انقلاب تركيا يكشف غموض الجيش وخطورته على أردوغان
فوجئ الكثير من المحللين السياسيين، والخبراء بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا التي أمضى فيها الرئيس رجب طيب أردوغان العقد الأخير، في تشديد قبضته على السلطة، وخلق قيادة عسكرية مطيعة، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وسيطر أردوغان على العديد من القرارات العسكرية أكثر من أي زعيم مدني تركي، منذ أيام حكم مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك"، ويعتبر "أردوغان" المسؤول عن تعيين قائد الجيش، ويشرف على اجتماعات مجلس الأمن القومي، وهو أيضًا لاعب محوري في صياغة القرارات داخل ساحة القتال.
وقال "ستيفن كوك" العضو البارز في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: "أردوغان كان مُسيطرًا لفترة طويلة جدًا، ولكن الجيش كان غامضًا، كما أنه كان أيضًا خائفًا من حدوث انقلاب في القريب العاجل، وهذا ما جعله يتبع استراتيجية عدوانية".
ورأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن الأخبار عن حدوث انقلاب عسكري اصطدمت مع القصة، التي تحكي منذ عقد، أن أردوغان يحكم سيطرته على الجيش أكثر فأكثر.
ومنذ تأمين الفوز الساحق في انتخابات 2002، وضع حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية، إصلاحات وتغييرات مثيرة على الجيش، كحجر أساس لسياسة الحكومة الجديدة، وكان الجيش ذو الفكر العلماني قد أطاح بأربع حكومات سابقة خلال 6 عقود.
وخلال عشر سنوات من العلاقات المضطربة بين الجنرالات الأقوياء في ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، انتصر أردوغان في الكثير من المشادات الشائكة حول السياسة، وفي العام 2012 أشاد الأخير بهزيمة الجيش التركي، باعتباره مركز قوة في السياسة التركية، وقال :"تركيا لم تعد بلداً يستيقظ بها باكراً في الصباح لتجد انقلاباً."
وسعى أردوغان، الذي كان آنذاك رئيسًا للوزراء، لإصلاح الجيش تماشيًا مع أهداف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ما يحد من اختصاص المحاكم العسكرية لصالح المحاكم المدنية، واتخاذ دور أكثر نشاطًا في تعيين كبار القادة، وكان في استقبال هذه التحركات الحلفاء الغربيون، الذين اعتبروها جزءًا من عملية التحول الديمقراطي.
ومع ذلك، أصبحت الجهود لإصلاح الدولة والاتجاه للديمقراطية أكثر، تسببًا في الخصومة في السنوات التي جاءت بعد ذلك، ففي العام 2007 هدد الجيش بالتدخل في نزاع سياسي بشأن تعيين حزب العدالة والتنمية زعيمه عبدالله غول رئيسا.
وبعد ذلك بعام، قال المحققون الأتراك إنهم اكتشفوا مؤامرة انقلاب تبلغ من العمر 5 أعوام من قبل الجنود، والأكاديميين، والسياسيين، وتم إلقاء القبض على مئات المتآمرين وإرسالهم إلى السجن، وبعد عامين من ذلك قالت السلطات إنها اكتشفت مؤامرة أخرى، كانت تقاد من قبل بعض الضباط السابقين والحاليين في الجيش، وهذه المرة تم سجن المئات من الأشخاص لمدد طويلة.
وفي وقت سابق من هذا العام، تم التنازل عن قضايا خاصة بـ275 شخصًا متهمين في قضية العام 2008 من قبل محكمة الاستئناف التركية، وكان من ضمنهم جنرالات كبار في الجيش.
وفي ظل مواجهة الصراع الموسع ضد المتمردين الأكراد وتعمق التهديدات الأمنية على الحدود مع سوريا التي مزقتها الحرب، والعراق، انحنى وانحاز الرئيس نحو القيادة العليا أكثر مما كان عليه في أي وقت خلال فترة ولايته.
وبدأت وسائل الإعلام التابعة للحكومة، التي اعتبرت القضايا الجنائية ضد الجيش على أنها انتصار للديمقراطية، بالثناء على الجهود البطولية للقوات المسلحة في مواجهة خصوم الدولة في تركيا.
وعلقت "غونول تول" مديرة البرنامج التركي في معهد الشرق الأوسط للدراسات التركية قائلة: من الواضح أن أردوغان يراهن على أن تلك المبادرات ستجعل الجيش تحت السيطرة، ولكنه يلعب بالنار"، وأضافت قائلة: "ربما قد سقط الجيش لكنه لم يُستبعد".
وقال "آرون شتاين"، العضو البارز في المجلس الأطلسي: "ليس واضحًا ما إذا كان الانقلاب العسكري لديه الدعم العسكري الكامل، ولكن يبدو أن لديهم تنظيمًا جيدًا من الموارد"، وأضاف: "الطائفة التي أرادت الانقلاب تظاهرت بالإختفاء، ولكنها في الواقع لم تذهب لأي مكان".
فتح أبواب الصراع