تعيين البوغديري وزيرا للتربية يشعل معركة بين اتحاد الشغل والرئاسة التونسية

تعيين البوغديري وزيرا للتربية يشعل معركة بين اتحاد الشغل والرئاسة التونسية

تعيين البوغديري استمرار لمعركة لي الأذرع التي يقودها سعيد مع اتحاد الشغل.. وهناك خشية من الذهاب لمربعات أخرى في العلاقة معه.
رئيس حزب الراية التونسي مبروك كورشيد

تشهد العلاقة بين الرئيس التونسي قيس سعيد واتحاد الشغل توترا غير مسبوق، ولا سيما عقب اتهام الأخير للرئاسة التونسية باستهدافه، ودعوته النقابيين للدفاع عما وصفه بـ"الحق النقابي"، فيما عين سعيد أحد أبرز معارضي قيادة المنظمة النقابية ذات النفوذ الواسع، وزيرا للتربية.

ويأتي ذلك بعد توقيف القيادي الناشط في نقابة الطرقات أنيس الكعبي، وحديث سعيد عن عمل نقابي يحمل غطاء سياسيا، وتهديده بالقانون للتصدي لمن سماهم المتآمرين على الدولة.

واعتبر سعيد أن الحق النقابي مضمون بالدستور، لكنه انتقد بشدة دعوة نقابة تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى غلق الطرقات، وفق قوله.

وبعد الكلمة بسويعات، داهمت عناصر أمن منزل رئيس النقابة المعنية، حيث تم اعتقاله، بحسب إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كلف محاميا للدفاع عن نقابييه.

وردّ اتحاد الشغل التونسي، الأربعاء، بالدعوة لإطلاق سراح الكعبي والتحذير من المساس بالحقوق النقابية، كما دعا الاتحاد، الأربعاء، النقابيين للتعبئة العامة والاستعداد للدفاع عن الحقوق النقابية.

محمد علي البوغديري
محمد علي البوغديري

وبدوره، عبّر الأمين العام المساعد في اتحاد الشغل التونسي، حفيظ حفيظ عن "رفض المنظمة النقابية التهم الباطلة التي صرّحت بها النيابة العامة بحق النقابي الموقوف"، مؤكّدا أن الهيئة "ستتخذ ما تراه ضروريا لرفع المظالم والانتهاكات الحاصلة في الحريات العامة والحق النقابي"، وفق قوله.

وأكد حفيظ في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، رفض الاتحاد التام لما وصفه بـ"الخطاب الاستفزازي والتحريضي الصادر عن رئاسة الجمهورية بحق الاتحاد"، نافيا وجود أهداف سياسية لإضراب نقابة شركة تونس للطرقات السيارة.

وأضاف أن "الاتحاد يتعرّض لاستهداف واضح من رئاسة الجمهورية كمنظمة كانت وستبقى في الصفوف الأولى بغاية منعها من لعب دورها الوطني خصوصا بعد طرحها مبادرة للإنقاذ الوطني".

ومؤخرا، أعلن اتحاد الشغل التونسي، رسميًا عن طرح مبادرة، بالاشتراك مع هيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لإيجاد مخرج للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخروج مما سماه "المنعطف الخطير" الذي تمر به البلاد.

ولم يستبعد حفيّظ أن تتخذ الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل، خلال اجتماعها المرتقب انعقاده يوم غد الجمعة، قرارات تصعيدية في مواجهة ما وصفها بـ "حملة الاستهداف التي تطال المنظمة".

وجاء هذا التصعيد إثر تعيين وزير التربية الجديد في تونس محمد علي البوغديري، وهو أحد القيادات النقابية المناهضة لقيادة اتحاد الشغل الحالية، ما فتح باب التأويلات أمام دلالات هذا التعيين وما إذا كان يمثل إعلان مواجهة بين الرئيس التونسي قيس سعيد والمنظمة النقابية القوية.

والوزير الجديد محمد علي البوغديري كان قد عارض بشدة التمديد للقيادة الحالية لاتحاد الشغل برئاسة نورالدين الطبوبي لولاية ثالثة، وهو ما يخالف النظام الداخلي للاتحاد، ما جعله يغادر في نهاية المطاف النقابة التونسية وينضم لمبادرة تُعرف بـ "لننتصر للشعب" أسسها أنصار الرئيس سعيد.

البوغديري إنسان كفؤ ووطني وهذا ما يعترف به الجميع، وهناك عدة مشاكل في قطاع التعليم.
المحلل السياسي نبيل الرابحي

وحيال ذلك، علّق رئيس حزب الراية التونسي، مبروك كورشيد، بالقول إن "التعيين الأخير الذي قام به سعيد يبعث برسالة موجهة للنقابيين وخاصة للأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، بما أن البوغديري له مشاكل عديدة مع المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد، وهو من قام بالطعن لدى القضاء في شرعيته، وهو من تزعم الاتجاه المناهض للتمديد للطبوبي"، وفق قوله.

وأكّد كورشيد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنّ "تعيين البوغديري هو استمرار في معركة لي الأذرع التي يقودها سعيد مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وهناك خشية من الذهاب لمربعات أخرى في العلاقة معه، وهو ما أفصح عنه سعيد يوم أمس صراحة في تنقله إلى ثكنة الحرس الوطني"، بحسب قوله.

ومن جانبه، قال البرلماني السابق حاتم المليكي، لـ"إرم نيوز"، إن البوغديري لا يعترف بالمكتب التنفيذي الحالي للاتحاد ويعتبر أن القيادة انقلبت على الاتحاد، في قطاع مثل التربية الذي يشهد دائما مفاوضات مع النقابات القوية، ويبدو أن توجه رئيس الجمهورية هو عدم تسهيل التفاوض بين الوزارة والنقابات والدفع نحو المواجهة بين الطرفين من خلال هذا التعيين".

وتعليقا على تصريحات سعيد التي هاجم فيها اتحاد الشغل من مقر الحرس الوطني، قال المليكي إن "من الأفضل أن يُقال الكلام الذي أدلى به الرئيس في مكان آخر لأنه يوحي بأن هناك استعمالا للقوة سيتم ضد النقابيين، وأن يكون هناك خطاب مدني سياسي بعيدا عن القوات المسلحة التي يجب النأي بها عن التجاذبات السياسية الموجودة"، وفق تعبيره.

أخبار ذات صلة
اتحاد الشغل التونسي: هذه خياراتنا المقبلة.. ورفع الدعم يهدد بـ"انفجار اجتماعي" (فيديو إرم)

ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي نبيل الرابحي أن الوزير الجديد "البوغديري إنسان كفؤ ووطني، وهذا ما يعترف به الجميع، وهناك عدة مشاكل في قطاع التعليم حيث تخوض أكبر نقابة وهي نقابة التعليم الثانوي عملية حجب للعلامات، لذلك قد يكون الرئيس رأى أن تكون مهمة حل المشاكل التعليمية من خلال شخص نقابي يعرف الدواليب وخفايا الماكينة النقابية ومشهود له بالكفاءة"، وفق تعبيره.

 وأضاف الرابحي في تصريح لـ"إرم نيوز" أنه "ليس بالضرورة الحكم من زاوية سياسية والزعم بأن البوغديري سيضرب المنظمة النقابية في تونس باعتباره من المعارضين للقيادة الحالية"، معتبرا أن "الخلافات ستستمر على ما يبدو خاصة أن رئيس نقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي اعتبر في تعليق على تعيين البوغديري وزيرا للتربية أن الأشخاص تتغير لكن المطالب باقية".

واعتبر الرابحي أنّ "المطلبية ارتفعت أكثر بعد الثورة وأصبحت أكبر من إمكانيات الدولة"، وفق تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com