أردوغان يخسر المدن الكبرى
أردوغان يخسر المدن الكبرىأردوغان يخسر المدن الكبرى

أردوغان يخسر المدن الكبرى

إذا انتهى عهد أردوغان، فمن المرجح أن تكون مدن تركيا هي التي سددت الضربة القاضية.

فوفقًا لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، رفضت أكبر ثلاث مدن في تركيا، اسطنبول وأنقرة وأزمير، استفتاء العام 2017 الذي أوجد منصب الرئيس القوي الذي يعد جائزة السباق الانتخابي في يوم الأحد، وذلك يرجع لكونها أكثر تنوعا وأقل تدينا من قاعدة الرئيس رجب طيب أردوغان في المناطق النائية.

أردوغان هو المرشح الأوفر حظاً، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن النتيجة ستكون متقاربة، ومع ارتفاع نسبة الأتراك الذين يعيشون في المناطق الحضرية من 65% في العام 2001 (السنة التي سبقت وصول حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان إلى السلطة) إلى 74 % حاليًا، فإن الإشارات التي تنذر بأن الناخبين في المدن الكبرى يتحركون ضده تمثل تحذيرات عاجلة للرجل الذي قاد تركيا لمدة أطول من أي شخص آخر.

هذا التحول دراماتيكي ومثير للدهشة، فقبل أن يصبح الزعيم الوطني كان أردوغان عمدة لأكبر مدينة في تركيا، إسطنبول. ومنذ انتخابه رئيساً للوزراء في العام 2003، كان يحكم كعمدة وطني، حيث يأمر بإعادة بناء حديقة هنا، وطريق جديد هناك، بينما تدفع المدن الكبرى بالازدهار الاقتصادي في تركيا، وتتولى المهام الكبرى من تأسيس المطارات الجديدة إلى أبراج المكاتب المتلألئة.

وفي عشية الانتخابات الحزينة والتي من المحتمل أن تكون تاريخية، استطلع صحفيو الوكالة نبض الناخبين في شوارع وميادين أكبر 4 مدن تركية.

اسطنبول

يعتبر حي غونغورين منطقة عمالية من المباني السكنية المتهالكة التي تفصلها المتنزهات الصغيرة، ويبلغ عدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة، وهو يمثل نوعا من المقاطعات التي يحتاج اردوغان لإبقائها في صفه، فقد فاز فيها بنسبة 54 في المائة من الأصوات في كل من استفتاء عام 2015 و2017، لكن الشكوك بدأت تتوغل فيها.

يقول "بنهور" أحد مؤيدي أردوغان، وهو محاسب مسن له حضور قيادي، إنه ما من تغيير، فمن الذي لا يملك هاتفا بألفين ليرة (425 دولارا)؟

وأضاف: "نفس الأشخاص يقولون إنهم فقراء، ولا أحد يعرف كيف يكون ممتناً. الجميع يملك سيارات ولديه إنترنت، ما الذي يمكن للمرء أن يطلبه أكثر من ذلك؟"

استأذن بنهور وسار على طول شارع "سوغانلي"، الذي يبدو مهجوراً تحت شمس الصيف، رغم أنه كان مزدحما سابقًا بمتاجر تبيع كل شيء من الإطارات إلى الكباب، ولكن العديد منها الآن مغلقا ومعروضا للايجار.

وبمجرد رحيل بنهور، يبدو أن بعض الرجال الذين كانوا يستمعون من حوله تجرأوا على الكلام، ورغم كونهم في الغالب مؤيدون لأردوغان، إلا أن المخاوف واضحة أيضًا.

وقال نوري أوزون 56 عامًا: "إن الطبقات العاملة تتعرض لضغوط كبيرة"، موضحًا أنه سيصوت لأردوغان رغم ذلك.

ونوه حسين بالسي إلى مزاعم بالفساد تدور حول حزب العدالة والتنمية، وقادة البلديات، ويصر أن أردوغان "لا يعرف أي شيء عن ذلك".

وصوَّت طاهر هاسيميتوغلو "نعم" في استفتاء أردوغان، ولكنه لا يعتزم التصويت في نهاية هذا الأسبوع، موضحًا بغضب عندما سئل عن الاقتصاد: "لقد باعوا موانئنا، ويبيعون مصانعنا ومناجمنا"، قبل أن يشير إلى أنه عليه التوقف قبل أن يبدأ التدخين مرة أخرى.

وعلى بعد بضعة كيلومترات في "يازلدريك"، وهو حي سوق كثيف أسفل جوامع اسطنبول العظيمة، يقف بائعا ملابس الأطفال أورهان كيلينك وميكيت كوكا، وكشف كوكا أنه لم يحدد من سيصوت لصالحه، لكنه يعتقد أن فوز أردوغان مرجح، ولكنه غير راض على آفاق تركيا الاقتصادية، وقال: " نحن نستورد الماشية والمنسوجات والسيارات، وكتجار، أريدنا أن ننتج هذه الأشياء بأنفسنا".

بينما يدعم كيلينك حزب العدالة والتنمية، ويعتقد أن المعارضة قادرة على إدارة تركيا، لكنه يقول: "لا أريد تغيير الحكومة لأن هذا سيجلب حالة من عدم اليقين والبطالة".

أنقرة

كانت أنقرة في حالة من الانكماش عندما جعلها "مصطفى كمال أتاتورك" عاصمة تركيا منذ قرن تقريبًا، ولكنها الآن مدينة بها 4.5 مليون نسمة، وتمتد عبر سهل الأناضول. وتتميز جيوب المدينة بتقليد جمهوري قوي، معادي لأردوغان، لكن أصوات الضواحي حافظت على منصب العمدة في أيدي الأحزاب الإسلامية لمدة 24 سنة.

وفي متنزه "جوفان بارك" الذي يقع على بعد بضع دقائق سيرًا على الأقدام من البرلمان، يبيع إسماعيل جويبيكان تذاكر اليانصيب الوطنية هناك، ويقول إنه يفعل ذلك منذ 30 عامًا، مشيرًا إلى أن الأحوال المالية متدهورة، وأن التضخم يعني أن أرباحه الهزيلة لا توفر الكثير.

وأضاف: "انظر إلى ما كنت تستطيع شراءه بـ 40 ليرة قبل 5 سنوات، مقارنة بالآن".

عند إخباره بأن تركيا كانت من بين الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم في العام الماضي قال غاضبًا: "ما الذي جنيته من ذلك؟ كبلد، نحن ننفق أموالا لم نجنيها، ونعيش على الديون. والجميع يتجاهل مشاكل تركيا الاقتصادية، والحكومة تترأس هذا الجهد".

وبينما يساعد المسافرين على الصعود لحافلتهم الصغيرة في موقف قريب، يوافق سليمان تومبول أوغلو على أن الظروف صعبة والتضخم مشكلة، ويلوم الحرب في سوريا المجاورة، ويقول "بدون ذلك، كنا لنأكل الخبز بنصف ليره".

ومع ذلك يدعم سليمان الرئيس أردوغان، ويقول: "الأمر لا يتعلق بالاقتصاد أو أي شيء آخر، بل بتصديه لزعماء العالم، لقد دعمته لذلك، وما زلت أفعل".

بورصة

العاصمة الأولى للدولة العثمانية، وتعرف هذه المدينة الشمالية الغربية باسم "بورصة الخضراء" بسبب كثرة الأشجار. وهي مركز صناعي مزدهر، وهي مركز لصناعة النسيج ومصانع سيارات "رينو" و"فيات"، وتشتهر بالكباب مع الزبادي وصلصة الطماطم.

وهناك تقول مريم تيجا، وهي تاجرة نسيج عمرها 48 عاماً، إنها ستصوّت ضد حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان للمرة الأولى.

وشرحت: "كانوا وجوهًا جديدة عندما وصلوا إلى السلطة، وأبلوا جيدًا آنذاك، ولكن في الآونة الأخيرة، أقلقني سعي اردوغان للانفراد بالسلطة، واثارته للانقسامات، وانحدار حالة السوق".

وأضافت: "لا توجد صناعة، فقد انتهى التصنيع. ليس هناك شك في أن أردوغان لديه صفات قيادية مثيرة للإعجاب، ولكن أعتقد أن مرشح المعارضة الرئاسي محرم انجه يمتلكها أيضاً".

ويحتار خان كاراتاس 22 عاما بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب "الجيد" القومي، فهو معجب بوعود الأخير بالتركيز على الشباب، ويعتقد أن حزب العدالة والتنمية "ارتكب أخطاء"، عندما سمح بدخول عدد كبير من اللاجئين السوريين.

أزمير

استضافت إزمير ، وهي معقل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، مسيرة حاشدة لإنجه ليلة الخميس، (قال مسؤولو الحزب إن عدد الحضور بلغ مليوني شخص).

وهي مدينة بسيطة على بحر إيجه، تتميز بكورنيش على الواجهة البحرية تصطف على جانبيه أشجار النخيل. أما المناطق الداخلية مثل "بورنوفا" فتعج بالطلاب.

وعند سؤاله عن رأيه أعرب بوراك كاكير 21 عامًا، وهو يأخذ استراحة من عمله كنادل في الفناء الخلفي للمقهى، عن عدم رضاه عن حديث أردوغان عن تركيا المزدهرة، وقال: "عندما يتحدث الرئيس عن وجود ثلاجات في المنزل الآن، لا يعني ذلك شيئًا بالنسبة لي، فأنا لا أعيش في أفريقيا".

ويبدو أنه متشائم من آفاقه الوظيفية ومستقبل البلد، ويعلق أملاً ضعيفاً على إينجه، وقال: "لقد قال إنه سيكون هناك ربيع في تركيا. هذا ما أريده، راحة البال".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com