"قمة هلسنكي" بين بوتين وترامب.. نصر روسي أم انتكاسة أمريكية؟
"قمة هلسنكي" بين بوتين وترامب.. نصر روسي أم انتكاسة أمريكية؟"قمة هلسنكي" بين بوتين وترامب.. نصر روسي أم انتكاسة أمريكية؟

"قمة هلسنكي" بين بوتين وترامب.. نصر روسي أم انتكاسة أمريكية؟

بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثل القمة التي يعقدها مع فلاديمير بوتين مجازفة قد تأتي بنتيجة عكسية على الصعيد السياسي في الداخل والخارج. وأما بالنسبة للرئيس الروسي فمجرد انعقاد القمة في حد ذاته مكسب سياسي كبير.

ورغم أن روسيا تكاد تكون دولة منبوذة في نظر بعض الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة، فإن الكرملين يحاول منذ فترة طويلة ترتيب القمة ويراهن على أن بوتين وترامب سيأتلفان بما يؤدي إلى وقف التدهور الحاد في العلاقات الثنائية بين البلدين.

ورغم أنه لا أحد في الجانبين يتوقع حدوث انفراجة كبيرة في مسائل، من بينها العقوبات الأمريكية، فإن موسكو تعتبر القمة اعترافًا أمريكيًا بوضع روسيا كقوة عظمى، وتمثل إدراكًا أمريكيًا متأخرًا بضرورة أخذ المصالح الروسية في الاعتبار.

وقال العضو البارز في مجلس الاتحاد الروسي عن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، أليكسي بوشكوف: "الحقيقة المتثملة في أن لقاء بوتين- ترامب سيفصح -فقط- عن شيء واحد وهو أن الولايات المتحدة لا يمكنها، رغم كل ما تبديه من هستيريا، عزل روسيا أو تجاهلها".

وأضاف: "استغرقت واشنطن وقتًا طويلًا للتوصل إلى هذه الفكرة، لكنها أدركت الأمر في النهاية".

ولم تتبدد المآخذ الغربية على روسيا من ضم شبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين في أوكرانيا ومساندة الرئيس السوري بشار الأسد.

ومن الاتهامات الأخرى التي تنفيها موسكو تدخلها في السياسة بالولايات المتحدة وأوروبا وتقديم السلاح الذي أسقط طائرة ركاب فوق أوكرانيا في 2014 ومحاولة قتل جاسوس روسي سابق في بريطانيا باستخدام غاز أعصاب.

ويرى منتقدو الكرملين في الداخل والخارج في قرار ترامب عقد القمة مع بوتين في ضوء تلك الظروف إضفاءً للشرعية الدولية على بوتين، ويقولون، إنه لا يستحق ذلك في غياب أي تغير مهم في سياسات موسكو على الصعيد الدولي.

إلا أن رئيس مؤسسة "رياك" لأبحاث السياسة الخارجية، أندري كورتونوف، قال إن بوتين "حقق بالفعل النصر الذي ينشده" في روسيا حيث النظام السياسي مهووس بالتسلسل القيادي والمقامات واستعراض النفوذ.

وأضاف كورتونوف، رئيس "رياك"، التي تربطها صلات وثيقة بوزارة الخارجية الروسية: "فهذا يسمح له بتأكيد وجهة نظره أن روسيا ليست معزولة، وأنها قوة عظمى، بل ويمكنه إلى حد ما الزعم بأن البلاد على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، على الأقل في المجال الأمني".

والتوقعات كبيرة في روسيا أن تكون لبوتين الذي يتمتع بخبرة عالمية تفوق 18 عامًا ميزة على ترامب الذي لم يشغل منصبًا عامًا قبل تنصيبه رئيسًا في العام الماضي.

وسبق أن التقى الاثنان مرتين في مناسبات أخرى، وتحدثا عبر الهاتف ما لا يقل عن ثماني مرات.

وفي اليوم الذي تم فيه الاتفاق على القمة، وصف الكاتب السياسي فيتالي تريتياكوف ترامب في التلفزيون الروسي بأنه "مبتدئ في السياسة العالمية" يمكن أن يشرح له بوتين الفكر الروسي ودواعي أحقية روسيا في ضم شبه جزيرة القرم إليها.

وقال سيرجي ميرونوف، النائب عن حزب "روسيا العادلة" المؤيد للكرملين في برنامج آخر للحوارات السياسية، إن بوتين ستكون له اليد العليا بالتأكيد في هلسنكي.

هل هي بداية لذوبان الجليد؟

في نظر الروس الأكبر سنًا، يؤكد عقد القمة في هلسنكي ما يردده بوتين وذلك بتجديد ذكريات مواجهات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة عندما كانت موسكو عاصمة قوة عظمى حقيقية.

ورغم أن العلاقات مع الصين والهند والاتحاد الأوروبي ربما تكون أكثر أهمية من الناحية الاقتصادية فلا يزال الساسة الروس يقيسون قوة بلادهم الناعمة والصلبة على المستوى العالمي مقابل الولايات المتحدة.

ولا يتوقع أحد في روسيا أن تسوي القمة الخلافات التي أدت إلى فرض عقوبات أمريكية مؤلمة عليها. وأظهر استطلاع نشرته مؤسسة تابعة للدولة يوم الاثنين، أن أكثر من نصف 1600 من الروس البالغين تنبأوا بأن القمة لن تحقق نتائج ملموسة.

إلا أن هلسنكي تتيح فرصة ثمينة لإمكانية ذوبان الجليد في العلاقات، وذلك في نظر الساسة الروس الذين هللوا عندما علموا بأن ترامب فاز في الانتخابات الأمريكية على أمل تقارب لم يتحقق بل ازدادت العلاقات تدهورًا.

ورأى أصحاب الآراء المتشددة في زيارة نادرة لموسكو هذا الشهر قام بها وفد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين دليلًا على تحول التيار.

وقال النائب فياتشيسلاف نيكونوف المؤيد لبوتين وحفيد وزير خارجية ستالين في تلفزيون الدولة هذا الشهر: "قبل ستة أشهر اقترحنا عليهم (النواب) أن نتواصل عبر سكايب. وكان ذلك بالنسبة لهم انتحارًا سياسيًا. لكنه ليس كذلك الآن".

وأضاف نيكونوف، أن ترامب قوي الآن بما يكفي لمتابعة جدول أعماله الخاص.

وتابع: "هذه واحدة من العلامات على أن الريح تهب لصالحنا بفضل ترامب إلى حد كبير. لا أتذكر أي رؤساء (أمريكيين) مؤيدين لروسيا لكني أريد أن أذكركم أنه (ترامب) من أكثر الساسة تأييدًا لموسكو في الوقت الحالي في الولايات المتحدة".

وقد شددت وسائل الإعلام المدعومة من الكرملين على أهمية عقد القمة على أرض محايدة لضمان ألا يبدو أن لترامب اليد العليا.

وقال ديمتري كيسيليوف مقدم برنامج (فيستي نديلي) الإخباري الأسبوعي الرئيس في التلفزيون الروسي، إن موسكو شاهدت كيف استقبل ترامب قادة آخرين على أرضه وعرض لقطات لترامب وهو يقبض بشدة على يد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي وينفض قشر الشعر عن كتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ويتجهم وجهه وهو يقف إلى جوار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وقال كيسيليون المقرب من الكرملين في تقرير عن الموضوع: "على أرض محايدة سيكون الكل أهدأ".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com