محسن سازاركا
محسن سازاركاإرم نيوز

قيادي سابق في الحرس الثوري: إيران تدفع وكلاءها إلى التهلكة (فيديو إرم)

أكد القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني محسن سازكارا، أنّ إيران تهدف إلى الاستفادة من الحرب في غزة وتدفع بوكلائها إلى مواجهة إسرائيل، من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة.

وتحدث سازكارا عن خطط إيران في مرحلة ما بعد حرب غزة وما إذا كانت ستورط "حزب الله" اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي في مواجهتها ضد إسرائيل، وقدّم تصوره وتحليله للضربة العسكرية الإسرائيلية لموقع إيراني وتفاصيلها وحجم الضرر الذي خلّفته، في الحوار التالي:

بخصوص الرد الإسرائيلي على أصفهان، ما التفاصيل التي لا تريد طهران أن تخرجها إلى العلن، لا سيما أن هناك غموضًا حتّى الآن حول حجم ذلك الاستهداف؟

إنّ هجوم إسرائيل على القاعدة الثامنة للقوات الجوية الإيرانية في أصفهان المعروفة بـ"شكاري" هو في الواقع هجوم يُمكن أن أعتبره، نقلاً عن معلومات من قبل مسؤولين عسكريين، هجومًا عبر صواريخ جو-أرض أُطلقت من طائرات على بُعد مئات الكيلومترات من حدود سوريا والعراق، وهي صواريخ من صناعة إسرائيلية ولا يعلم تفاصيلها في العالم سوى إسرائيل والولايات المتحدة.

وتلك الصواريخ في الواقع تتمتع بقدرات تمكّنها من تخطّي الرادار، وقد أصابت أهدافها عبر تجاوز نظام الردار من طراز 300 الروسي.

والواقع أنّ القاعدة الثامنة "شكاري" مزوّدة بالكامل بنظام الرادار 300 الروسي، وذلك لتأمين المنشآت النووية في تلك المحافظة أصفهان بشكل خاص.

وقد عملوا لسنوات لكيلا تنفجر صواريخ أرض-جو في ذلك النظام الدفاعي، لأنّ نطاق الانفجار هنا كبير جدًا.

وفقط يجب أن يعمل الرادار في هذا النظام على تحديد الهدف، ويرصد الصواريخ أرض- جو، ويصيب الهدف، لكنّهم قاموا بتعطيل هذا النظام، ونجحوا بضرب الساحة التي تقدر بأكبر من شاحنتين بشكل دقيق.

وهذا يعني أن الإسرائيليين أرادوا أن يقولوا لإيران إنّنا نستطيع الآن ضرب دفاعاتكم بذلك الشكل الدقيق وكل منشآتكم النووية التي تعتمد على ذلك النظام الدفاعي أو تدمير أجزاء أخرى.

وبناءً على ذلك، فإنّ تلك الرسالة في رأيي كانت رسالة علنية ومباشرة لطهران تفيد بأنّ التفوق الجوي والتكنولوجي الإسرائيلي يفوق ما لدى إيران.

ما حجم الضرّر جراء الضربة الإسرائيلية؟

لم تكن رغبة الإسرائيليين في إلحاق ضرر كبير، لكنّهم كانوا يرغبون فقط ألا يعمل النظام الدفاعي الجوي الإيراني، مقابل التكنولوجيا الإسرائيلية، ولذلك السبب لا تقول إيران شيئًا حتى أنّها لم تعلن حجم الأضرار، قالت إنّها طائرات مسيّرة دون طيار فقط.

لقد عملت إسرائيل، في الواقع، على استهداف قوات الوكالة التابعة لإيران، وهي الآن منشغلة بالحرب مع إحدى تلك القوات بالوكالة، أو هي إحدى الجماعات الإرهابية التي تساعدها إيران، ونعني هنا "حماس" وأيضًا بالطبع جماعة "الجهاد الإسلامي".

والآن، إسرائيل لا ترغب في أن تبتعد كثيرًا عن ذلك الهدف، لكن إذا انتهى العمل في غزة، وللأسف ثمن ذلك العمل راح ضحيته أكثر من 30 ألف مواطن فلسطيني بريء، يأتي في ظل إشعال شرارة الحرب من قبل خامنئي والحرس الثوري الذين يشجعون "حماس" على محاربة إسرائيل.

وإذا انتهوا من تلك المهمة، ستبقى جماعات الوكالة التابعة لإيران في سوريا، وأيضًا في لبنان ونعني هنا "حزب الله".

والواقع أنّ حزب الله اللبناني يُمثل أهمية كبيرة لطهران مثل أهمية الحرس الثوري ذاته، ويحمل اختلافًا عن غيره من جماعات الوكالة، لأنّه شريك في عمليات تهريب المخدّرات خاصة أقراص الكبتاغون الذي ينتجها والمعروفة لديهم بأقراص الجهاد.

وعن طريق ذلك يربح من 8 إلى 10 مليارات دولار سنويًا، ولدى حزب الله اللبناني شركاء في ذلك الأمر من عناصر فيلق القدس في سوريا، وبالطبع لا يريد النظام أن يفقد ذلك المصدر.

إسرائيل استهدفت الكثير من قادة الحرس الثوري، ما مدى تأثير ذلك على الحرس؟ وإلى أي مدى ساهمت ضربات إسرائيل في إضعافه؟

يوجد احتمال كبير أنّ إسرائيل تسعى بعد الانتهاء من العمل في غزة إلى البدء بعمليات في سوريا وتحديدًا استهداف المراكز المتعددة لفيلق القدس وحزب الله اللبناني، وقد تواصل عملياتها في لبنان.

وفي الواقع، فإنّ جماعات الوكالة تلك تُمثل منظمات إرهابية، وهكذا تصنفها العديد من دول العالم، وتؤيد استمرار توجيه ضربات شديدة ضدها.

لا أمتلك معلومات خاصة، لكن طبقًا للرؤية الإستراتيجية، فإن إيران تريد أن يكون مضيق باب المندب في حوزتها بشكل خاص وأيضًا البحر الأحمر.

ولهذا هي تعمل على تعزيز قدرات الحوثيين في اليمن، الذين يتعرضون لهجمات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي السودان كذلك شهدنا تقليم أظافر إيران هناك في ظلّ التطورات والتغيرات التي حدثت، وكذلك في جيبوتي حتى أنّها شهدت تأسيس قاعدة عسكرية من قبل بعض الدول وذلك في ظل رغبة الأوروبيين والأمريكيين لإخراج جيبوتي من قبضة إيران.

والآن في السودان بعد التطورات التي حدثت هناك بعد خلع البشير والحراك الذي تبناه المواطنون السودانيون والانقلاب العسكري الذي قاده الجيش، إذ هيأت الحرب الأهلية الواقعة في السودان الإمكانية والفرصة لإيران لكي تثبت حضورها مرة أخرى في السودان، وأن تنفذ هناك عبر مساعدات السلاح والتمويل والتدريب العسكري وأن تجد لها موقعًا هناك.

والواقع أن أساس الأزمة لا يكمن في السودان ذاتها بقدر ما يكمن في السيطرة على البحر الأحمر وباب المندب.

الحرس الثوري في إيران يزوّد البرهان بالمسيّرات الإيرانية، ماذا لديكم من معطيات جديدة بخصوص المسيّرات؟

نعم، فالسودان بالفعل عارض، ذلك ولم يقبل منح إيران قاعدة عسكرية، نظرًا لما يرتبط بالتطورات في السودان والتي في النهاية تكشف كيف ستتعامل الدول العربية والدول الغربية مع الأزمة هناك.

ونحن نعلم أنّ إسرائيل بصدد إقامة علاقات مع السودان، وبناءً على ذلك فإنّ المعادلات هنا تتعلق بالأطراف التي سيتعامل معها السودان، وما الدول التي يُمكنها أن تقيم علاقات جيّدة مع السودان، وتقدّم له مساعدات، وأن تنقذه من تلك المصائب التي تلاحقه أو من الطرف الذي سيربح في تلك الحرب.

ولكن هدف إيران هو امتلاك قاعدة عسكرية في السودان من أجل السيطرة على البحر الأحمر، لكنها لم تنجح في ذلك حتى الآن.

ما المعلومات لديكم بشأن بناء القاعدة الايرانية على البحر الأحمر؟

إنّ الطريق الذي تعلموه وهو من الخليج وبحر عُمان، والسفن والزوارق تدخل من بحر عُمان إلى بحر اليمن أو بحر العرب عند عدن، ومن هناك تصل إلى خليج عدن في مسافة ربّما تصل إلى أكثر من 1000 كيلومتر ساحلي، ويتم نقل الأسلحة من البحر في نقاط مختلفة على الساحل الذي يسيطر عليه الحوثيون.

يتلقّى الحوثيون دعمًا كبيرًا من الحرس الثوري، ويساهمون في تنفيذ مخططات إيران على البحر الأحمر.. ما صيغ الإمدادات للحوثيين؟

لا أعلم الآن تفاصيل عن كيفية العلاقات مع الحوثيين، لكن بالأساس فإنّ المساعدات التي تقدمها طهران للحوثيين منذ اليوم الأول كانت تهدف للضغط على المملكة العربية السعودية والغرب، خاصة في ما يتعلق بالسيطرة على باب المندب والتواجد في البحر الأحمر.

ورأينا في تلك المرحلة أنّ الحوثيين سعوا إلى أن يصيبوا الطريق بحالة من انعدام الأمن، من خلال إطلاق الصواريخ أو الطائرات المسيّرة ضدّ السفن، ونجحوا حتّى الآن فقط في إصابة سفينة تجارية واحدة وسحبها إلى سواحل اليمن، وتعرضوا لخسارة كبيرة وبقية الخسائر كانت جزئية.

ثم وجه الأمريكيون ضربات عديدة وشديدة ضدّ الحوثيين، واستهدفوا العديد من قواعد إطلاق الصواريخ الخاصة بهم وهي بحاجة إلى إعادة إعمار، لكن الطريقة النهائية ستكون في إنزال قوّات برية، إذ إنّ التعامل مع جماعة إرهابية لن ينجح عبر الجو فقط، ولا بدّ من تدخل قوات برية للتعامل معها وهزمها.

وطرح الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أنّ إزالة خطر الحوثيين بشكل كامل بحاجة إلى قوات برية، ويجب أن تكون تلك القوات متعدّدة الجنسيات لكي تدخل في حرب برية مع الحوثيين. لكن ذلك القرار لم يُتخذ حتى الآن، خاصة أنّ هذا العام يشهد الانتخابات في الولايات المتحدة، والرئيس الأمريكي الحالي لن يتبنى قرار الدخول في الحرب بسهولة.

إنّ تصوري هو أنّ الأمريكيين يعملون على الحد من خطر الحوثيين كثيرًا من خلال نشر سفنهم سواء في البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط، وكذلك عبر إمكاناتهم الجوية.. والصواريخ التي أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل تعرّضت جميعها للرصد في الجو.

ولكن إذا فرضت إسرائيل سيطرتها الكاملة على غزة وأعلنت أنّ أمر "حماس" قد انتهى، خاصة في حال قُتل أو اُعتقل أو هرب قادة حماس من غزة مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف، فسيكون ذلك إشارة جيدة لإنهاء أمر الحوثيين أيضًا.

ولكن لا أعتقد أنّ الحوثيين يرغبون في أن يكونوا القوّة الوحيدة التي تواصل إيران الاعتماد عليها في أحداث حرب غزة.

هل مازال الحرس الثوري اليوم قادرًا على إمداد "حماس" بالأسلحة؟ وهل برأيك تخلت إيران عن هذه الحركة؟

شئنا أم أبينا، فإنّ الإيرانيين ضحوا بـ"حماس" وقادوها إلى حرب طرفها الآخر عنيف للغاية وهي إسرائيل. وبناءً على ذلك، يُمكن القول إنّهم أرسلوا "حماس" إلى مصيرها النهائي، ما أسفر عن التضحية بالشعب الفلسطيني في غزة.

وأشرنا إلى أنّ إيران لا تمانع بأن تقوم بأفعال حتى ولو تكلّف ذلك أرواح المواطنين سواء من مواطنيها أو مواطني أيّ مكان في العالم.

فيما يخص "حزب الله"، نرى أنه يلتزم بقواعد الاشتباك، وبالتالي لا يرد كما يجب، هل ترى أن إيران تضع "حزب الله جانبًا تجنبًا لخسارته كما حصل مع "حماس"؟

حتى الآن مثلما قلت في السابق، فإنّ "حزب الله" اللبناني يُمثل أهم الجماعات لدى إيران خارج حدودها، وهو شريك التهريب ومصادر موارد مالية لها، وهو يمثل أداتها في إدارة وتدريب سائر جماعات حرب الوكالة في العراق وسوريا واليمن ومناطق أخرى، وحتى في عمليات تجارة المخدرات والتي تصل إلى فنزويلا، وكولومبيا، والمكسيك، ودول أمريكا اللاتينية، والدول الأوروبية.

ولذا، فإنّ "حزب الله" اللبناني جماعة مهمّة، ولكن إيران تواجه صعوبتين في حال أرادت أن يدخل الحزب في حرب مع إسرائيل..

الصعوبة الأولى هي أنّ إسرائيل هددت منذ اليوم الأوّل للحرب في غزة أنّه إذا دخل "حزب الله" الحرب ستجعل من بيروت غزة ثانية، وقد يتدخل الجيش الإسرائيلي كما فعل في بيروت العام 1982، وقد يعتقل حسن نصر الله أو يقتله.

وبناءً على ذلك، فإنّ اشتباك "حزب الله" اللبناني مع إسرائيل سينتج حربًا دموية وربّما تفضي إلى انتهاء أمر الحزب مثل "حماس".

أمّا الصعوبة الثانية فهي أنّ حسن نصر الله نفسه لا يرغب في دخول الحرب، فهو الآن يحصل على 18 مليار دولار سنويًا من تجارة المخدّرات وغيرها من مصادر الدخل، ويمتلك 70 ألف عنصر مسلح، وقد أصبح عمليًا زعيم لبنان ويستطيع التدخل في شؤون الحكومة عبر ذراعه الطويلة، وفي المجمل فقد أعد إمبراطورية من التهريب.

وبالتالي، فإنّ تلك الصعوبة الثانية التي تواجه إيران لن تثنيها بسهولة وتُدخل "حزب الله" في الحرب والذي لا يرغب كثيرًا في خوضها، فضلاً عن أنّ بقية الأجزاء الأخرى في لبنان ونعني هنا أهل السُنة والمسيحيين أيضًا غير موافقين على الإطلاق على دخول "حزب الله" في الحرب مع إسرائيل، وأن تتعرض سلامة بلادهم لضرر.

لُوحظ في الفترة الأخيرة أن الحشد الشعبي يلتزم الهدوء، هل يعني ذلك أنّ إيران تحيّد الحشد الشعبي حاليًا، أم أنّ لديها مخططات أخرى؟

لقد شنّ الحشد الشعبي هجومًا على القواعد الأمريكية منذ بداية الحرب في غزة، والحشد الشعبي عبارة عن مجموعة من الجماعات أكثرها مثل النجباء أو كتائب حزب الله العراقية، يعملون بشكل مباشر مع "فيلق القدس" الإيراني وتتلقى منه المساعدات، حتّى أنّه يتدخل في عمليات إطلاق الصواريخ ومعداتها.

لكن هذه الجماعات تلقت خسائر في الاشتباكات التي دخلتها مع الأمريكيين سواء من خلال العمليات العسكرية أو الهجمات، منها فقدانها نائب رئيس إحدى الجماعات الذي قُتل.

واستهدف الهجوم الإسرائيلي الأخير على القاعدة العسكرية جنوب بغداد ومحافظة بابل، إحدى أهم قواعد الحشد الشعبي، وهي قاعدة عسكرية تمتلك العديد من المعدات العسكرية التي دُمرت.

إنّ السيئ في العراق، مثل لبنان وربّما الأسوء من لبنان، هو مجموعة المشكلات التي تحدث بسبب جماعات الحشد الشعبي، ونعني هنا أنّ القطاعات المختلفة من الحكومة والبرلمان والشعب العراقي وأهل السنة والأكراد وأقسام من الشيعة، ليسوا متوافقين مع الحشد الشعبي، ولا يريدون أن يتحول العراق إلى ساحة للحرب بين إيران وإسرائيل أو بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

وبناءً على ذلك، فإنّ نشاط الحشد الشعبي يحمل العديد من المشكلات من ضمنها أنّ الحشد جماعة فاسدة مثل "حزب الله"، ومثل الحرس الثوري الإيراني، أي أنّه ينشط في عمليات تجارية وشراكات مختلفة على علاقة بمسؤوليهم، وهم لا يرغبون في تعريض مواقعهم للخطر، وبالتالي لا ترغب طهران بأن تُدخل الحشد الشعبي وأيضًا الجماعات المختلفة التي تشكل الحشد في حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية أو مع إسرائيل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com