كيف تستخدم روسيا الطلاب الأجانب كسلاح في الحرب الباردة؟
كيف تستخدم روسيا الطلاب الأجانب كسلاح في الحرب الباردة؟كيف تستخدم روسيا الطلاب الأجانب كسلاح في الحرب الباردة؟

كيف تستخدم روسيا الطلاب الأجانب كسلاح في الحرب الباردة؟

كشفت صحيفة "ذا كونفرزيشن" الأمريكية، كيف أصبحت روسيا الوجهة الأولى للطلاب الأجانب، والمكان الأكثر شعبية للطلاب من دول الاتحاد السوفيتي السابق للدراسة، وتستضيف البلاد حاليًا أكثر من 243 ألف طالب دولي، وتعتبر هذا التجنيد الدولي هدفًا جيوسياسيًا مهمًا.

وفي الآونة الأخيرة، أعادت روسيا إحياء وتكثيف التقليد السوفيتي في تسييس حركة الطلاب، حيث طلبت الحكومة من الطلاب الروس الذين يدرسون في الخارج مغادرة بلدانهم الجديدة، عندما تدهورت العلاقات السياسية بين روسيا وأوروبا.

وأصدرت "روسوتروديستشوف"، وهي وكالة حكومية روسية مسؤولة في المقام الأول عن إدارة المساعدات الخارجية المدنية حملة إعلامية بعنوان "محتمل للغاية الترحيب بعودتك" في أبريل، بهدف إعادة الطلاب الروس إلى الوطن من هذه البلدان "العدائية".

وقالت: "هناك مخاوف أمنية حقيقية على شبابنا الذين يدرسون في الخارج، فقد يعانون من استفزازات في بلدان غير صديقة لروسيا، كما تؤثر العنصرية ضد الروس سلبًا على حياة مواطنينا في الخارج، وعلى سبيل المثال، الروس المقيمين في المملكة المتحدة".

ويبدو أن عبارة "محتمل للغاية" تشير إلى تعليق تيريزا ماي حول ترجيح مسؤولية روسيا عن تسميم "سيرجي" و"يوليا سكريبال"، واستخدام هذه العبارة في الشعار يشير إلى أن الرسالة موجهة للطلاب الذين يدرسون في المملكة المتحدة.

وهناك حوالي 57 ألف طالب روسي يدرسون في الخارج، منهم حوالي 4 آلاف في المملكة المتحدة، ولكن يبدو أن الحملة لم تترك تأثيرًا يُذكر على الطلاب الروس في المملكة المتحدة.

التعليم أم السياسة؟

اتخذت روسيا قرارًا مماثلًا في العام 2015 عندما استدعت الحكومة الطلاب الروس الذين يدرسون في تركيا، وذلك بعد إسقاط طائرة حربية روسية على الحدود التركية السورية، كما اقترحت روسيا خفض الحصة المخصصة للطلاب الأجانب القادمين من تركيا.

ويعود تسييس التعليم العالي الروسي إلى الحرب الباردة، عندما أصبحت برامج تبادل الطلاب مهمة للغاية، خاصة مع الأنظمة الشيوعية الناشئة في وسط وشرق أوروبا، ومع انتشار الحركات المناهضة للاستعمار في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في منتصف القرن العشرين، رأى الاتحاد السوفيتي في ذلك فرصة لتوسيع نطاق نشاطه ليشمل البلدان النامية.

وكان تأسيس جامعة "باتريس لومومبا" بموسكو في العام 1961، والتي سُميت على اسم الزعيم السياسي الكونغولي المستقل، نقطة فاصلة في هذا الصدد واعتبر الطلاب الأجانب الذين درسوا هناك مناصري الأيديولوجية الشيوعية والمروجين للنموذج السوفيتي للتعليم العالي، ورأى الاتحاد السوفيتي أن توظيف جذب الطلاب الأجانب هو أداة مهمة لخدمة نواياه التوسعية، ووسيلة للتفوق على أعدائه في الحرب الباردة.

مناطق الجذب الرئيسية

ولا يزال هذا المنطق السياسي مستمرًا ومزدهرًا ويعمل كمحرك رئيس لتدويل التعليم العالي الروسي حتى الآن، وحاليًا، تركز روسيا بشكل خاص على تجنيد الطلاب من دول الكومنولث المستقلة (CIS)، وهي المنظمة الإقليمية التي تأسست خلال تفكك الاتحاد السوفياتي في التسعينيات.

ومن بين الجمهوريات السوفياتية الـ 15، هناك 9 دول أعضاء، حيث لم تنضم دول البلطيق أبدًا، وسحبت جورجيا عضويتها بعد الحرب مع روسيا العام 2008.

وترويج المصالح الروسية له أهمية خاصة بالنسبة إلى روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي في مناطق نفوذها السابقة، وعلى حد تعبير فلاديمير بوتين، يعتبر انهيار الاتحاد السوفيتي "أعظم كارثة جيوسياسية" في القرن العشرين.

ولهذا السبب توفر الحكومة الروسية التمويل السخي لطلاب التبادل. والمتقدمون ذوو الأولوية العالية للمنح الدراسية الفيدرالية هم طلاب من رابطة الدول المستقلة ودول البلطيق وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وتغطي هذه المنح الدراسية جميع الرسوم الدراسية، وتدفع راتبًا شهريًا قدره 1500 روبل (18 جنيهًا استرلينيًا) وتوفر السكن ايضًا.

ماذا يحمل المستقبل؟

طموح روسيا المستقبلي هو توسيع برنامج تجنيد الطلاب الدوليين إلى آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، وتأمل وزارة التعليم ووزارة الخارجية في أن يساعد ذلك في "تحسين كفاءة القوة الناعمة لروسيا".

وتنظر روسيا إلى جذب الطلاب الأجانب إلى برامجها التعليمية كحملة لتجنيد وتشكيل نخب دولية موالية لها، وتعتقد أن هذه النخب ستساعد في "تعزيز المصالح الروسية، بما في ذلك المصالح طويلة المدى" في بلدانها.

ومع أخذ هذا في الاعتبار وبالنظر إلى حقيقة أن روسيا تهدف إلى مضاعفة أعداد الطلاب الدوليين إلى أكثر من 700 ألف بحلول عام 2025، يبدو أن تسييس التعليم العالي في روسيا لن يتوقف قريبًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com