"إعلان النصر" في سوريا.. تكتيك بوتين لإعادة انتخابه
"إعلان النصر" في سوريا.. تكتيك بوتين لإعادة انتخابه"إعلان النصر" في سوريا.. تكتيك بوتين لإعادة انتخابه

"إعلان النصر" في سوريا.. تكتيك بوتين لإعادة انتخابه

يُشكل تقليص الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قواته في سوريا "تكتيكًا سياسيًا" في إطار حملته الانتخابية الرامية، لإقناع الجمهور محليًا ودوليًا، بأنه نزع فتيل الحرب في سوريا ونجح بإلحاق الهزيمة بتنظّيم داعش.

ويظهر ذلك جليًا في تحركاته الأخيرة، بما في ذلك أول زيارة قام بها لقاعدة "حميميم" الجوية الروسية في محافظة اللاذقية غرب سوريا، بهدف إظهار أنه الطرف المنتصر في هذه المعركة.

وفي مارس/آذار 2016، تقدم الرئيس الروسي بإعلان مماثل عن انسحاب القوات جزئيًا من سوريا، لكن تم تكثيف الوجود العسكري في البلاد، وهذا هو السبب في أن المراقبين يشككون في نوايا بوتين هذه المرة.

وبينما يعكس القرار الواقع المتغير على الأرض، حيث أن القتال ليس مكثفًا كما كان عليه قبل عام فقط، فإنه يخدم أيضًا طموحات بوتين في الداخل، وكذلك على الساحة العالمية.

إعادة الانتخاب

ويتطلع بوتين إلى أن يتم انتخابه مجددًا في مارس/آذار 2018، وقد بدأت حملته الانتخابية الرئاسية للتو، ولا شيء يقف بينه وبين ولاية أخرى تستمر 6 سنوات في الكرملين سوى التحدث خلال الحملة عما يتوقعه العالم من الرئيس الروسي في السنوات الست المقبلة.

ولم يحقق بوتين إنجازًا كبيرًا على الجبهة الداخلية، التي تعتبر أساسًا لكسب دعم الروس، إلا أن إنجازات سياسته الخارجية جعلته يظهر في صورة السياسي القوي.

وبعبارة أخرى، فمع تواصل الصعوبات، التي يعانيها الاقتصاد الروسي ازداد استخدام النظّام الروسي للعمليات العسكرية سبيلًا، لتعزيز صورته عالميًا وتقوية الدعم الداخلي.

ويترسّخ اعتبار العظمة القومية، كمقابل للرفاه الاقتصادي، أساسًا لدى الفكر الروسي الجديد.

وتحتل سوريا أهمية كبيرة بالنسبة لطموحات بوتين السياسية، حيث تمكنت روسيا من إعادة تأكيد نفسها قوة عالمية، ومنافسًا قويًا للولايات المتحدة.

والانتصار العسكري في سوريا، له معانٍ رمزية على مستويات عديدة، ولكن قبل كل شيء، فإنه يعيد إحساس الشعب الروسي بالفخر الوطني، وهو أمر يريد بوتين الاستفادة منه.

ونجاحات السياسة الخارجية لها أصداء قوية على الجمهور الروسي، وهي ما تُبقي الرئيس متمتعًا بشعبية في الداخل.

وتوقيت الإعلان عن ذلك مهم للغاية، ويُمكن القول بأنه تم اختياره بعناية ليتزامن مع بداية حملته الرئاسية.

والانتصار المعلن من الجانب الروسي في سوريا يضع بوتين في دائرة الضوء كمُسير للحوار السوري.

ومن المحتمل أن تكون فكرة صنع السلام، القضية الرئيسة لسياسة الرئيس الروسي تجاه الشرق الأوسط، خلال فترة ولايته القادمة.

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قدم بوتين أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 2018 إلى لجنة الانتخابات المركزية.

تحويل الأنظار

وتكافح روسيا حاليًا من أجل تحويل الأنظار بما يخص سوريا، وإقناع العالم بأن إنهاء الصراع في البلاد يتوقف على نجاح العملية السياسية.

وهذا يتطلب من موسكو، أن تؤدي "حيلة" الدعاية بحرفية وجعلها مقنعة، خاصة أن وعود الانسحاب الروسي باتت لا تنطلي على أحد بالنظر إلى وعود مضللة مماثلة كانت في الماضي.

فيما يترجم البعض إعلانه الأخير هذا بأنه نهاية رسمية لحملته العسكرية الداعمة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بهدف كسب مودة المؤيدين لذلك.

وقد أثار إعلان بوتين غضب قُوى أخرى تقاتل داعش في سوريا لسببين، أولًا، بالنظر إلى ما قاله الرئيس الروسي، يبدو أن إعلان انسحاب روسيا الجزئي كان مؤشرًا كافيًا على هزيمة داعش.

وبهذا الخصوص، يرى محللون أن غطرسة بوتين لم تعد موضع ترحيب في الأوساط السياسية، لا سيما وأن روسيا طالما أوحت للعالم بأنها صاحبة القرار بشأن إنهاء الحرب السورية.

التنافس الروسي الأمريكي

ثانيًا، ليس الجميع مستعد لقبول نظرية أن بوتين صاحب النصر في سوريا، الأمر الذي ترفضه أمريكا جملةً وتفصيلًا، حيث أنها ترى أن بوتين لا يستحق إعلان الانتصار.

وفي الواقع السياسي الجديد، الذي مفاده "من يأتي أولًا يعمل أولاً"، فإن أي من يدعي النصر أولاً هو الذي يقف ليجني فوائده، وهو بالضبط ما يأمل بوتين القيام به، لأنه يشعر بأن له الحق في إعلان الانتصار في سوريا، حتى لو كان فقط بالكلمات.

وما هو أساسي بالنسبة له، هو تخليص الولايات المتحدة من أي وهم مفاده أنها يمكن أن تستفيد من فترة ما بعد الحرب.

وقد تسامحت روسيا مع الوجود الأمريكي في سوريا طوال فترة الصراع، رغم أن البيت الأبيض كان منزعجًا باستمرار للعمل في ساحة المعركة بشكل غير قانوني.

والآن موسكو تطالب واشنطن بمغادرة سوريا، انطلاقًا من مبدأ "عند انتهاء الحرب، يجب رحيل المقاتلين"، الأمر الذي ربما توافق واشنطن على تطبيقه على مضض.

وما يدعو للدهشة أن المنافسة بين روسيا والولايات المتحدة حول سوريا أصبحت حامية الوطيس، لا سيما بعد انخفاض حدة القتال فيها، وذلك في ظل حرب كلامية اندلعت بين البلدين حول "من الذي هزم داعش".

ويحاول كلا البلدين تصوير نفسه على أنه المنتصر في الحرب ضد التنظيم، وبالتالي يحاولان ترشيد وجودهما بعد الحرب في سوريا.

ومن المحتمل، أن يحاول كلاهما إعادة تشكيل طرق وجوده في البلاد من خلال دعم الأطراف السياسية المتناحرة، حيث ستكافح موسكو وواشنطن من أجل الاحتفاظ بدور لهما في سوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com