ماذا تعني صفقة تبادل السجناء للاقتصاد الإيراني؟
أكدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نجاح صفقة تبادل السجناء مع إيران، والتي تنص على إطلاق سراح 7 سجناء أمريكيين محتجزين لدى إيران، مقابل الإفراج عن أصول إيرانية مجمدة بقيمة 6 مليارات دولار، وإطلاق سراح 5 إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة، وفق موقع "vox" الإخباري.
ونقل الموقع عن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قولها إن الصفقة تم التفاوض عليها طيلة عامين، فيما لعبت الوساطة القطرية، والعُمانية، والسويسرية، دورًا مهمًا في تسهيل التوصل إليها، ورغم أن الصفقة تعد خطوة إيجابية إلا أنها ليست مؤشرًا على أن العلاقات بين البلدين تشهد تغييرًا جذريًا.
وبين الموقع أن 5 أمريكيين احتجزوا في سجن "إيفين" هم في طريقهم من طهران إلى العاصمة القطرية الدوحة، ومن هناك سيتوجهون إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى عائلاتهم.
ولفت إلى أن ما يقارب من 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المجمدة التي احتجزت في بنوك كوريا الجنوبية لسنوات طويلة، تم تحويلها الآن إلى قطر، حيث ستشرف الولايات المتحدة وإيران على تلك الأموال.
وقال إنه على الرغم من وجود استثناءات إنسانية لنظام العقوبات الأمريكي، فإن العواقب المحتملة لانتهاك تلك العقوبات كان لها تأثير مخيف بالفعل، لدرجة أن البنوك الكورية الجنوبية كانت خائفة من الإفراج عن الأموال.
ويقال أيضًا إن مؤسسات مالية في بعض الدول الأوروبية كان لديها مخاوف مشابهة، ما دفع إدارة بايدن إلى إصدار إعفاء شامل من العقوبات في وقت سابق من هذا الشهر، يهدف إلى تخفيف تلك المخاوف، وتسهيل تحويل الأموال عبر بنوك في: ألمانيا، وإيرلندا، وسويسرا، إلى البنك المركزي القطري، حيث سيتم الاحتفاظ بها لإيران لاستخدامها في شراء السلع الإنسانية.

وأشار موقع "vox" إلى أن إيران تعاني منذ سنوات من أزمة اقتصادية خانقة، يعود سببها جزئيًا إلى فساد الدولة وعدم كفاءتها، لكن العقوبات القاسية التي تقودها الولايات المتحدة فاقمت هذه الأزمة، إذ كان أثر العقوبات مروعًا لدرجة أن بنوك كوريا الجنوبية التي تحتفظ بالأصول الإيرانية المعنية رفضت الإفراج عنها، حتى لشراء الحاجيات الضرورية مثل الغذاء والدواء، رغم "الاستثناءات الإنسانية" التي اشتملت عليها سياسة العقوبات.
ونقل الموقع قول مسؤولين أمريكيين كبيرين إن وزارة الخزانة الأمريكية ستفرض عقوبات إضافية على وزارة المخابرات الإيرانية والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لكن هذه العقوبات لم يتم الإعلان عنها بعد.
من جانبه، يرى مدير المشروع الإيراني من مجموعة إدارة الأزمات الدولية، علي فائز، أنه "بالطبع لن تحل صفقة تبادل السجناء أيًا من الخلافات الرئيسة بين الولايات المتحدة وإيران، فهي ليست سوى تجنب أو تأجيل التعامل مع المشكلة".
وقال الموقع إن تفاصيل صفقة تبادل السجناء بين إيران وأمريكا شحيحة، وإن كانت تقارير إعلامية تزعم أن التفاوض بشأنها استغرق أكثر من عامين، وأن المفاوضات كانت شاقة وحساسة، وزاد من صعوبتها عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وأكد أن لقطر، وعُمان، وسويسرا، دور أساس في التوصل إلى اتفاق نهائي، حيث اضطلعت تلك الدول بدور الوساطة في الاجتماعات الحساسة في الدوحة بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين.
من جهتهم، رفض المسؤولون الإيرانيون عقد اجتماعات مباشرة مع واشنطن، لذلك مثلت سويسرا شؤون الولايات المتحدة في إيران، بحسب "vox".

بالنسبة لإيران، فإن الأموال المجمدة التي سيتم الإفراج عنها هي الجزء الأهم في الاتفاق، وليس المواطنين الإيرانيين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة، حيث تشير تقديرات وزارة الصحة الإيرانية إلى أن 60% من المواطنين الإيرانيين لا يجدون ما يكفيهم من الغذاء، وعدد محدود جدًا من المرضى الإيرانيين يحصلون على العلاجات المتقدمة اللازمة لإنقاذ حياتهم من الأمراض الخطيرة كالسرطان، بينما يشهد الوضع الاقتصادي مزيدًا من التدهور في ظل هبوط قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي، وارتفاع معدل التضخم إلى 47.5 %، وفق موقع "vox".
ويرى "فائز" من مجموعة إدارة الأزمات، أنه رغم تدابير خفض التصعيد مع خصوم إيران مثل السعودية، وأمريكا، إلا أن سياسات النظام الإيراني لم تتغير بشكل أساس، فالعلاقات الأمريكية الإيرانية لا تزال متوترة كما يتضح من التهديد الأمريكي بوضع مشاة البحرية (المارينز) على متن السفن التي ترفع العلم الأمريكي في مضيق هرمز.

وفي إيران نفسها، بعض أعضاء القيادة الإيرانية يرفضون الصفقة، ويقارنونها بمذكرة النفط مقابل الغذاء المهينة، التي وضعتها الأمم المتحدة في تسعينيات القرن الماضي بهدف تخفيف وطأة العقوبات المدمرة المفروضة على العراق.
ورغم ذلك، صوَّر النظام الإيراني الصفقة، في الإعلام الرسمي، على أنها انتصار كبير له، وخطوة مهمة في برنامج الرئيس إبراهيم رئيسي لتحقيق الاستقرار للعملة الإيرانية، وفق تقرير الموقع الإخباري.
المصدر: موقع "vox" الإخباري