ضحايا حرب البوسنة يدفعون غرامات للمحاكم بدل الحصول على تعويضات
ضحايا حرب البوسنة يدفعون غرامات للمحاكم بدل الحصول على تعويضاتضحايا حرب البوسنة يدفعون غرامات للمحاكم بدل الحصول على تعويضات

ضحايا حرب البوسنة يدفعون غرامات للمحاكم بدل الحصول على تعويضات

كانت بهيرة في سن الـ14 من عمرها عندما تناوب جنود من صرب البوسنة على اغتصابها، خلال هجومهم على قريتها المسلمة في أوائل حرب البوسنة في تسعينيات القرن الماضي، ونجت بالكاد من الإعدام، وأمضت العشرين عامًا الماضية وهي تحاول التعافي من الصدمة.

والعام الماضي في يوم عيد ميلادها تلقت  بهيرة وهي متزوجة وأم لطفلين، إخطارًا من محكمة بوجوب دفع غرامة تعادل ما تحصل عليه في 6 أشهر من إعانات العجز التي تعيش عليها، إذ تعيّن عليها أن تدفع رسوم دعوى قضائية للحصول على تعويضات عن الحرب، تنازلت عنها بهيرة أصلًا منذ أعوام.

وقالت بهيرة، التي رفضت الكشف عن اسمها الحقيقي "غبت عن الوعي عندما رأيت مبلغ 3000 مارك بوسني، ما يعادل (1500 يورو أو 1827 دولارًا) مكتوبًا في الإخطار مع تحذير من أني سأسجن إذا لم أدفع"، مضيفة "حاولت يومها الانتحار".

وبهيرة واحدة من نحو 200 ألف ضحية للعنف الجنسي خلال الحرب التي دارت من عام 1992 حتى عام 1995، وكانت محظوظة بما يكفي لتحصل على دعم قانوني مجاني من منظمة غير حكومية، ساعدتها على خفض المبلغ المطلوب إلى 600 مارك، وهو ما دفعته في النهاية.

لكن آلافًا آخرين نجوا من الحرب، أغلبهم من المسلمين البوشناق، فرضت عليهم غرامات كبيرة بعد رفض المحاكم في المنطقة الصربية المتمتعة بالحكم الذاتي في البوسنة دعاوى قدموها، للحصول على تعويضات، ولم يستطيعوا الحصول على دعم قانوني.

وأكثر هؤلاء عاطلون عن العمل وصحتهم متدهورة بعد ما مروا به من ويلات الحرب، ولا يقدرون على دفع الرسوم، ما جعلهم عرضة لمصادرة ممتلكاتهم أو جزء من دخلهم الشهري إن كانوا يحصلون على أي دخل.

وقالت أدريانا بتشيروفيتش وهي محامية بمنظمة "ترايل إنترناشونال" التي تساعد ضحايا، مثل بهيرة "بشكل عام هؤلاء الضحايا عرضة للمشاكل، ويعيشون الآن بالصدمة من جديد ولن يكون من السهل التعافي منها لاحقًا".

وتنبع المشكلة من عدم سن البوسنة قانونًا على مستوى الدولة يخص قضايا ضحايا التعذيب، ما يؤدي إلى التعامل بطرق مختلفة مع مطالبات التعويض في المنطقتين المتمتعين بالحكم الذاتي، اللتين تشكلان البوسنة، وهما اتحاد الكروات والمسلمين وجمهورية صرب البوسنة.

 غرامة على النجاة

وقتل في الصراع العرقي العنيف بين الصرب الأرثوذكس والمسلمين البوشناق والكروات الكاثوليك أكثر من 100 ألف شخص.

وقالت ياسمين ميسكوفيتش رئيسة رابطة أسرى الحرب إن مئات الآلاف أجبروا على ترك منازلهم، واحتجز نحو 200 ألف في معسكرات يشيع فيها الضرب والتعذيب، قُتل 10 في المئة منهم وهم محتجزون.

وأضافت ميسكوفيتش، التي ساعدت منظمتها حوالي 30 ألف شخص على رفع دعاوى قضائية منذُ عام 2007، إن دعاوى التعويضات رفضت جملة واحدة، بسبب قرار المحكمة الدستورية في البوسنة عام 2014 تطبيق سقوط جرائم التعذيب بالتقادم.

ودعم ذلك قانونًا في جمهورية صرب البوسنة يشترط رفع الدعوى القضائية خلال 5 سنوات على الأكثر من ارتكاب الجرم حتى يستحق الضحايا التعويض.

وحينها جرى تعديل قانون الإجراءات المدنية، ليفرض رسومًا للمحامين والادعاء العام تتراوح بين 2000 - 10,000 مارك، وتبنت المحاكم الاتحادية نفس التعديل.

ويقول مسؤولون إن المحاكم تفرض الغرامات لتغطي نفقات القضايا المرفوضة.

وقالت ميسكوفيتش "أصبح هذا (نوعا من) الابتزاز... والمشكلة أن الضحايا (وأغلبهم من البوشناق) الذين عادوا للعيش في جمهورية صرب البوسنة يكسبون ما يكفي طعامهم بالكاد... ثم يصادرون ممتلكاتهم ورواتبهم ومعاشات تقاعدهم".

وانتقدت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة ومجلس أوروبا ومنظمة العفو الدولية البوسنة، لعدم تطبيقها آلية لمنح تعويضات للضحايا، وقالوا إن ذلك بمثابة انتهاك للقانون الدولي.

وعرقل نواب من الصرب مرارًا محاولات لتمرير قانون في البرلمان الوطني يدعم الضحايا، حيث يقول هؤلاء النواب إن الدعاوى يجب أن تقدم في إطار سلطة قضائية إقليمية وليست وطنية.

وتمكن عدد قليل من الضحايا من الحصول على تعويضات قبل حكم المحكمة الدستورية.

وتقع أكثر معسكرات الاحتجاز أثناء الحرب، فيما يعرف الآن بجمهورية صرب البوسنة، وتخشى السلطات هناك أن تطغى طلبات التعويض على موازنتها إذا قبلت.

ومرر برلمان الجمهورية الأسبوع الماضي تشريعًا مبدئيًا بشأن مطالبات التعويض، لكن البوشناق يقولون إنه منحاز ضدهم، لفرضه شروطًا صعبة وباهظة على غير الصرب لتسجيل أنفسهم بصفتهم ضحايا للتعذيب.

وقال بيهاديل ديزداريفيتش، الذي نجا من معسكري احتجاز تابع للصرب، وأمرته محكمة بدفع غرامات تزيد على 10 آلاف مارك "يحتجز المرء ويتعرض للضرب وينجو بحياته من التعذيب ثم يتعرض لعذاب جديد بعد 20 عامًا"، مضيفًا "إننا ندفع ثمن بقائنا أحياء".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com