قالت مجلة "جون أفريك" إن الضربات الأخيرة بالطائرات المُسيّرة في مالي، ولا سيما في محيط مدينة تينزاواتين، تبرز الاستخدام المتزايد للطائرات بدون طيار من قبل جيوش دول الساحل في معركتها ضد الجماعات الجهادية، مؤكدة أن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة، وخصوصا أن استخدام الطائرات المُسيّرة أصبح أداة أساسية في العمليات العسكرية في المنطقة.
وأوضحت المجلة أنه بعد هزيمة كبيرة تعرضت لها القوات المسلحة المالية وحلفاؤها من مجموعة "فاغنر" الروسية في أواخر يوليو أمام متمردي الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام (CSP-DPA)، ردت باماكو بسلسلة من الضربات بالطائرات المُسيّرة قرب الحدود الجزائرية.
بدورها، أكدت السلطات المالية أن الضربات استهدفت "إرهابيين"، مشيرة إلى مقتل حوالي 20 مسلحًا، إلا أن الإطار الاستراتيجي والجزائر نفيا ذلك، مدعين أن الضربات أوقعت العديد من الضحايا المدنيين، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الجزائر ومالي.
وأكدت المجلة، أن استخدام الطائرات المُسيّرة من قبل دول الساحل، بما فيها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت هذه الدول تعتمد على الطائرات المُسيّرة المسلحة في استراتيجياتها العسكرية لمواجهة التمرد، حيث تُعد جزءًا أساسيًا في جهودها لمكافحة الإرهاب.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطائرات تأتي من دول مثل تركيا، التي زودت هذه الدول بها ضمن ترسانتها العسكرية.
ولفتت "جون أفريك" إلى المخاطر المصاحبة لهذه الحرب باستخدام الطائرات المُسيّرة، إذ إن أحد أبرز هذه المخاطر هي الأضرار الجانبية التي تُحدثها الضربات، والتي تؤدي غالبًا إلى سقوط ضحايا مدنيين، مؤكدة أن هذه الحوادث تُزيد حدة التوتر بين الحكومات المركزية والسكان المحليين في مناطق النزاع، ما يفاقم الأزمة.
وأشارت إلى قضية أخرى تتمثل في الاعتماد المتزايد على الموردين الأجانب للحصول على الطائرات والمعدات العسكرية، موضحة أنه بينما تلجأ حكومات الساحل إلى حلفاء جدد مثل تركيا لشراء الأسلحة، فإنها تخاطر بالانتقال من نوع من التبعية إلى آخر.
وبحسب الصحيفة، تعود جذور حركات التمرد في منطقة الساحل إلى قضايا متعددة مثل التهميش السياسي، والتفاوت الاقتصادي، والنزاعات العرقية، مشيرة إلى أنه من أبرز هذه الحركات، الطوارق الذين طالبوا بالحكم الذاتي في شمال مالي منذ الستينيات، ما أدى إلى اندلاع عدة احتجاجات على مر العقود.
كَما ظهرت في السنوات الأخيرة، جماعات إسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيمات مثل القاعدة وداعش، الأمر الذي زاد تعقيد المشهد، حيث استغلت هذه الجماعات هشاشة الدول وانتشار الفقر لتعزيز نفوذها، إلى جانب هذه الحركات، ظهرت فصائل جديدة مثل الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام (CSP-DPA)، التي تسعى للدفاع عن مصالح شعوب مثل الطوارق في مواجهة السلطات المركزية.