هل عززت العقوبات الأمريكية نفوذ الحرس الثوري الإيراني؟
هل عززت العقوبات الأمريكية نفوذ الحرس الثوري الإيراني؟هل عززت العقوبات الأمريكية نفوذ الحرس الثوري الإيراني؟

هل عززت العقوبات الأمريكية نفوذ الحرس الثوري الإيراني؟

عندما اندلعت احتجاجات عنيفة ضد الفساد والنقص الحاد في المياه في مدينتي "خرمشهر" و"عبادان" في جنوب إيران هذا الشهر، كان رد فعل السلطات غير عادي.

فبالإضافة إلى استدعاء الشرطة لقمع المظاهرات، تم إرسال أعضاء من الحرس الثوري إلى الموقع، وهناك، في حرارة الصيف الحارقة، عملوا ليلًا ونهارًا لإكمال خط أنابيب بطول 90 كيلومترًا لتوفير مياه الشرب للأشخاص الذين واصلوا الانتظار في طابور وهم يحملون الدلاء.

وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تعد جهود الحرس الثوري لحل أزمة المياه مثالاً بارزًا للطريقة التي ساعدت بها الاضطرابات الناجمة عن فسخ دونالد ترامب للاتفاق النووي الموقع العام 2015، على تعزيز نفوذ الحرس الثوري، الذي يعتبر في الأساس أحد أقوى المؤسسات في إيران.

وفي الوقت نفسه، قوضت العقوبات نفوذ المعتدلين تحت قيادة الرئيس حسن روحاني، الذي اضطر إلى التقرب من الحرس الثوري لتعزيز قبضته على السلطة.

وقال مسؤول تنفيذي مقرب من المتشددين الإيرانيين: "نظرًا لصعوبة إدارة إيران تحت ضغط العقوبات، ليس أمام روحاني خيار سوى الاستماع إلى الحرس الثوري".

وكان قرار الولايات المتحدة في آيار /مايو الماضي بالانسحاب من الاتفاقية الموقعة مع القوى العالمية، والتي كانت تعد أبرز إنجازات روحاني، يهدف جزئيًا إلى وقف تدخل طهران في الشؤون الإقليمية والحد من برنامج الصواريخ الباليستية الطموح.

ولكن هذا القرار عزز الفصائل الإيرانية المتشددة، في المؤسسة الدينية والقضائية وكذلك في الحرس الثوري، وهي الفصائل نفسها التي رفضت إبرام الاتفاق مع الولايات المتحدة منذ البداية.

وتمكنت هذه الجماعات، التي تعتقد أن موقفها قد تمت تبرئته، من استخدام تهديدات ترامب وآخرين لتعزيز سلطتهم مرة اخرى، مما زاد الضغط على روحاني، الذي تضررت مصداقيته بشدة بسبب فشله في الحفاظ على الاتفاق وصد القيود الاقتصادية الجديدة من واشنطن.

ووفقًا للمحللين، حقق الرئيس بعض النجاح سابقًا في كبح جماح نفوذ الحرس الثوري في السياسة الإيرانية الداخلية والاقتصاد، ولكن الآن هذه الجهود أصبحت معلقة إلى حد كبير.

وقال حسين مرعشي، وهو سياسي إصلاحي: "بذل الرئيس جهودًا هائلة من أجل التوصل إلى اتفاق، ولم يلق سوى السخرية من الولايات المتحدة، وفي مثل هذا الظرف من الطبيعي أن يضعف موقف روحاني والإصلاحيين ويصبح نفوذ المتشددين أقوى".

وأضاف: "يجب على الدول الغربية أن تدرك أنهم إذا مارسوا ضغوطًا كبيرة على إيران، فقد يؤدي ذلك لإطلاق العنان لقوى شيعية متطرفة وإطلاق موجة جديدة من التطرف الإسلامي".

ووفقًا للصحيفة، تشتكي القوى المؤيدة للإصلاح، التي ساعدت العام الماضي في إعادة انتخاب روحاني لفترة حكم ثانية، من تهميش أصواتهم بشكل متزايد في عملية صنع القرارات التي يتخذها الرئيس.

وكان تغيير الأسلوب واضحًا خلال زيارة روحاني مؤخرًا إلى سويسرا، عندما تبنى أسلوبًا غير معهود، وتحدث عن إمكانية تعطيل إيران لعبور ناقلات النفط في الخليج إذا تعرضت طهران لعقوبات نفطية.

ودفع ذلك العميد "قاسم سليماني"، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، إلى الإشادة بروحاني لأنه تحدث "مثل الرجل الذي كنت أعرفه من قبل"، حتى أنه عرض تقبيل يد الرئيس.

وقال رجل أعمال له علاقات مع المتشددين: "إن الحرس يريد من روحاني أن ينأى بنفسه عن الإصلاحيين إذا أراد البقاء في السلطة، وكان ذكاء سليماني واضحًا عندما وضع تعليقات روحاني كاستراتيجية جديدة".

ويمتد نفوذ الحرس إلى أبعد من دوره الأصلي، والذي يتمثل في حماية المؤسسة الدينية من التهديدات الأمنية المحلية والخارجية، حيث تم تشكيل القوة التي يبلغ قوامها 120 ألف فرد بعد ثورة العام 1979 بالتوازي مع الجيش التقليدي واكتسبت سمعتها خلال الحرب بين إيران والعراق في الثمانينات. ومن ثم دخلت الشخصيات الرائدة في الحرس الثوري العالم التجاري، وكونت إمبراطورية تجارية تمتد الآن إلى العديد من جوانب المجتمع.

يقييد المصالح التجارية

وعندما تم انتخاب روحاني في العام 2013، وعد بتقييد مصالح الحرس التجارية، ورفض منح الشركات التابعة للحرس عقودًا لمشاريع كبرى خاصة في قطاع الطاقة.

وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2017، تغلب روحاني على المنافسين المتشددين الذين يزعم الإصلاحيون أنهم مدعومون من الحرس الثوري.

وبينما مرت إيران بالعديد من الاضطرابات، يقول المراقبون السياسيون إن الحجم غير المسبوق للتحديات الداخلية والخارجية الحالية يثير تساؤلات حول بقاء الجمهورية الإسلامية.

حالة اليأس

هذا وقد استنتج العديد من الإيرانيين العاديين، أن الدولة لا تستطيع إصلاح نفسها سياسيًا واقتصاديًا، وأن هؤلاء المرتبطين بالنظام فقط هم الذين يستطيعون الازدهار.

ويتهم الإصلاحيون المتشددين بلعب لعبة خطيرة من خلال تأجيج مشاعر الاستياء واليأس هذه.

واعترف أحد السياسيين المؤيدين للإصلاح قائلًا: "لم نواجه قط مثل هذا القدر من عدم الثقة، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهنا، ولكن السياسيين مشغولين بالتناحر بين بعضهم البعض ومع الولايات المتحدة".

ويأمل بعض السياسيين الإيرانيين أن يتمكنوا من تخطي المشكلة بالانتظار على أمل أن ترحل إدارة ترامب في العام 2020، ويقول آخرون إن تأثير العقوبات المدمر على الاقتصاد الإيراني المتعثر يعني أنهم لا يملكون هذه المدة الطويلة.

ويقول أحد المصادر المطلعة على النظام: "في الوقت الراهن، يدعم الزعيم الإيراني، علي خامنئي، بقاء الرئيس في السلطة، من أجل الحفاظ على الاستقرار".

وفي الوقت نفسه، قال مدير تنفيذي له علاقات بالمتشددين، إن المرشد الأعلى سيسمح لروحاني بالسعي وراء اتفاق دولي آخر في أعقاب فشل الاتفاق النووي، وفي تلك الظروف الحالية سيسمح خامنئي لنفوذ الحراس بالنمو.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com