انتخابات باكستان اختبار للديمقراطية وسط مزاعم عن تدخل الجيش‎
انتخابات باكستان اختبار للديمقراطية وسط مزاعم عن تدخل الجيش‎انتخابات باكستان اختبار للديمقراطية وسط مزاعم عن تدخل الجيش‎

انتخابات باكستان اختبار للديمقراطية وسط مزاعم عن تدخل الجيش‎

تجري باكستان انتخابات عامة في 25 تموز/ يوليو المقبل، وسط مزاعم عن تدخل الجيش في تلك الانتخابات، التي تعد حدثًا تاريخيًا كونها تمثل المرة الثانية فقط في البلاد التي سيتم فيها انتقال السلطة بصورة ديمقراطية.

ويوم الجمعة، سلم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف الحاكم السلطة إلى إدارة انتقالية من المتخصصين، بعد أن أكمل فترة مدتها خمسة أعوام في حدث ديمقراطي آخر.

ولكن مع بدء الحملة الانتخابية تصاعدت حدة التوتر بين السياسيين المدنيين والجيش صاحب النفوذ القوي الذي حكم البلاد على مدى نصف تاريخها منذ الاستقلال عام 1947.

وأبلغ أربعة نواب من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف الحاكم رويترز، بأنهم تلقوا تهديدات وتعرضوا لضغوط لتبديل ولائهم والانضمام إلى أحزاب منافسة، في حين تعج الصحف باتهامات "بتدبيرات" من الجيش وسط شكاوى من الصحفيين ووسائل إعلام من رقابة متزايدة.

وقال وزير الخصخصة المنتهية ولايته "دانيال عزيز" لرويترز، إنّ "عملية تفتيت تجرى من وراء الستار وتحت غطاء.. بعيدا عن الأنظار"، مستخدمًا لغة مشفرة للتلميح لتدخل قادة الجيش دون تسميتهم.

وينفي الجيش بقوة التدخل في السياسة ولم يرد على طلب رويترز للتعليق.

وتأتي التوترات السياسية في وقت تشهد فيه الدولة المسلحة نوويا والتي يبلغ تعدادها 208 ملايين نسمة اضطرابات اقتصادية متزايدة.

ويتوقع الكثير من المحللين، أنه سيتعين على الحكومة المقبلة أن تسعى للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لتكون الثانية منذ عام 2013 في ظل نضوب احتياطيات العملة الأجنبية على نحو متزايد واتساع العجز في الميزان التجاري.

وأزاحت المحكمة الدستورية نواز شريف من رئاسة الوزراء في تموز/ يوليو، ويواجه الآن اتهامات بالفساد وهي تطورات وصفها بأنها "حملة تزوير ما قبل الانتخابات" بهدف حرمان حزبه من ولاية أخرى.

ووصف الحملة الانتخابية بأنها معركة لحماية "قدسية الانتخابات".

برنامج ضد الفساد

ومن المتوقع أن يأتي التحدي الرئيسي لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف من حزب الحركة الوطنية من أجل العدالة في باكستان (تحريك إنصاف) الذي يتزعمه لاعب الكريكيت السابق عمران خان، الذي يراهن على أن رسالته ضد الفساد ستقوده إلى السلطة.

ونفى خان، وقوف قادة الجيش وراء حزبه ويتهم شريف بالتستر وراء مثل هذه الاتهامات لتجنب المساءلة.

وقال حزب تحريك إنصاف في بيان الأسبوع الماضي، إنّ "أي مسعى متعمد أو غير متعمد للمساس بقدسية الانتخابات قد يسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها للمصالح الوطنية".

لكن محللين ودبلوماسيين غربيين تحدثوا لرويترز، قالوا إنّ "الجيش يضغط على حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف قبل الانتخابات".

وأكد إعجاز خان، وهو أستاذ متقاعد للعلاقات الدولية بجامعة بيشاور، أن "هذا النوع من التدخل كان يحدث دائمًا ولكن هذه المرة واضح تمامًا للجميع والكل يتحدث عنه".

ونشر المعهد الباكستاني للتطور التشريعي والشفافية تقريرًا الأسبوع الماضي تحت عنوان "تقرير تقييمي لما قبل الانتخابات"، وصف فيه عملية ما قبل الانتخابات بأنها "غير نزيهة في مجملها" خلال الاثني عشر شهرًا قبل الدعوة للانتخابات الأسبوع الماضي.

وقال المعهد إن "التكميم السري لوسائل الإعلام وزيادة الانحياز من المؤسسة العسكرية والتحيز الملحوظ في المساءلة القضائية والسياسية قلص تقريبًا احتمالات إجراء انتخابات حرة ونزيهة في 2018".

وقال مديران تنفيذيان في أكبر محطة تلفزيونية باكستانية وهي محطة جيو لرويترز، إن بثها توقف لعدة أسابيع في نيسان/ أبريل، ولم تعد للبث إلا بعد أن عقد مديروها التنفيذيون اتفاقا مع الجيش بشأن تغطيتهم لشريف.

كما توقف توزيع صحيفة (دون)، وهي أكبر صحيفة ناطقة بالانجليزية في البلاد، في بعض المناطق التي تضم ثكنات للجيش في عدة مدن وفقا لما قاله مدير تنفيذي في الصحيفة لرويترز.

كما أصدر الكثير من كتاب المقالات البارزين تصريحات قالوا فيها إن عملهم يخضع لرقابة عادة ما تأتي من رؤساء تحريرهم.

مكالمات تهديد

وكثيرًا ما يشكو شريف من أن نواب حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف يتعرضون للترهيب.

ووصف أربعة من نواب الحزب من إقليم البنجاب لرويترز نمطًا متشابهًا من تلقيهم مكالمات وزيارات غريبة من رجال مجهولين يتظاهرون بأنهم ناصحون لهم، لكنهم يوضحون لهم فيما بعد أن من صالحهم التخلي عن شريف.

وطلب النواب عدم ذكر اسماءهم، حيث روى أحدهم مقابلة تمت في الآونة الأخيرة وبدا أنها غير مرتبة مع رجل ادعى أنه من أنصاره انتهت بقوله له: "رئيسك خائن. لا مستقبل للخونة في هذه البلاد".

وظل ثلاثة من النواب على ولائهم للحزب، فيما انشق الرابع للانضمام إلى حركة الإنصاف.

وأكد الأربعة جميعهم أنهم يعتقدون أن الاتصالات التي تلقوها جاءت من عناصر في المخابرات لكن لم يكن لديهم أي إثبات.

ولم تتمكن رويترز من تأكيد الوقائع التي ذكروها بشكل مستقل.

وخلال الأشهر القليلة الماضية ترك 15 نائبًا على الأقل حزب الرابطة الإسلامية أغلبهم من أجل الانضمام لحركة الإنصاف.

ويقول مسؤولون من حزب الرابطة الإسلامية، إن أغلب المنشقين كانوا سياسيين فازوا بمقاعدهم كمستقلين في 2013 وانضموا للحزب فيما بعد.

ورفض خان اتهامات حزب الرابطة الإسلامية الخاصة بالضغط على النواب لتغيير ولائهم، لكنه توقع في اجتماع عقد مؤخرا مع وسائل إعلام أجنبية أن مزيدًا من النواب سينشقون.

وقال إنه يعتقد أن مثل تلك الانشقاقات ستكون ضرورية لاكتساب موطئ قدم في البنجاب، الذي كان معقلًا لحزب الرابطة الإسلامية لفترة طويلة وتعود إليه 141 مقعدًا من أصل 272 تطرح للتنافس المباشر من مقاعد البرلمان.

في قفص الاتهام

وتواجه العديد من الشخصيات البارزة في حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف، دعاوى قضائية في المحاكم في سلسلة من الاتهامات الموجهة ضدهم.

ومن بينهم شريف نفسه الذي قد تصدر بحقه عقوبة بالسجن لمدة 14 عامًا قبل التصويت في محاكمة بتهم فساد يصفها بأنها "حملة تشهير" فيما يواجه عزيز، وزير الخصخصة السابق، اتهامات بازدراء المحكمة قد تمنعه من الترشح في الانتخابات.

ونفت الجهات القضائية استهداف أو محاباة أي حزب سياسي ورفضت مزاعم من حزب الرابطة الإسلامية بالتواطؤ مع الجيش لإضعافه.

ويبدو أن القواعد التنظيمية التي تصدرها لجنة الانتخابات للحملات الانتخابية ستصبح ساحة المعركة المقبلة.

وستمنع قواعد جديدة مقترحة أي فرد من انتقاد الجيش أو القضاء فيما سيحظر على سياسيين أيضا التحدث عما حققوه من إنجازات في الحكومة.

وستضر تلك القواعد بلا شك بحزب الرابطة الإسلامية بالأساس إذ تتمحور حملته الانتخابية حول التركيز على مشروعات بنية تحتية كبرى والدفاع عن الحكم المدني.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com