طهران تسعى لاتفاق نووي دون تطبيع العلاقات مع واشنطن
طهران تسعى لاتفاق نووي دون تطبيع العلاقات مع واشنطنطهران تسعى لاتفاق نووي دون تطبيع العلاقات مع واشنطن

طهران تسعى لاتفاق نووي دون تطبيع العلاقات مع واشنطن

طهران ـ قد تكون ايران مستعدة للتوصل لاتفاق نووي مع القوى العالمية لانعاش اقتصادها لكنها لا تتعجل الذهاب أبعد من ذلك باعادة العلاقات مع الولايات المتحدة خشية أن تقوض تلك الخطوة الدعم الداخلي.



وقال مسؤول إن المؤيدين المتشددين للزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي توصلوا إلى تسوية مع مؤيدي الرئيس البراجماتي تقضي بأن تحاول طهران الفوز بتخفيف للعقوبات الدولية بحل النزاع النووي لكن دون تطبيع العلاقات مع "الشيطان الاكبر".

لكن بعض حلفاء الرئيس حسن روحاني ربما لم يتخلوا عن فكرة اعادة العلاقات مع واشنطن التي قطعت بعد الثورة الاسلامية عام 1979 .

وكان العداء للولايات المتحدة نقطة تجمع شمل المؤسسة الدينية رغم عقود من العزلة السياسية والصعوبات الاقتصادية المرتبطة بالعقوبات بسبب هذا النفور.
ويقول محللون إنه بمجرد ابعاد هذا الشبح المخيف سيضعف الرباط الايديولوجي الذي يجمع سويا القيادة التي تعاني من الانقسام بين الفصائل.

وقال مسؤول كبير مؤيد للاصلاح "يفهم المتشددون أن الاتفاق النووي سيفيد المؤسسة لكنهم يرون تطبيع العلاقات مع امريكا تهديدا لسلطتهم."

وتجري إيران والقوى العالمية الست -الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمانيا والصين وبريطانيا- محادثات لكبح النشاط النووي لإيران مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات. ويواجه الطرفان موعدا نهائيا حدداه بيوم 24 نوفمبر تشرين الثاني للتوصل الى اتفاق شامل بعدما فات الموعد الاصلي في يوليو تموز.

وتشتبه الولايات المتحدة وبعض من حلفائها في أن ايران تستخدم برنامجها النووي ستارا لتطوير قنابل ذرية. وتنفي ايران ذلك وتقول انه مخصص لأغراض مدنية صرفة.

وتتفق المؤسسة التي تصنع السياسات في ايران وتتألف من اسلاميين متشددين وبراجماتيين واصلاحيين على موضوع واحد على الأقل وهو أن التوصل لاتفاق نووي شامل سيساعد ايران لتصبح أغنى اقتصاديا وأقوى سياسيا عبر تخفيف العقوبات ورفعها في نهاية الأمر.

والحلفاء المتشددون لخامنئي مستعدون لتحمل جلوس دبلوماسيين ايرانيين مع نظرائهم الأمريكيين لبحث القضية النووية. لكنهم يخشون أن يمهد التوصل لاتفاق الطريق لعلاقات كاملة مع الولايات المتحدة بما يضعف في نهاية الأمر نفوذهم وسلطة خامنئي وبالتالي شرعية الثورة الاسلامية.

ويقول محللون ومسؤولون إن معسكر روحاني يعتقد أن إنهاء العداوة مع واشنطن أمر حيوي لتحسين الاقتصاد لكن المؤيدين المحافظين لخامنئي يريدون فقط تحسنا محدودا بين الخصمين اللدودين. وسيعني تطبيع العلاقات مع واشنطن تجاوز خط أحمر بالنسبة لهم.

وقطعت واشنطن وطهران العلاقات الدبلوماسية بعدما استولى طلاب على السفارة الأمريكية في طهران في مثل هذا الأسبوع قبل 35 عاما واحتجزوا 52 أمريكيا رهائن لمدة 444 يوما.

وقال رجل الدين المتشدد علي رضا بنهايان لحشد تجمع خارج المجمع السابق للسفارة الأمريكية في طهران والتي توصف في ايران منذ الاستيلاء عليها بأنها "عش الجواسيس" إن "الحدث هذا العام مشرب بروح العداوة تجاه القوى المغرورة. إنه يستدعي شعارات اقوى ضد امريكا."

وقال التلفزيون الحكومي "لن نتوصل الى تفاهم أبدا مع الأمريكيين المتوحشين حتى إذا اخترنا التفاوض. هؤلاء الأمريكيون.. أكلة لحوم البشر.. لا يجب أن يقفزوا إلى أي استنتاج من خلال تلك المحادثات."

ومنذ انتخاب روحاني في 2013 حدث شد وجذب بين معسكري المتشددين والبراجماتيين بشأن السياسة الخارجية وخاصة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الولايات المتحدة.

وقال مسؤول ايراني كبير طلب عدم نشر اسمه "توصلوا الى تسوية: حل النزاع النووي لكن دون تطبيع العلاقات مع الشيطان الاكبر."

واقتنع خامنئي بمساندة المحادثات النووية بسبب حالة الاقتصاد الذي أضعفته القيود الأمريكية والأوروبية على صادرات ايران النفطية والتمويل الدولي وأيضا ارتفاع الاسعار وازدياد البطالة ولزوم المستثمرين جانب الحذر في الانفاق.

وأسكت خامنئي المنتقدين المتشددين لروحاني بأن حث مرارا على الوحدة والثقة في الحكومة ووصف المفاوضين النووين بأنهم "أبناء الثورة". ويقول محللون إن روحاني سيحظى بدعم خامنئي طالما ان سلطته لم تتجاوز سلطة القائد.

وقال مسؤول كبير سابق مؤيد للاصلاح "بعض حلفاء روحاني يرغبون في استئناف العلاقات مع الولايات المتحدة. وهذا منشأ المشاكل."

وبموجب نظام ولاية الفقيه الايراني يسيطر خامنئي على السلطة القضائية وقوات الأمن ومجلس صيانة الدستور الذي يدقق في القوانين والمرشحين الانتخابيين والبث العام ومؤسسات تمتلك جانبا كبيرا من الاقتصاد.

ويحرص خامنئي دائما على ألا تكتسب أي جماعة حتى من حلفائه المحافظين قوة تكفي لتحدي سلطته. وعرقل محاولات من رؤساء سابقين لتعزيز سلطتهم كما حدث حين حاول الاصلاحي محمد خاتمي انشاء مجتمع اكثر حرية وحين حاول المتشدد أحمد نجاد تنفيذ سياسات شعبية.

ويقول محللون إن المتشددين يخشون أن يؤدي تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الى فقدان المؤسسة الدعم من مؤيديها الرئيسيين مما يؤدي الى اضعاف موقفها داخليا وخارجيا.

ويقول خامنئي إن عداء المؤسسة تجاه الولايات المتحدة سيستمر رغم وجود استعداد لدى بعض المسؤولين الايرانيين لحوار أوسع مع واشنطن.

وقال المسؤول الايراني الكبير "تحسين الاقتصاد مهم لكن ليس على حساب التضحية بأسس الثورة."

وطهران وواشنطن لديهما تهديدات ومصالح مشتركة في انحاء الشرق الاوسط. وسبق أن تعاونتا تكتيكيا في الماضي وتحسنت العلاقات بدرجة طفيفة منذ انتخاب روحاني الذي وعد "بحوار بناء" مع العالم.

وفي ظل القلق من صعود المتشددين السنة في سوريا والعراق واضطرابات الربيع العربي والحرب الأهلية في سوريا بدأ الزعماء الايرانيون في حساب الخسائر والفوائد لمواصلة عداوتهم تجاه الولايات المتحدة.

وقال المسؤول السابق "أيضا.. النظر في احتمال التوصل لاتفاق نووي وأثره على اقتصاد ايران زادا من تشجيع المؤسسة على تخفيف لهجتها."

لكن ايران ما زالت تدعم الرئيس السوري بشار الأسد حليفها الاقليمي الوحيد. ويقول خصوم غربيون إن ايران تدعم الاسد بالأسلحة والمال وأفراد من الحرس الثوري لتدريب ميليشيات للمساعدة في كسب الحرب. وتنفي ايران تقديم دعم عسكري ومالي لسوريا.

ويريد كثيرون على المستوى الشعبي في المجتمع الايراني علاقة "جيدة" مع الولايات المتحدة ويتمنون زيادة حرية المجتمع وتحسين الظروف الاقتصادية. وبدأت وفود غربية لقطاع الأعمال زيارة ايران بالفعل مما يمهد الطريق ليوم تخفيف العقوبات.

وقال الموظف في القطاع الخاص محمد رضا اصغري في مدينة بندر عباس الساحلية الجنوبية "اشعر هذه الايام بالفخر لكوني ايرانيا مرة أخرى. الدول الغربية تتسابق للاستثمار في ايران."

لكن ربما ليست مفاجأة أن بعض الايرانيين ما زالوا يتشككون في الغربيين بعد عقود من العداء. وقالت زهرة صفري (19 عاما) والتي تدرس الفلسفة في طهران "إنهم ليسوا اصدقاءنا الحقيقيين. انهم يرون ايران كفرصة كبيرة لكسب الاموال.. مثل الذئاب الجائعة."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com