بعد التضييق عليه محليًا.. الإعلام التركي "المخنوق" يتنفس الصعداء في المنفى
بعد التضييق عليه محليًا.. الإعلام التركي "المخنوق" يتنفس الصعداء في المنفىبعد التضييق عليه محليًا.. الإعلام التركي "المخنوق" يتنفس الصعداء في المنفى

بعد التضييق عليه محليًا.. الإعلام التركي "المخنوق" يتنفس الصعداء في المنفى

تتدهور حالة الحريات الصحافية في تركيا بشكل ممنهج وسريع، وهو ما أجبر العديد من الصحافيين ومالكي المنابر الإعلامية، التي عارضت ما سمّاه معارضون "تدجينًا حكوميًا"، إلى البحث عن فضاءات في المنفى تكفل حرية الرأي والتعبير.

وبلغ هذا التدهور حدًا لا يطاق، بحسب المراقبين، في أعقاب الانقلاب الفاشل الذي أحدث انقسامًا إعلاميًا حادًا بين من يؤيد سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمطلق، وبين من يعارض تلك السياسات.

ويبدو أن الإعلام "المغرد خارج السرب" عجز عن مقارعة السلطات محليًا وهي التي شنّت حملات اعتقال واسعة طالت العديد من الصحافيين، فاختار مكانًا بديلًا يغرد فيه دون إزعاج.

ألمانيا قبلة مفضلة 

وتعد ألمانيا هي الوجهة المفضلة للإعلام الهارب من قبضة السلطات التركية، ذلك أن ألمانيا تحوي أكبر جالية تركية يبلغ تعدادها نحو 3 ملايين.

ومن بين هذه المشاريع "المنفية" موقع "أوزغوروز" (نحن أحرار)، المدعوم من قِبَل شبكة البحث الألمانية "كوريكتيف".

ويدير الموقع الصحافي المعروف جان دوندار، الذي نال الجائزة الدولية لحرية الصحافة 2016، وكان هرب إلى ألمانيا في أعقاب الانقلاب.

وكان دوندار يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" المعارضة التي تعرض العديد من صحفييها إلى الاعتقال والمحاكمة والسجن، ومنهم دوندار نفسه الذي حكم عليه غيابيا بالسجن لمدة خمسة أعوام وعشرة أشهر على خلفية تقرير في الصفحة الأولى للصحيفة اتهم فيه الحكومة التركية بإرسال أسلحة إلى المتشددين في سوريا.

وفي خطوة احتجاجية رمزية، واصلت "جمهورييت" الصدور لكنها تركت المساحات المخصصة لزوايا الكتاب المعتقلين بيضاء.

"جمهورييت" شوكة في خاصرة أردوغان

وتحولت صحيفة "جمهورييت"، التي تأسست عام 1924، وتعد أقدم صحيفة قومية شعبية في البلاد، إلى شوكة في خاصرة أردوغان خلال الأعوام القليلة الماضية، وهو ما أشارت إليه صحيفة "التايمز" التي كتبت أن "جمهوريت" هي من "أكثر الصحف رصانة، وتنتهج خطًا علمانيًا مستقلًا وهو ما يضعها كثيرًا في مواجهة الرئيس أردوغان".

ومن مدينة كولن الألمانية، يقوم صحفيون ذوو أصول تركية يعيشون في ألمانيا بتشغيل قناة "آرتي. تي في"، التي تبثّ باللغة التركية.

ويبث، كذلك، برنامج "تركيا دون رقابة" عبر تلفزيون "غرب ألمانيا" (WDR )، وكما يشير عنوان البرنامج، فإنه يعمل على كشف الكثير من القضايا الإشكالية التي يتجاهلها الإعلام الرسمي التركي.

وانضم إلى هذه القائمة أخيرًا موقع "أحوال تركية"، الذي يتخذ من لندن مقرًا له، وهو يبث بثلاث لغات: التركية والعربية والإنكليزية، ويديره الإعلامي التركي المعروف يافوز بيدر، الذي غادر تركيا بعد الانقلاب مباشرة، وواظب لنحو عام على كتابة عمود في أشهر الصحف الألمانية وهي "زود دويتشه تسايتونغ".

وبالنظر إلى اللغات الثلاث التي يعتمدها الموقع، فإنه يستهدف أوسع شريحة من القراء في أوروبا وتركيا والشرق الأوسط.

ويضم الموقع نخبة من أبرز الصحافيين، وهو يحفل بقصص ومواضيع تهتم بسياسات تركيا الخارجية، كما يتغلغل داخل المجتمع التركي للكشف عن العيوب والأمراض والخروقات في مختلف المجالات الاقتصادية والخدمية والصحية والتعليمية والاجتماعية والدينية.

تكلم بالتركية فقط

وفي أحد تقاريره الحديثة، كشف موقع أحوال تركية عن أن إحدى شركات البناء والمقاولات بمنطقة "بشاق شهر" في مدينة إسطنبول، حظرت على العمال الأكراد التحدث باللغة الكردية تطبيقًا لتعميم سري وجهته الشركة إلى مسؤوليها وإدارييها.

وجاء في مقال للصحافية التركية المعارضة نورجان بايسال نشره الموقع، أخيرًا، "لا شك أن المجتمع التركي لم يشهد من قبل ما يشهده الآن من نثرٍ لبذور الحقد والعداوة في المجتمع، فضلًا عن تعاظم مظاهر العنصرية، والفاشية، والقومية".

وكانت محكمة تركية أصدرت، قبل أشهر، حكمًا بسجن نورجان عشرة أشهر مع وقف التنفيذ بسبب انتقادها معاملة الحكومة للأكراد.

وهذه الجرأة التي يتحلى بها الإعلام التركي المنفي، دفعت السلطات إلى حجب مواقعه على الإنترنت، وكان آخر ضحايا الحجب موقع "أحوال تركية".

قلق أوروبي

وكان الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه من قيام أنقرة بحجب مواقع إلكترونية، مطالبًا الحكومة التركية باحترام قوانين الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تحمي حرية التعبير.

وتثير تقارير ومواضيع الإعلام المنفي استياء السلطات التي يتعذر عليها اعتقال ومحاكمة المسؤولين عنه، بحكم وجودهم خارج البلاد، فتلجأ إلى الطريقة الأسهل وهي الحجب.

ويرى مراقبون أن الكم الهائل من التلفيق والتضليل الذي تمارسه الإمبراطوريات الإعلامية التركية الرسمية، تدفع المنابر المعارضة إلى الاجتهاد للكشف عن الحقائق بعيدًا عن "التزييف الرسمي".

وفي الأعراف الصحافية التركية الجديدة يعتبر الرئيس أردوغان "منزهًا عن النقد".

وكانت محكمة تركية أصدرت، نهاية شهر آذار/ مارس الماضي قرارًا بحبس الفنانة التركية زوهال أولجاي عشرة أشهر بتهمة "إهانة الرئيس" خلال أدائها لأغنية في حفلة.

عين أردوغان على الصحافة المشاكسة

وتسعى الحكومة التركية عبر وسطاء موالين لها إلى إسكات صوت الصحافة المشاكسة في الداخل عبر شرائها والاستحواذ عليها.

وكشفت شركة دوغان الإعلامية التركية، أخيرًا، عن خوضها مفاوضات لبيع الشركة إلى مجموعة ديميرورين التي يملكها رجل الأعمال أردوغان ديميرورين، المقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتملك شركة دوغان الإعلامية، التي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار، أبرز المؤسسات الإعلامية التركية مثل: صحيفة "حرييت" اليومية، و"قناة سي ان ان ترك"، ومحطة "دي" التلفزيونية، وهي منابر تتمتع بنوع من الاستقلالية التي لا تتلاءم مع التوجهات الرسمية.

وفي حال انتقال ملكية شركة دوغان الإعلامية إلى ديميرورين، الذي يتمتع بصلات قوية مع الرئيس التركي، فإن ذلك سيجعل نحو 90 في المئة من الإعلام التركي تحت السيطرة المباشرة للحكومة.

وفي السنوات القليلة الأخيرة، أغلقت السلطات التركية أكثر من 160 وسيلة إعلامية مرئية أو مقروءة أو مسموعة أو أونلاين، بحسب تقارير لمنظمات حقوقية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com