الستار الحديدي الجديد.. الدفاع الصاروخي الروسي يتحدى القوة الجوية الأمريكية (صور)
الستار الحديدي الجديد.. الدفاع الصاروخي الروسي يتحدى القوة الجوية الأمريكية (صور)الستار الحديدي الجديد.. الدفاع الصاروخي الروسي يتحدى القوة الجوية الأمريكية (صور)

الستار الحديدي الجديد.. الدفاع الصاروخي الروسي يتحدى القوة الجوية الأمريكية (صور)

بنت روسيا حلقة من الدفاعات الجوية التي تهدد نفوذ الجيش الأمريكي شمال سوريا وعلى طول حدود أوروبا الشرقية حول الدائرة القطبية إلى الشرق، ما أجبر واشنطن على إعادة النظر في مكانتها كقوة جوية عالمية بلا منازع.

ويبدو أن نظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "S-400" الروسي، الذي يعد درعًا جويًا قاتلًا، يغير حسابات الولايات المتحدة وحلفائها في مناطق حرجة، بداية من انتشاره في سوريا.

وبحسب صحيفة "وول ستريت" الأمريكية، يستخدم النظام الدفاعي رادارًا تزعم روسيا أنه يستطيع رصد أحدث طائرات الشبح، ويشكل شبكة عبر غرب سوريا تمتد من تركيا إلى البحر المتوسط إلى إسرائيل.

وكشف الجنرال فيكتور جوميوني، قائد قوات الدفاع الجوي الروسية في مقابلة تلفزيونية، أنه رغم عدم اختباره في المعركة، إلا أن رادار S-400 يبعد طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، وقال: "بمجرد إدراكهم أنهم يخضعون للمراقبة، يرحلون".

وجذبت تكتيكات الحرب الروسية الهجينة ضد الغرب، والتي تشمل حملات التدخل الانتخابي وحملات التضليل الإعلامي، قدرًا كبيرًا من اهتمام المشرعين والحكومة الأمريكية، كما يُظهر انتشار نظام S-400 كيف تستثمر روسيا بشكل كبير في القوة العسكرية التقليدية.

وقال ألبرجيد كولبي، مدير برنامج الدفاع في مركز الأمن الأمريكي الجديد: "علينا أن نفهم أن فترة الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة على الجو انتهت".

نظام S-400 في سوريا

ومن جانبه اعترف البنتاغون بأن نشر نظام S-400 في سوريا أجبر التحالف على تعديل عملياته الجوية، ولكنه أكد أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بحرية الحركة في الجو بشكل عام.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية: "يمكننا مواصلة العمل في المكان الذي نحتاج إليه".

وجدد البيت الأبيض استراتيجيته للأمن القومي في أواخر 2017 لمراعاة التحدي الجديد، وقال تقريره إن روسيا "تنشر قدرات عسكرية تهدف إلى حرمان أمريكا من الوصول في أوقات الأزمات وتعوق قدرتنا على العمل بحرية، فهم يحاربون أفضليتنا الجيوسياسية".

وأكدت لجنة أقامها الكونغرس من الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لتقييم استراتيجية الرئيس ترامب الدفاعية هذه المخاوف في تقرير صدر في تشرين ثاني/ نوفمبر، وخلصت اللجنة إلى أن روسيا كانت تسعى إلى "الهيمنة الإقليمية والأدوات اللازمة لمد نفوذها على مستوى العالم".

وقالت اللجنة إن تصرفات روسيا "تقلل من الأفضلية العسكرية الأمريكية وتهدد المصالح الأمريكية الحيوية".

لطالما عارض الكرملين ما يسمى النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن خلال سياستها الخارجية العدوانية بشكل متزايد، وتسعى روسيا إلى الحصول على موطئ قدم في عالم مقسم إلى مناطق نفوذ تسيطر عليها موسكو وواشنطن وبكين.

إلا أن موسكو ليست متحمسة لمجابهة القوات الأمريكية بشكل مباشر، فميزانية الدفاع الروسية تبلغ عُشر حجم ميزانية البنتاغون، وعلى الرغم من تدخل روسيا في سوريا وغزو شبه جزيرة القرم، إلا أن قوتها الجوية وقدراتها البحرية أقل بكثير من الجيش الأمريكي والجيش الصيني.

وفي سوريا، قُتل عدد أكبر من أفراد الجيش الروسي في حوادث تحطم الطائرات من أولئك المقتولين بنيران العدو، وذلك وفقًا للبيانات الرسمية. أما حاملة الطائرات الروسية الوحيدة "الأدميرال كوزنيتسوف"، يُجرى إصلاحها بعد أن سقطت رافعة على السفينة في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وتسببت في أضرار خطيرة، وربما لا يمكن إصلاحها.

ويهدف نظام S-400 إلى إعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديدًا قاتلاً ضد التدخل العسكري الغربي في حالة اندلاع أزمة على الحدود الروسية الاوروبية، في الشرق الأوسط أو كوريا الشمالية.

وكان وجود نظام S-400 في سوريا وسيلة ترويج فعالة، مما جذب اهتمام حلفاء واعداء الولايات المتحدة، وأثار شراء الصين والهند للنظام، والصفقات المحتملة مع تركيا والمملكة العربية السعودية، مخاوف المسؤولين في واشنطن وحلف شمال الأطلسي.

ومع تزايد مبيعات روسيا، يخلق النظام الدفاعي حواجز تهدد عقودًا من التفوق الجوي الأمريكي بدون منازع في الشرق الأوسط والقطب الشمالي وأجزاء من آسيا، ومن خلال بيع نظام S-400 إلى بلدان أخرى، تقسم روسيا تكلفة خطتها للحد من النفوذ الأمريكي.

وقال "سيرغي كاراجانوف"، مستشار السياسة الخارجية للرئيس بوتين: "روسيا لا تريد التفوق العسكري، لكنها أنهت تفوق الغرب والولايات المتحدة، والآن، لا يمكن للغرب استخدام القوة دون حساب".

وقال البنتاغون إن الإجراءات الروسية لم تغير موقف أمريكا بعد، وقال "اريك باهون"، المتحدث الرسمي باسم البنتاغون: "إن الولايات المتحدة لا تزال القوة العسكرية البارزة في العالم وتواصل تعزيز العلاقات مع حلفاء وشركاء الناتو للحفاظ على افضليتها الاستراتيجية، والولايات المتحدة وحلفاوها لديهم العديد من الإجراءات في متناول أيديهم لضمان بقاء توازن السلطة في صالحهم".

صعود روسيا

بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، أصبحت الولايات المتحدة تلعب دور القوة العظمى في العالم دون منازع.

وفي أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، استخدمت الولايات المتحدة تفوقها الجوي ضد الحكومات الأجنبية التي تعتبر تهديدًا، واستهدفت أفغانستان والعراق ثم ليبيا.

وفي عام 2010، أعلن بوتين عن خطة لتحديث الجيش الروسي، قائلاً إن بلاده ستنفق ما يعادل 650 مليار دولار على مدى عقد من الزمان، وشملت الخطة استبدال وتحديث الطائرات السوفياتية والدفاعات العتيقة المضادة للسفن.

ويعد انشغال روسيا بالدفاع هو نتاج تاريخها، والذي يمتد من غزوات "نابليون بونابرت" في حرب عام 1812 إلى القوات النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وقال مايكل كوفمان، وهو باحث في مجموعة بحثية غير ربحية تدعى "سي إن أيه" في "أرلينغتون" بولاية "فرجينيا": "تشكل الجيش الروسي بشكل مختلف تمامًا عن القوى الهجومية مثل الولايات المتحدة، فهو لا يهدف إلى أن يكون مشابه لجيش الولايات المتحدة الأمريكية، بل يهدف لمواجهته".

ويواجه مشترو نظام S-400 عقوبات أمريكية محتملة بموجب قانون 2017 الذي يعاقب الحلفاء الذين يتعاملون مع صناعة الدفاع الروسية.

وتلقت الصين شحنة S-400 في العام الماضي، وتم بالفعل فرض عقوبات على قسم تطوير المعدات التابع لها، والذي أشرف على عملية الشراء، في أيلول/ سبتمبر.

وعقدت الهند في تشرين أول/ أكتوبر الماضي صفقة بقيمة 5 مليارات دولار لشراء نظام S-400المضاد للطائرات، وهي تأمل في تجنب العقوبات، قائلة إنها كشريك أمني للولايات المتحدة يمكنها أن توازن قوة الصين المتنامية، ولم يتضح بعد ما إذا كانت صفقة السعودية مع روسيا ستكتمل بسبب الضغط الأمريكي.

واعترض البنتاغون على صفقة شراء تركيا لنظام S-400، قائلاً إنها ستقرّب نفوذ روسيا من عمليات الناتو، فعادة ما تستقبل أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات بيانات من السواتل والطائرات لرصد الهجمات. وقال مسؤولون امريكيون إن دمج نظام ٍS-400 في القواعد التركية سيعطي روسيا ايضًا نظرة ثاقبة على طائرات F-35 الشبح.

وأضافوا أن صفقة شراء تركيا للنظام الصاروخي تعرض توصيل مقاتلات F-35  المتجهة إلى تركيا للخطر.

ومن جانبهم قال المسؤولون الأتراك إنهم بحاجة إلى نظام مضاد للطائرات لحماية الحدود الجنوبية مع سوريا، وقد وضعت واشنطن صواريخ "باتريوت" التي تديرها الولايات المتحدة في جنوب تركيا في عام 2013، بعد أن أسقطت القوات المسلحة السورية مقاتلة تركية وقتلت اثنين، وتم إزالة النظام في عام 2015 عندما شهدت الولايات المتحدة الخطر السوري يتلاشى.

وعرضت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين بيع نظام "باتريوت" الصاروخي لتركيا، وزار وفد أمريكي أنقرة الأسبوع الماضي لتحديد التفاصيل، ومع ذلك، قالت تركيا إنها لا تخطط للتخلي عن صفقة S-400.

مقارنة صاروخية

على الورق، يتفوق نظام S-400 على نظام صواريخ باتريوت، حيث يستطيع رادار نظام  S-400 تتبع ما يصل إلى 300 هدف محتمل من الصواريخ أو الطائرات حتى مسافة 250 ميلاً وبسرعة تصل إلى 3 أميال في الثانية، بينما لا يستطيع نظام باتريوت تتبع سوى 100 هدف فقط واصابة هدف يتحرك بسرعة قصوى أقل بقليل من ميل في الثانية.

وتحتوي وحدة S-400 التقليدية على أربع قاذفات محمولة على عربة نقل بعجلات، ويستغرق الأمر حوالي 8 دقائق لدفع أنابيب الإطلاق التي يبلغ ارتفاعها 10 أمتار إلى وضع عمودي، وتشغيل الرادار وتعقب واستهداف العدو.

ويتم نشر معظم قاذفات S-400 في روسيا على طول الحدود الغربية للبلاد؛ كما تدافع فرق S-400 عن شبه جزيرة القرم في البحر الأسود، التي استولت عليها موسكو من أوكرانيا في عام 2014.

ونشرت روسيا عدة فرق إلى 4 مناطق بالقطب الشمالي في روسيا، ومع ذوبان الجليد القطبي بسبب الاحترار العالمي، ترى كل من واشنطن وموسكو أقصى الشمال كمنطقة جديدة للسفر البحري تربط آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى كونها بقعة لاستكشاف الطاقة.

وإلى الشرق، تم وضع نظام S-400 لتغطية الطرف الشمالي من جزر الكوريل، وهي المنطقة التي استولى عليها الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب العالمية الثانية، بينما تسيطر اليابان على 4 جزر في الطرف الجنوبي من الأرخبيل.

وتمتلك روسيا أكثر من 300 وحدة من نظام الدفاع الصاروخي في جميع أنحاء البلاد، وذلك وفقًا لوزارة الدفاع الروسية، ولكن الرقم الدقيق والمواقع سرية.

وتتهم واشنطن موسكو بانتهاك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في حقبة الحرب الباردة، قائلة إن الصاروخ الروسي "9M729" يمكن أن يصل إلى مدى محظور بموجب الاتفاق، ومن جانبها تنفي روسيا أن الصاروخ ينتهك الاتفاقية.

ونشرت روسيا دفاعات أخرى لإحباط محاولات قوات العدو عن اختراق حدودها البحرية والبرية، حيث تعزز الصواريخ المضادة للسفن دفاعات جزيرة كوريل، وهناك صواريخ "إسكندر" البالستية قصيرة المدى التي تحمي منطقة "كالينينغراد" الروسية، بين ليتوانيا وبولندا.

وعلى الرغم من التراجع الاقتصادي في السنوات القليلة الماضية، بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية، خصص الكرملين في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي 19 تريليون روبل إضافي، أي أكثر من 300 مليار دولار، لميزانية على أبحاث الأسلحة وتطويرها وإنتاجها على مدى العقد المقبل.

وبالنظر إلى المستقبل، تعمل شركة "ألماز-آنتي"، صانعة الأسلحة الروسية التي تصنع أنظمة الدفاع المضادة للطائرات، على تطوير نظام S-500، والذي سيكون أكثر تقدمًا لمواجهة القذائف التسيارية الأسرع من الصوت والقذائف العابرة للقارات المستقبلية.

اختارت الشركة مصنعين لتصنيع S-500على نطاق واسع، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2020.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com