"معاداة السامية" تطل برأسها مجددًا في ألمانيا.. والسلطات تتحرك لاحتوائها
"معاداة السامية" تطل برأسها مجددًا في ألمانيا.. والسلطات تتحرك لاحتوائها"معاداة السامية" تطل برأسها مجددًا في ألمانيا.. والسلطات تتحرك لاحتوائها

"معاداة السامية" تطل برأسها مجددًا في ألمانيا.. والسلطات تتحرك لاحتوائها

تتحرك برلين في أكثر من اتجاه، في محاولة لمنع تفشي ظاهرة "معاداة السامية" التي تلقى حساسية عالية في وجدان الألمان، على اعتبار أن هذه الظاهرة شكلت الفكرة المركزية لـ"النازية" التي جلبت الكوارث لألمانيا، وأوروبا عمومًا.

و"معاداة السامية"، في أحد أبسط تعاريفها، تعني "رفض اليهود ومعاداتهم"، وهي تعد جريمة يعاقب عليها القانون في الدساتير الألمانية التي تؤكد على "حرية العبادة".

ومع تدفق آلاف اللاجئين من جغرافيات وبلدان مختلفة إلى ألمانيا، أضحت هذه الظاهرة تطل برأسها لتؤرق السلطات الألمانية التي بدأت تتأهب لاحتوائها.

وفي هذا السياق دعا رئيس المجلس الأعلى لليهود في ألمانيا جوزيف شوستر، إلى "تشديد التعامل مع كل من يثبت في حقه ارتكاب، مثل هذه الجرائم"، على حد تعبيره.

وأضاف شوستر في تصريحات لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية في عددها الأخير: "من يرغب في العيش هنا، يتعين عليه الامتثال لقيمنا وعاداتنا، ومن ليس مستعدًا لقبول معاييرنا المجتمعية، يجب ألّا يحصل على حق إقامة دائمة في هذا البلد".

وحمّل شوستر المساجد الإسلامية مسؤولية بروز هذه الظاهرة، زاعمًا أنه "لا يزال هناك الكثير من المساجد في ألمانيا التي لا تعيش وفق القيم الغربية، وتتم فيها الدعوة لكراهية اليهود وإسرائيل".

لكن المجلس الأعلى لليهود متهم، بدوره، بموالاة إسرائيل، وهو ما أشار إليه الباحث الإسرائيلي من أصول ألمانية دافيد رعنان الذي رأى أن المجلس اليهودي في ألمانيا "لم يتمكن من النأي بنفسه عن الحكومة الإسرائيلية التي تستخدم معاداة السامية سلاحًا سياسيًا".

وأوضح في تصريحات نقلتها مجلة "دير شبيغل" الألمانية أن "هناك حالة ذعر بين اليهود، لا يمكن تبريرها"، مشيرًا إلى أن "المسلمات المحجبات، بدورهن، كثيرًا ما يتعرضن للمضايقة، لكن هذا نادرًا ما يُناقش في ألمانيا".

ويلاحظ مراقبون أن إسرائيل وجماعات يهودية في أوروبا تاجرت بـ"المحرقة" واتخذت منها "ورقة رابحة" تلوح بها عند كل مناسبة، والتهرب من استحقاقات عملية السلام المتعثرة.

ويوجد في ألمانيا نحو 200 ألف يهودي يعيشون على الأرض التي أنتجت المحرقة (الهولوكوست) خلال الحقبة النازية.

ولا يقتصر الحذر من تفشي "معاداة السامية" على المسلمين فحسب، بل كذلك تنتشر الظاهرة لدى الأوساط اليمينية الألمانية التي نشطت في السنوات الأخيرة.

ويمثل هذا الاتجاه اليميني حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي تأسس سنة 2013، وحل في المرتبة الثالثة بحصوله على نسبة 13% من الأصوات خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في أيلول/ سبتمبر الماضي، وأصبح له 90 عضوًا في البرلمان، وذلك للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.

ورغم أن مناصري هذا الحزب لا يعبرون بشكل معلن عن معاداتهم للسامية، غير أن دراسة أكاديمية حديثة أشارت إلى "أن 20% من الألمان على الأقل لديهم معاداة "كامنة" لليهود".

وفي خضم هذا المزاج الخفي المعادي لليهود، استحدثت برلين مطلع السنة الجارية مفوضية لمكافحة معاداة السامية، ومن المنتظر أن يتم تعيين الدبلوماسي فيليكس كلاين كأول رئيس لهذه المفوضية، والذي سيكون بمثابة نقطة اتصال بين الجماعات اليهودية والحكومة.

وتتجلى مظاهر معاداة السامية، بشكل خاص، في المدارس حيث تختلط المجاميع الكبيرة من الطلاب ذوي الأديان والثقافات المختلفة، بشكل يومي.

وظهرت دعوات تطالب بتشديد العقوبة على الطلاب المتهمين تصل إلى حد الطرد من المدرسة.

وطالب السياسي أليكساندر دوبرينت، القيادي بحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (البافاري) بتعريف التلاميذ المسلمين بمسؤولياتهم، وعدم التسامح إطلاقًا مع معاداة السامية.

 وقال دوبرينت لصحيفة "بيلد"، في العدد الذي صدر نهاية الشهر الماضي، إنه يجب مكافحة "كره اليهود" في المدارس الألمانية وتخصيص أشخاص إضافيين لدعم المعلمين.

أما فريتس فلغنتروي، النائب بالبرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فطالب برد فعل حاد على معاداة السامية في المدراس، لافتًا إلى أن "الأهم هو الوقاية الناجحة، ويجب أن يكون هناك إعداد مناسب للمعلمين لكي لا يهابون مناقشة التلاميذ حول معاداة السامية وصراع الشرق الأوسط، الذي غالبًا ما يستخدم كشماعة لمعاداة السامية".

وهذا النقاش المتعلق بالمدارس، جاء على خلفية وقائع عنف وتهديد لفظي شهدتها مدارس برلين، كما تم رصد تداول مقاطع فيديو لإعدامات قام بها تنظيم داعش بين مجموعة من تلاميذ المرحلة الابتدائية على تطبيق "واتس آب".

وكشفت مسؤولة مناهضة التمييز في مدارس برلين سرايا غوميس، عن أن عام 2017 شهد وقوع 12 حالة معاداة للسامية في العاصمة وحدها.

ويرى عالم الاجتماع ويلهيلم هيتماير، الذي أجرى أبحاثًا عن الاتجاهات المختلفة في ألمانيا خلال العشر سنوات الماضية، أن الكراهية للأجانب في ازدياد.

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أقرت مطلع السنة الجارية، أن "معاداة السامية والعنصرية وكره الآخر بشكل عام موجودة أكثر مما كانت عليه في الماضي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com