ألماني يقيم "مملكة" داخل الدولة ويصدر جوازات سفر لـ250 مواطنًا
ألماني يقيم "مملكة" داخل الدولة ويصدر جوازات سفر لـ250 مواطنًاألماني يقيم "مملكة" داخل الدولة ويصدر جوازات سفر لـ250 مواطنًا

ألماني يقيم "مملكة" داخل الدولة ويصدر جوازات سفر لـ250 مواطنًا

يلجأ بعض المواطنين إلى الانتقادات ومهاجمة الحكومة عندما تتعارض أفعال المسؤولين مع أفكارهم، ولكن الألماني "بيتر فيدزك" قرر اتباع نهج مختلف، حيث أقام مملكته الخاصة داخل الدولة، وأصدر جوازات سفر لمن رغبوا في الانضمام إليه.

وأطلق "بيتر فيدزك" على نفسه في جواز سفره الأبيض الجديد اسم "بيتر الأول"، مانحًا نفسه لقب "ملك ألمانيا"، وأوضح في جواز السفر أن السلطة المصدرة هي "مملكة ألمانيا"، وهي دولة وهمية أسسها فيدزك العام 2012، ويزعم أنها تضم أكثر من 250 مواطنًا.

ووفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقع المملكة بالقرب من مدينة "فيتنبرغ" في شرق ألمانيا، وتغطي هكتارًا واحدًا (10 آلاف متر مربع).

ويصرّ فيدزك أنها تستوفي جميع معايير البلد المستقل، وأنه لا قانون ألمانيا ولا حكومتها تحكمان أرض المملكة، حيث تمتلك المملكة علمًا ورمزًا ودستورًا خاصين بها، بالإضافة إلى بنك ونظام صحي ومعاش تقاعدي، كما تمتلك عملة منفصلة تسمى "إي مارك".

وفي مقابلة في فيتنبرغ، شرح فيدزك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية هي مجرد "مؤسسة إدارية"، مثل النادي، وقال: "إذا قام رئيس النادي بأشياء لا أحبها أو إذا بدأ النادي في متابعة الأهداف التي لا يستطيع ضميري دعمها، عندئذ أترك هذا النادي. يجب أن يكون الأمر كذلك بالنسبة للجمهورية الاتحادية".

ويعتقد معظم الألمان أن هذا المفهوم سخيف مثل التتويج الفخم الذي أقامه فيدزك منذ بضع سنوات، ولكن وفقًا لمؤسسة الاستخبارات الداخلية في البلاد، يعتبر نهج السيد فيدزك جزءًا من حركة جديدة مقلقة تتضمن تشكيك الألمان في سلطة الجمهورية الاتحادية.

مواطنو "الرايخ"

وشرح المحللون السياسيون أن هذه الحركة، التي يُشار إليها عادةً كمواطني "الرايخ" أو ذاتيي الإدارة، هي أحد أعراض نفس الوعكة السياسية التي عززت ظهور حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، وهو الحزب اليميني المتطرف الذي فاز بنسبة 13% من الأصوات في الانتخابات العامة في العام الماضي.

وقال ديرك ويلكينج، الباحث في معهد "ديموس" في بوتسدام، ومؤلف كتاب صدر حديثًا عن مواطني "الرايخ": "ما تراه هو استياء عميق الجذور يتحول إلى تطرف شديد ورغبة في الانفصال تمامًا عن الجمهورية الاتحادية".

وأضاف: "هذا أيضًا تعبير عن ترسخ انعدام الثقة تجاه مؤسسات الدولة، وقد دفع هذا بالحزب البديل من أجل ألمانيا إلى البرلمان، كما دفع مواطني الرايخ إلى الخروج من الدولة تمامًا".

وقدر تقرير حديث صدر عن وكالة الاستخبارات الداخلية "مكتب حماية الدستور في ألمانيا" (BfV)، أن "هذه الحركة تضم 16500 عضوًا، وهي زيادة ملحوظة عن السنوات الأخيرة، والتي قدر عدد المتطرفين اليمينيين فيها بـ900 فقط".

وسلّطت الوكالة الضوء على الطبيعة المتفردة للحركة، ولكنها وجدت بعض القواسم المشتركة أيضًا.

وقال التقرير: "ما يوحد أعضاء هذه الحركة هو رفضهم شرعية وسيادة جمهورية ألمانيا الاتحادية والنظام القانوني القائم".

ومن جانبه يرفض "فيدزك" وصفه بمواطن "الرايخ"، والتي أصبحت تشير إلى ميول يمينية متطرفة واضحة، ويصر على أنه يتجنب التطرف السياسي، وقال: "ليس لي أي علاقة باليمين المتطرف، أنا مسالم تمامًا ولن أستخدم العنف أبدًا، وكل ما فعلته هو طرح عرض للناس".

سقوط الحكم

إلا أن هذا لم يجعل فيدزك بمنأى عن المشاكل القانونية، ففي العام 2017، أدين بالاختلاس وإدارة أنشطة مصرفية غير قانونية، وحكم عليه بالسجن لـ3 سنوات و8 أشهر، ولكن المحكمة العليا أسقطت الحكم في مارس / آذار 2017، وتم إطلاق سراح فيدزك من السجن في انتظار محاكمة جديدة محتملة، كما أنه يخضع للمراقبة من قبل وكالة الاستخبارات الداخلية، والتي أشارت هذا العام إلى أنه متهم في المشاركة بـ "جهود تهدف لإحباط الدستور".

وتتنوع الحجج السياسية والقانونية التي دفعت مواطني "الرايخ" لإدارة ظهورهم للجمهورية الفدرالية، ومن بين النظريات الشائعة أن ألمانيا لم تشكل أبدًا دولة سليمة بعد العام 1945، ولا تزال محتلة من قوات الحلفاء.

وقال يواخيم وديرما، مؤسس حزب سياسي لمواطني الرايخ يدعى "مستقبل ألمانيا": "ألمانيا الغربية والشرقية هما من صنع قوات الاحتلال، وتم إنشائهما تحت سيطرة الحلفاء، لهذا السبب لم ولن تكون الجمهورية الفيدرالية دولة ذات سيادة".

ويستخدم "يواخيم" جواز سفر غير رسمي صادر عن "الحكومة الألمانية المنفية"، وهي منظمة مقرها برلين تبيع جوازات سفر خاصة بالرايخ مقابل 100 يورو، ورخص قيادة مقابل 50 يورو، وشهادات مواطنة مقابل 30 يورو، ويقول كل من فيدزك ويواخيم، إنهما استخدما جوازات سفرهما على الحدود دون مشاكل.

إلا أن القلق الأكبر بالنسبة لمسؤولي الشرطة والأمن الألمان، هو الميل لاقتناء الأسلحة بين نسبة كبيرة من أعضاء الحركة، حيث يقدر المكتب الاتحادي لحماية الدستور، أن 7% لديهم رخصة سلاح، مقارنة بنسبة 2 في المئة من عامة السكان، وفي أكتوبر / تشرين الأول 2016، أصاب أحد مواطني "الرايخ" 4 ضباط شرطة بالرصاص، ما أسفر عن مقتل أحدهم، أثناء محاولتهم تنفيذ مذكرة تفتيش.

مشاكل قانونية

ومع ذلك، تعتبر معظم المشاكل القانونية خفيفة إلى حد كبير، حيث تتنوع بين القيادة بدون رخصة صالحة، أو رفض دفع الضرائب والمخالفات المرورية، وقال فيدزك، إنه لم يدفع ضريبة الدخل مدة 10 سنوات على الأقل، وإن السلطات لم تتخذ أي اجراء ضده بعد.

وأوضح الباحث "ديرك ويلكينج"، أن الآخرين قد يدفعون ثمن مثل هذا التحدي، وقال: "يمتنعون عن دفع ثمن مخالفات المرور، والرسوم والضرائب، ثم تأتي الغرامات، مما يتسبب في إفلاسهم، فهم ينسلخون عن النظام ولكن في النهاية يواجهون الخراب المالي".

وختمت الصحيفة، موضحة أن "بيتر الأول" ملك ألمانيا، يصر أن مملكته الدستورية الاختيارية سوف تنتصر، وقال إن الألمان الذين يشاركونه الاعتقاد بأن الجمهورية الاتحادية تحكمها "كيانات إجرامية" ولا تعمل لصالح مواطنيها، في تزايد، كما قال إن هناك عددًا متزايدًا يفيق ويقول "ضميري لم يعد يسمح لي بالمشاركة في هذا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com