القادة الأفارقة في مواجهة "آفة الفساد" بأديس أبابا
القادة الأفارقة في مواجهة "آفة الفساد" بأديس أباباالقادة الأفارقة في مواجهة "آفة الفساد" بأديس أبابا

القادة الأفارقة في مواجهة "آفة الفساد" بأديس أبابا

يمثل شعار القمة الثلاثين للاتحاد الأفريقي، التي تنطلق، اليوم الأحد، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وتستمر ليومين، "الانتصار في مكافحة الفساد - نهج مستدام لتحويل أفريقيا"، تحديًا كبيرًا أمام القادة الأفارقة هذا العام؛ فالقارة تفقد نحو 148 مليار دولار سنويًا بسبب الفساد وتسريب الأموال بطرق غير مشروعة، ما يمثل 25% من إجمالي الناتج الأفريقي.

وتركزت معظم كلمات المسؤولين الأفارقة، خلال الأيام الماضية منذ انطلاق الفعاليات والاجتماعات التمهيدية للقمة، الإثنين الماضي، حول أهمية هذا الشعار والدور المطلوب في التصدي لقضية الفساد التي توصف بالآفة والتحدي الكبير.

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي إن الفساد في أفريقيا "يُفقد القارة أموالًا هائلة"، مشددًا على أن القمة ستتخذ قرارات "هامة" بشأن الإصلاح ومكافحة الفساد.

وفي كلمة له لدى افتتاح اجتماع لجنة المندوبين الدائمين، الإثنين الماضي، أكد فكي على ضرورة مضاعفة الجهود وتوحيد الطاقات لتحقيق شعار 2018، معتبرًا أن "وجاهة هذا الخيار بديهية، نظرًا لجسامة آفة الفساد في القارة وآثارها المدمرة على التنمية الاقتصادية، والتماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي".

طوفان الفساد الهادر

وقدم فكي مذكرة حول شعار القمة، قال فيها إن الفساد يؤثر على حياة الأفارقة بشكل يومي، ابتداء من الطرق السيئة، وعدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية والأدوية، إلى الجريمة والعنف في المجتمعات الأفريقية وعبر الحدود، وصولًا إلى "الخيارات السياسية المشوهة بالأموال والجشع وغيرها من العلل الاجتماعية".

ولفت إلى أنه تم إنجاز الكثير من الأعمال في مكافحة الفساد، وأنه منذ اعتماد اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع ومكافحة الفساد في 2003، فقد عملت الحكومات والجهات الفاعلة غير الحكومية على رفع الوعي بالآثار المدمرة للفساد على حقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

إلا أن فكي نبه أن هناك الكثير مما يمكن القيام به في التصدي للفساد، في إشارة إلى عدم كفاية ما أنجز لوقف طوفان الفساد الهادر.

آفة تخيّم على القارة

وتجاوزت الأصوات المنادية بضرورة القضاء على الفساد حدود القارة السمراء، وشددت رئيسة اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة فيرا سونغ وي، على ضرورة محاربة ما سمتها "الآفة التي تخيّم على القارة".

وكشفت، في كلمة لها بافتتاحية أعمال المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، أن القارة تفقد سنويًا حوالي 148 مليار دولار بسب الفساد وتسريب الأموال بطرق غير مشروعة، وهذا الرقم يمثل 25% من إجمالي الناتج الأفريقي.

الفساد والتجارة والصناعة

بدوره، سلط مفوض التجارة والصناعة في مفوضية الاتحاد الأفريقي ألبرت إم موتشنجا، الضوء على أبعاد الفساد وآثاره المدمرة على الصناعة والتجارة، لافتًا إلى أن التدفق المالي غير المشروع لأفريقيا بلغ 80 مليار دولار أمريكي عام 2017، بزيادة حادة من 50 مليار دولار أمريكي في عام 2012، 70% منها في مجال الصناعات الاستخراجية أو الموارد المعدنية.

وقال إن منظمة التجارة العالمية نقحت اتفاقية المشتريات الحكومية الرامية إلى مكافحة الفساد في عام 2012، قائلًا: "أي دولة أفريقية عضو في منظمة التجارة العالمية صدقت على الاتفاق".

ودعا موتشنجا وسائل الإعلام إلى مناصرة مكافحة الفساد من خلال تعريف المواطنين بالخطوات التي اتخذت لمكافحة الفساد، والعمل على تغيير السلبية وثقافة التسليم بالأمر الواقع وتحويلها إلى صوت قوي ونزيه ضد الفساد.

التعويل على المرأة

من جانبها قالت مشاعر أحمد الأمين، مقررة إدارة شؤون المرأة ومسائل الجنسين في المفوضية الأفريقية، إننا بحاجة إلى التصدي للفساد في القارة الأفريقية وعلى المرأة أن تكون المعول في هذا التصدي باعتبارها أكثر المتأثرين من الفساد .

واعتبرت الأمين، خلال الاجتماع العاشر لإدارة شؤون المرأة ومسائل الجنسين والتنمية، ضمن الاجتماعات التحضيرية التي تسبق القمة الأفريقية، أن دعم قضايا المرأة أمر ضروري لأمن ورفاهية القارة السمراء.

وأوضحت أن الاجتماع التحضيري لإدارة شؤون المرأة لهذا العام يأتي تحت شعار "كسب معركة مكافحة الفساد: مسار مستدام نحو المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في أفريقيا"، مؤكدة أن الشعار "يتماشى مع رؤيتنا الساعية لتمكين المرأة الأفريقية، وإشراكها في جميع القضايا الراهنة، باعتبارها عنصرًا أساسيًا وفاعلًا".

 وتشاركها الرأي سيديبا فاتوماتا، رئيسة لجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الأفريقي، بقولها إن "تمكين المرأة في أفريقيا مسار مستدام وهام في عملية مكافحة الفساد التي نستهدفها".

وأوضحت فاتوماتا أن مسار تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين مازال طويلًا في أفريقيا، وتجابهه معوقات كثيرة من العادات والتقاليد في القارة، مؤكدة أن "الفساد في أفريقيا يمثل أبرز التحديات لمشاركة المرأة والشباب باعتبارهما أكبر المتضررين من الفساد والتمييز".

وقال فليب باكير، سفير كندا لدى إثيوبيا وجيبوتي، وممثلها بالاتحاد الأفريقي، إن بلاده "تتطلع إلى مزيد دعم القارة الأفريقية من خلال جهودها التنموية".

وأضاف أنّ "التصدي للفساد الذي ينشده الاتحاد الأفريقي في قمة هذا العام، أمر مهم لقضايا المرأة والشباب والمساواة بين الجنسين". ولفت إلى أن "جهود معالجة التمييز والمساواة بين الجنسين تصبح غير فاعلة دون مواجهة الفساد باعتباره أكثر تأثيرًا على المرأة والشباب لاعتمادهم على الخدمات أكثر من غيرهم".

ليس وليد لحظة

لا يعد اهتمام القارة السمراء بمكافحة الفساد، وليد اللحظة، إذ تبنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي (55 دولة) عدة أداوت تنظيمية لمكافحة الفساد في أفريقيا، أبرزها اتفاقية الاتحاد الأفريقي حول منع ومكافحة الفساد التي تم تبنيها في "مابوتو" عاصمة موزمبيق، في يوليو 2003 م، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ أغسطس 2006، وصادق عليها 38 بلدًا أفريقيا .

وتهدف الاتفاقية إلى أن تقوم كل دولة أفريقية بتعزيز وتقوية الآليات الضرورية لمنع الفساد والجرائم المرتبطة به، وكشفها والمعاقبة عليها في القطاعين العام والخاص، بجانب تعزيز وتنظيم وتسهيل التعامل بين الدول الأطراف لضمان فعالية التدابير والإجراءات الرامية إلى منع الفساد والجرائم المتصلة به في أفريقيا .

ومن مبادئ هذه الاتفاقية، احترام المبادئ والمؤسسات الديمقراطية والمشاركة الشعبية وسيادة القانون والحكم الرشيد، واحترام حقوق الإنسان والشعوب، والشفافية والمساءلة في إدارة الشؤون العامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة، وإدانة ورفض أفعال الفساد والجرائم ذات الصلة والإفلات من العقاب .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com