب أن يتقن "فن عقد الصفقات" في الشؤون الدولية؟

وتعد رغبة ترامب في عقد لقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أقرب الفرص التي يمكن لترامب استعراض مهاراته في عقد الصفقات فيها، فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني العام الماضي، وإعادة فرض العقوبات على البلاد، كانت العلاقات بين واشنطن وطهران متوترة، خاصة مع تضرر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات وتزايد خطر النزاع في الخليج العربي هذا الصيف.

ويبدو أن ترامب قد يكون الآن على استعداد للتراجع، حيث ألمح الرئيس قبل أيام إلى استعداده لتخفيف العقوبات على إيران في محاولة لتأمين لقاء مع روحاني، وهي خطوة عارضها بولتون، وربما تكون سبب رحيله.

وتهرب الرئيس من الإجابة عندما سُئل، اليوم، عن الأمر، وقال:"نأمل أن نتمكن من عقد صفقة، وإذا لم نتمكن من ذلك، فلا بأس، لكنني أعتقد أنه يتعين عليهم عقد الصفقة".

ومن الصعب توقع رد قيادة إيران، خاصة المرشد الأعلى المتشدد علي خامنئي على ذلك، ولكن من المرجح أنها مهتمة بتخفيف العقوبات على اقتصادها المتعثر.

ومن المتوقع أن يصل ترامب وروحاني إلى مدينة نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث يمكنهما عقد لقاء جانبي.

كما ظهر حماس ترامب الشديد لعقد لقاءات مع الخصوم الأجانب، الأسبوع الماضي أيضًا، عندما أعلن أنه كان يسعى إلى عقد اجتماع مع قادة طالبان الأفغان ونظرائهم في الحكومة الأفغانية في كامب ديفيد، والذي كان من المقرر عقده قبل أيام فقط من الذكرى الـ 18 لهجمات 11 سبتمبر 2001.

وقال ترامب، يوم الاثنين:"لقد قابلت الكثير من الأشرار والأخيار"، مضيفًا أنه"يعتقد أن كامب ديفيد سيكون موقعًا جيدًا للاجتماع".

وهناك أيضًا علاقة ترامب مع الصين، والتي من المرجح أن تحدد إرثه في السياسة الخارجية، فلطالما أكد الرئيس أنه يريد عقد صفقة مع بكين، وأعلن، أمس الأربعاء، أنه سيؤجل الزيادة المقررة في التعرفات الجمركية على البلاد لمدة أسبوعين، "كبادرة حسن نية".

كما تجنب ترامب إلى حد كبير التعليق على القضايا المثيرة للجدل من الناحية السياسية، مثل احتجاز المسلمين في منطقة "شينجيانغ"، والاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، خوفًا من الإضرار بالصفقة المحتملة.

وقال كورت تونغ، الذي شغل منصب القنصل العام للولايات المتحدة في هونغ كونغ حتى هذا الصيف، إن الإدارة تعاملت مع المظاهرات باعتبارها قضية "من الدرجة الثانية".

وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، في وقت سابق من هذا الصيف، أن "تونغ" قد مُنع من التحدث بصرامة بشأن احتجاجات هونغ كونغ، خشية أن يؤدي ذلك إلى عرقلة المحادثات التجارية مع بكين.

ويُظهر نهج ترامب تجاه كوريا الشمالية، أن التحول المفاجئ من الصراع والتناحر إلى المحادثات الدبلوماسية أمر ممكن، كما يوضح أن هذه السياسة قد لا تؤتي ثمارها بالضرورة، فلم يحرز ترامب أي تقدم يذكر منذ لقائه مع زعيم كوريا الشمالية في يونيو/حزيران 2018، واستأنفت كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية.

وحتى مع استمرار الأمل في إجراء مزيد من المحادثات هذا الشهر، يبدو أن نافذة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية قد أغلقت، إذا كانت مفتوحة سابقًا في الأساس.

وقد يكون ترامب قد أساء تقدير الموقف مع إيران أيضًا، فمن المستبعد أن ينبهر روحاني أو غيره من المسؤولين الإيرانيين بفكرة عقد مؤتمر قمة مثلما حدث مع كيم، إذ تريد إيران تخفيف العقوبات، وليس تعزيز مصداقيتها على الساحة العالمية.

وعلى الرغم من أن مسؤولي حركة طالبان أمضوا شهورًا في التفاوض على شروط السلام مع الولايات المتحدة في فنادق الدوحة الفاخرة، إلا أنهم يتمتعون بالأفضلية على ترامب، ولا يمكن لزيارة كامب ديفيد أن تغير ذلك، فلطالما أشار ترامب إلى رغبته بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بغض النظر عن اتفاق السلام، وإلغاء قمة كامب ديفيد وإعلان انتهاء المحادثات بعد هجوم طالبان الذي أسفر عن مقتل جندي أمريكي، لم يغير شيئًا.

القلق حيال الاقتصاد

ويعتقد المسؤولون الصينيون أنهم قد توصلوا إلى أسلوب ترامب التفاوضي، فقدموا الحد الأدنى من التنازلات هذا الأسبوع، في محاولة للسيطرة على المنظور العام قبل استئناف المحادثات في نوفمبر/تشرين الثاني، فهم يعلمون أن ترامب يشعر بالقلق حيال الاقتصاد وعلامات الأزمة الاقتصادية المقبلة قبل عام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وعلى النقيض فإن الرئيس الصيني شي جين بينغ، ليس عليه القلق بشأن إعادة انتخابه.

وربما تكون أكبر التحديات التي تواجه ترامب في تغيير نهجه لا تتمثل في التعامل مع أعدائه، بل مع حلفائه، فعلى الرغم من أن بولتون قد رحل، إلا أن طريقة رحيله تشير إلى أنه قد يصبح شوكة في ظهر ترامب عن بعد.

وحتى وزير الخارجية المخلص لترامب مايك بومبيو، يُعتبر من معارضي إيران الصارمين في مجلس النواب، وقد يفسر طموح بومبيو لشغل مناصب عليا تحفظاته حول بعض صفقات ترامب في السياسة الخارجية.

ومن المرجح أن يؤدي نهج ترامب غير المنضبط في السياسة الخارجية، إلى نفور العديد من الناخبين، ولكن من ناحية أخرى، يبدو أن مؤيديه غالبًا ما يزدهرون في الفوضى، فقد يرغب الرئيس في التركيز على إبرام صفقات، لكنه سيكتشف أن عقد الصفقات ليس بسهولة تمزيقها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com