كلاهما منعوت بالتسلط والاستبداد.. أردوغان التركي والاهتمام بمادورو الفنزويلي
كلاهما منعوت بالتسلط والاستبداد.. أردوغان التركي والاهتمام بمادورو الفنزويليكلاهما منعوت بالتسلط والاستبداد.. أردوغان التركي والاهتمام بمادورو الفنزويلي

كلاهما منعوت بالتسلط والاستبداد.. أردوغان التركي والاهتمام بمادورو الفنزويلي

 حرصت تركيا الرسمية من خلال وسائلها الإعلامية على تسليط الضوء على البوليفار الفنزويلي وقرار كراكاس، الذي وصفته بـ"الحكيم"، حذف ستة أصفار منه؛ "لتفويت الفرصة على المتربصين الذين يريدون إشاعة الفوضي في البلاد".

هذا الحرص لا يعود فقط إلى أن تركيا عانت أيضًا من تضخم جامح قبل سنوات، ترتبت عليه كثرة الأصفار على أوراق الليرة، والتي سيتم إزالتها لاحقًا، بل إنه يأتي في ظل اهتمام واسع يرعاه الرئيس رجب طيب أردوغان شخصيًا، ويحث مستشاريه عليه، وهؤلاء بدورهم يصدرون التوجيهات التي هي أقرب إلى التعليمات الدائمة للميديا، مرئية ومقروءة بإبراز كل ما هو إيجابي في فنزويلا، والابتعاد عن رصد أي سلبيات.

ومقارنة بمعظم بلدان الكاريبي وقارة أمريكا الجنوبية إجمالًا، يحتل هذا البلد مكانة خاصة وفريدة في ظل حكم أردوغان والمسافات الشاسعة، لا تؤثر في دفء العلاقات، وفي هذا السياق كان طبيعيًا أن يشارك مادورو في مراسم تنصيب أردوغان في يوليو الفائت ضمن قلّة لبوا الدعوة.

ووفقًا لرموز من المعارضة التركية، لم يكن الأمر يحمل أدنى مصادفة في أن غالبية القادة الـ22 الذين حضروا يتم نعتهم من قبل ساسة أوروبيين وأمريكيين بالتسلط والاستبداد أسوة بالرئيس الذي تم تنصيبه.

تحليلات صاخبة

وقام أردوغان سباقًا بالاتصال بنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، للاطمئنان على سلامته عقب نجاته من محاولة الاغتيال الفاشلة، التي تعرض لها في مستهل أغسطس الحالي، وقالت رئاسة الجمهورية في العاصمة أنقرة إن "أردوغان قدم التهنئة لمادورو، متمنيًا الشفاء العاجل للجرحى الذين أصيبوا خلال الحادث الإجرامي". وكان الأخير هو الآخر في طليعة الذين هنّؤوا أردوغان على نجاحه في وئد الانقلاب الذي استهدف نظامه منتصف يوليو عام 2016.

واللافت أن وسائل الإعلام التي أصبحت في مجملها موالية لأردوغان، حفلت بجملة من التحليلات الصاخبة التي صبت جميعها في صالح مادورو، منددة بالمتآمرين الأشرار ضده المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تفتق ذهن المحللين إلى نتيجة مؤدّاها أن تركيا وفنزويلا تواجهان عدوًا مشتركًا متمثلًا في البيت الأبيض، المعادي لمادورو الذي اختاره شعبه، وفي الوقت نفسه يرفض طلب أنقرة تسليمها الداعية فتح الله غولن، مصبغًا عليه حمايته، رغم أنه قاد انقلابًا فاشلًا ضد الرئيس التركي المنتخب ديمقراطيًا.

مفارقات المعلقين لم تقتصر عند هذا الحد، بيد أنهم أدانوا وبشدة أوروبا التي حذت حذو دونالد ترامب في العداء لمادورو، حتى جيران الأخير لم يسلموا من انتقادات إعلاميي أردوغان، الذين رأوا في مواقفهم نكوصًا عن الديمقراطية التي جاءت بمادورو إلى السلطة.

سياسات الشعبوية

وكان طبيعيًا أن تثير تلك التعليقات سخرية مواقع التواصل الاجتماعي وتندرها على تلك الديمقراطية، التي لا وجود لها إلا في خيالاتها، مرجعة استبسالها في الدفاع عن مادورو إلى وجود أوجه تشابه عديدة، بين ما يحدث في تركيا الآن وما حدث في فنزويلا على مدار العقدين الأخيرين، فطبقًا لما ذهبت إليه الباحثة إيلاء جول، فسياسات الشعبوية أدت إلى تدهور الاقتصاد بدرجة كبيرة، وفي يوليو 2017، وصل سوء الإدارة بمادورو إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة منحته بدورها سلطات ديكتاتورية مطلقة، والصدفة أنها تمت في السنة عينها، التي حصل فيها أردوغان عبر استفتاء مثير للجدل على لقب "حكم الرجل الفرد".

وأدت مزاعم الفساد واسعة النطاق إلى إثناء المستثمرين الأجانب المحتملين عن ضخ رؤوس الأموال في اقتصاد كلا البلدين، كما أن حسابات أردوغان الخاطئة أودت بالليرة إلى الانهيار ووصول التضخم إلى معدلات لا يمكن السيطرة عليها، من ثم فكل هذه المعطيات تؤكد بوضوح أن النسخة المحدثة من تركيا تسير على نفس الدرب الذي سارت عليه فنزويلا قبلها، والوقت المتاح لإنقاذها من الانحدار نحو دولة فاشلة، واقتصاد منكوب يكاد ينفد.

وهكذا فتقارُب العدالة والتنمية الحاكم، ذو الجذور الإسلامية مع النظام الاشتراكي الثوري بإيديولوجيته الماركسية، لا يمكن تفسيره سوى بالتقاء المستبدين معًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com