واشنطن بوست: روسيا تستغل "الإحباط" لتعميق نفوذها في غرب أفريقيا

واشنطن بوست: روسيا تستغل "الإحباط" لتعميق نفوذها في غرب أفريقيا

في ظل الاهتمام الغربي المتصاعد بالنشاطات الروسية في أفريقيا، توازيا مع حربها في أوكرانيا؛ ركزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية على نفوذ موسكو المتزايد في منطقة غرب أفريقيا، مع دعمها للانقلاب الأخير في بوركينافاسو.

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الاثنين، إن الانقلاب الذي وقع في بوركينا فاسو نهاية سبتمبر الماضي وحمل الشاب إبراهيم تراوري لسدة الحكم، قوبل بشجب من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والمسؤولين الأمريكيين، لكن الهتافات جاءت من زاوية بارزة من العالم.

 وتابعت: "في رسالة نُشرت عبر تطبيق تليغرام، قال يفغيني بريغوزين، وهو أوليغارشي روسي من الدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس مجموعة فاغنر ، إن انتزاع تراوري للسلطة كان ضروريًا". ووصف بريغوزين الضابط الذي لم يكن معروفًا في السابق بأنه "ابن شجاع ومخلص حقًا لوطنه الأم"، معتبرًا أن المشاكل الأمنية الخطيرة التي تعصف بالدولة الواقعة في غرب أفريقيا جزء من الإرث الامبراطوري لفرنسا.

وقال بريغوزين: "كان شعب بوركينا فاسو تحت نير المستعمرين، الذين سرقوا الناس ولعبوا ألعابهم الحقيرة، ودربوا ودعموا عصابات قطاع الطرق، وتسببوا في حزن شديد للسكان المحليين".

 ولفتت الواشنطن بوست إلى مشهد تلويح المؤيدين لانقلاب تراوري بالأعلام الروسية في شوارع العاصمة واغادوغو، مشيرة إلى أنه دليل على وصول شبكات الدعاية الروسية إلى جانب الإحباط الشعبي من الوضع الراهن الذي يرتبط ببعض السياسات الغربية، لاسيما التي تخص فرنسا.  

  شراكة استراتيجية أم استغلال؟

وقالت الصحيفة إنه منذ انقلاب 30 سبتمبر في بوركينا فاسو، كانت هناك اقتراحات متزايدة بأن المجلس العسكري الجديد سوف يفكر في إقامة "شراكة استراتيجية" جديدة مع موسكو والابتعاد عن التفاهمات السابقة مع القوى الغربية.

وتابعت: "قد يكون خطاب بريغوزين يخدم الهدف ذاته، ولكنه قد يشير أيضًا إلى نفوذ روسي متزايد".

ونقلت عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قولها في إفادة لمجلس الأمن في وقت سابق من هذا الشهر: "بدلاً من أن تكون فاغنر شريكًا شفافًا وتحسن الأمن، تستغل المنظمة الأمنية الدول التي تدفع مقابل خدماتها الأمنية الثقيلة في الذهب والماس والأخشاب والموارد الطبيعية الأخرى. وهذا جزء من نموذج أعمال مجموعة فاغنر.. نعلم أن هذه المكاسب غير المشروعة تُستخدم في تمويل آلة الحرب الروسية في أفريقيا والشرق الأوسط وأوكرانيا".

 وقال صموئيل راماني، المحلل بمعهد رويال يونايتد سيرفيسز البريطاني، لبي بي سي: "حاولت روسيا في الانقلابات السابقة تقديم نفسها كمستفيد عرضي من تغييرات النظام.. هذه المرة كانت موسكو أكثر نشاطًا في دعم الانقلاب، وقد أدى ذلك إلى تكهنات بأن روسيا لعبت دورًا تنسيقيًا".

فصل جديد من المنافسة

وأوضحت الصحيفة أنه "على الرغم من أنه غير واضح ما هو الوجود الفعلي لروسيا أو الذي سيكون لها في بوركينا فاسو، فإن الانقلاب يمهد الطريق لفصل جديد في منافسة جيوسياسية أوسع مع الغرب".

ونقلت عن جان هيرفي جيزيكيل، مدير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية، قوله: "ما نراه هو أن منطقة الساحل أصبحت ساحة معركة للتنافس بين روسيا والغرب". وأضاف: "هذه طبقة إضافية في أزمة معقدة بالفعل"، مشيرًا إلى أن المنافسة بين القوى العظمى في هذا الجزء من العالم ستجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للجهات الفاعلة المحلية التي تكافح من أجل تحقيق السلام.

مالي مثالا

التنافس الروسي – الغربي لا يقتصر على الأرض، فثمة، وفق واشنطن بوست، صراع حاد بالفعل في الفضاء الإلكتروني، حيث تعمل الحسابات الإلكترونية المرتبطة بالكرملين على تنشيط دعاياتها في جميع أنحاء المنطقة.

 وتشير الصحيفة إلى أن مالي تحولت بشكل علني نحو روسيا منذ سنوات. في سبتمبر / أيلول في الجمعية العامة للأمم المتحدة، احتفل رئيس الوزراء المالي عبد الله مايغا بـ "التعاون النموذجي والمثمر بين مالي وروسيا"، وقال إنه تحدث عن تحول أكبر في منطقة كانت تسيطر عليها فرنسا لفترة طويلة، القوة الاستعمارية السابقة. وقال مايغا: "ابتعد عن الماضي الاستعماري واستمع إلى الغضب والإحباط والرفض الذي يأتي من المدن والأرياف الأفريقية، وافهم أن هذه الحركة لا هوادة فيها".

 وتنشط قوات فاغنر في مالي، حيث تعمل جنبًا إلى جنب مع الجنود النظاميين. وتتهم القوى الغربية المنظمة الروسية بالتورط في سلسلة مذابح بحق المدنيين، بما في ذلك إعدام حوالي 300 شخص خارج نطاق القضاء في قرية بوسط مالي في مارس / آذار.

قلق فرنسي

وتنقل واشنطن بوست عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير ليجيندر: "ما نلاحظه هو أنه في أماكن أخرى في أفريقيا اليوم، هناك عمليات انتشار مقلقة لميليشيات فاغنر، وقد تمكنا من أن نرى على أرض الواقع أن آثار هذه الميليشيات تؤدي إلى انتهاكات ضد السكان. لقد رأينا الجرائم التي تكشفت في مالي، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، وفي موزمبيق أيضًا، نهب الموارد الطبيعية، والأهم من ذلك كله، انعدام الفاعللية في مكافحة الإرهاب".

 تصريحات المسؤولة الفرنسية لم تمنع النقاد، بحسب الصحيفة الأمريكية، من الإشارة إلى ان فرنسا هي الأخرى فشلت فشلا ذريعا في مهمتها بدول الساحل الأفريقي؛ فبعد 10 سنوات من التدخل العسكري المباشر تمكن "الجهاديون" من التوسع بشكل أكبر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com