"استقلالية" القضاء التونسي في مرمى انتقادات محلية ودولية

"استقلالية" القضاء التونسي في مرمى انتقادات محلية ودولية

انتقدت منظمات حقوقية ونقابية محلية ودولية، اليوم الخميس، ما أسمته بـ"تعرّض القضاء في تونس إلى هجمات مستمرّة تهدف إلى تقويض استقلاليته، مما ينتج عنه انتهاك الحق في المحاكمة العادلة ".

جاء ذلك في بيان مشترك موقع من 37 منظمة وجمعية المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و"هيومن رايتس واتش"، ومنظمة العفو الدولية فرع تونس، والهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات الديمقراطية.

وقالت المنظمات في بيانها، الذي نشرته منظمة العفو الدولية فرع تونس عبر موقعها الإلكتروني الرسمي: "لم يعد بإمكان نظام العدالة التونسي اليوم أن يؤدي دوره كاملاً كضامن للحريات والحقوق الأساسية".

أخبار ذات صلة
شملت 27 شخصية.. توسيع التحقيقات بملف التآمر على أمن الدولة في تونس

وحذرت في البيان، الذي تناقلته وسائل إعلام تونسية، من "توظيف العدالة ضد كل المتقاضين، الذين يظل حصنهم الأخير ضد التعسف هو السلطة القضائية المستقلة، الضامن الوحيد للمحاكمة العادلة".

ودعت المنظات إلى إعادة القضاة، الذين تم إعفاؤهم بموجب مرسوم رئاسي عام 2022 إلى مناصبهم وفقًا لقرارات المحكمة الإدارية بتونس العاصمة، مؤكدة على "وجوب وضع حد لتدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء واحترام الحق الأساسي في المحاكمة العادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة".

وطالبت بإلغاء المرسوم عدد 11 الصادر في الـ12 من شهر شباط/فبراير من عام 2022 القاضي بحل المجلس الأعلى للقضاء السابق، واحترام المعايير الدولية لاستقلالية للقضاء والحق في المحاكمة العادلة والمنصفة وفقاً لالتزامات تونس الدولية.

وقفة احتجاجية

وفي سياق متصل، طالب عدد من القضاة خلال وقفة احتجاجية اليوم الخميس أمام المحكمة الابتدائية في تونس، برفع ما وصفوه بالـ"مظلمة"، التي تعرض لها 57 قاضياً تم إعفاؤهم من مناصبهم، داعين إلى "تحرير القضاء من هيمنة السلطة التنفيذية"، حسب تعبيرهم.

وجاءت الوقفة، التي دعت إليها جمعية القضاة التونسيين وهيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، بمناسبة مرور سنة على قرار الإعفاء، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام تونسية، اليوم الخميس.

ورفع المشاركون في الوقفة شعارات ضد التدخل في السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية، من بينها "قضاء الحريات لا قضاء التعليمات"، و"سلطة قضائية لا إعفاء لا عبودية".

مرت سنة كاملة تعرض فيها القضاة المعفيون إلى التجويع، سنة دون أجر ودون تغطية اجتماعية إلى جانب وضعياتهم النفسية والاجتماعية والعائلية والمهنية الكارثية
رئيس جمعية القضاة أنس حمايدي

واعتبر رئيس جمعية القضاة أنس حمايدي أن "اليوم يمثل يوماً أسود في تاريخ القضاء التونسي، لأنه يقترن بالإعفاءات الظالمة"، التي صدرت في الأول من شهر حزيران لعام 2022.

وذكر أن المحكمة الإدارية "أنصفت 49 قاضياً من بين 57 قاضياً معفياً"، وأصدرت في 9 آب/أغسطس لعام 2022 أحكاماً لإيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء، "إلا أن وزارة العدل ترفض تنفيذ هذه الأحكام، التي قال إنها غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن".

وأشار حمايدي إلى "مرور سنة كاملة تعرض فيها القضاة المعفيون إلى التجويع، سنة دون أجر ودون تغطية اجتماعية إلى جانب وضعياتهم النفسية والاجتماعية والعائلية والمهنية الكارثية".

وأعتبر أن القضاة المباشرين "يعملون اليوم تحت الضغط والقصف وسيف الإعفاءات والتعيينات المباشرة لوزيرة العدل، وأن هناك العديد من الانتهاكات ضد إعلاميين وسياسيين دون محاسبة تشهد على هذا الوضع".

إجراءات باطلة

من جهته، قال عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، العياشي الهمامي، إن "ملفات رفع الحصانة على القضاة مبنية على إجراءات باطلة لأن القانون ينص على أن النيابة العمومية لا يمكن أن تفتح تتبعاً ضد قاض إلا بعد مراسلة مجلس القضاء لرفع الحصانة والحال في هذه القضايا".

لكن النيابة العمومية، بحسب الهمامي، "فتحت أكثر من 100 حالة تتبع ضد القضاة المعفيين أمام قطب مكافحة الإرهاب والقطب القضائي المالي قبل أن تراسل المجلس"، وهو ما اعتبره "خرقاً سافراً للإجراءات، حسب الدستور والقانون المنظم لعمل القضاة".

الوقائع المنسوبة للقضاة كيدية تمت فبركتها بعد صدور الأحكام لفائدة القضاة وليس قبلها، وهي غير جدية ولا تكفي لرفع الحصانة
عضو هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، العياشي الهمامي

وتحدث عن ضغوطات تمارس "على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وعلى النيابة والقضاء المباشر لتنفيذ التعليمات"، مشيراً إلى أن هيئة الدفاع تنتظر الجلسة القادمة للمجلس في الـ20 من شهر حزيران/يوينو المقبل لتبين أنه لم يتم احترام القانون.

وأكد الهمامي أن "الوقائع المنسوبة للقضاة كيدية تمت فبركتها بعد صدور الأحكام لفائدة القضاة وليس قبلها، وهي غير جدية ولا تكفي لرفع الحصانة"، بحسب وصفه، مبينًا أن "الهيئة تقدمت بـ37 شكوى جزائية ضد وزيرة العدل، وطالبت النيابة العمومية بالنظر فيها بجدية".

حقوق منتهكة

وقال القاضي الإداري السابق والمحامي المباشر حالياً أحمد صواب إنّ "حقوق القضاة انتهكت في مستويين، أولهما إصدار مرسوم مخالف للدستور، ويتمثل المستوى الثاني في "القيام بعملية تحايل إجرائية" عن طريق الامتناع عن تنفيذ قرارات إيقاف الإعفاءات الصادرة عن المحكمة الإدارية.

وأكد في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أنّ "الفصل 41 من قانون المحكمة الإدارية ينص على أنه يجب تنفذ الإدارة حالاً أحكام توقيف التنفيذ"، مشيراً إلى أنه دافع بصفته محامياً عن بعض من القضاة المعزولين، وأكد أنّ ملفاتهم لم تتضمّن أيّ عنصر جزائي إلى غاية صدور أحكام توقيف التنفيذ من المحكمة الإدارية.

وبين صواب أنّ "المحكمة الإدارية طلبت من وزارة العدل ومن المجلس الأعلى للقضاء المؤقت، في العديد من المناسبات، مدّها بالإدانات أو التتبعات الجزائية في حقّ القضاة المعزولين ولم تتحصل على أي شيء، ثم أثيرت الدعاوى الجزائية وفصّلت بعد صدور القرارات من المحكمة الإدارية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com