هل يكتب ملف "التآمر على أمن الدولة" نهاية حركة النهضة التونسية؟
رأى محللون تونسيون، أن سلسلة التوقيفات التي طالت قيادات بارزة من حركة "النهضة" الإسلامية في تونس ستمثّل مقدمة لإعلان نهاية الحركة سياسيًّا، بالنظر إلى وزن الموقوفين، وثقل الملفات التي يجري التحقيق فيها معهم.
وأوقفت السلطات التونسية مساء أمس الأحد، القيادي بحركة النهضة أحمد العماري، وذلك بعد توقيف قيادات أخرى بارزة في الأيام والأسابيع الماضية، طالت رئيس الحكومة الأسبق علي العريض ووزير العدل الأسبق نورالدين البحيري والنائبين في البرلمان الحبيب اللوز وسيد الفرجاني.
وقال مصدر أمني، لـ"إرم نيوز"، إنّه تم حتى الآن إيداع سبع قيادات من الحركة السجن، فيما يجري التحقيق مع 11 آخرين، بينهم رئيس الحركة راشد الغنوشي في قضايا تتعلق أساسًا بملف التآمر على أمن الدولة.
وأشار المصدر إلى أنّ دائرة التحقيقات ستتسع في الأيام القادمة، وقد تشمل قيادات أخرى من الحركة، على أن يحسم القضاء بخصوص توقيف البعض أو الإبقاء عليهم بحالة سراح.
وإضافة إلى هؤلاء الموقوفين المنتمين إلى "النهضة" تم توقيف اثنين من مؤسسي الحركة، كانا قد انشقّا عنها في وقت سابق، وهما عبد الحميد الجلاصي ومحمد بن سالم، ويجري التحقيق معهما بصفتهما قياديان سابقان في الحركة لا بصفتهما الحالية.
انقسامات وتوقيفات
ورجح محللون نهاية حركة "النهضة" التي تعاني من انقسامات داخلية بسبب تمسك رئيسها راشد الغنوشي برئاستها بالرغم من أن النظام الداخلي يمنع ذلك، وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي، إنّ "حركة النهضة انتهت سياسيًّا بتوقيف هذه القيادات العليا وبإنهاء دورها على الساحة السياسية بشكل تدريجي منذ إجراءات 25 يوليو / تموز 2021".
وأكّد الرابحي، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أنّ المحاسبة ستكون فردية في حق كل من أجرم بحق تونس في ملف التهريب والاغتيالات السياسية التي تتورط فيها قيادات بارزة في الحركة الإسلامية.
مسار التفكيك
وذهب المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إلى القول، إنّ "التوقيفات الأخيرة هي استكمال لمسار كامل لتفكيك حركة النهضة وإنهائها، رغم أنّها انتهت بحكم التونسيين عليها بعد الفشل في إدارة الحكم منذ 2011" وفق قوله.
وأكد محمد صالح العبيدي، لـ"إرم نيوز"، أن "حركة النهضة منهكة والدليل أنها لم تعد قادرة على التعبئة في الشارع، ولجأت إلى التحرك مع جبهة الخلاص الوطني التي تنصهر فيها عدة أحزاب سياسية".
وقال المحلل السياسي محمد العلاني، إنّ مسار المحاسبة الذي بدأه الرئيس التونسي قيس سعيد وطال حتى الآن قيادات وازنة في حركة "النهضة" ينبئ بالتوجه نحو إنهائها من المشهد السياسي بصفة نهائية، بعد إزاحتها من السلطة وإضعاف دورها كطرف سياسي يقود المعارضة.
وأوضح العلاني في تصريحات لـ "إرم نيوز" أنّ ملف التآمر على أمن الدولة الذي يجري التحقيق فيه مع عدة قيادات سياسية وأمنية وإعلامية وقضائية ونقابية تمثّل حركة "النهضة" الطرف الأبرز فيه، لا سيما أنها ظلت على امتداد أكثر من عشر سنوات ممسكة بمفاصل الدولة وهياكلها" وفق تعبيره.
تنظيم أخطبوطي
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي محمد ذويب، أنّه "ليس من السهل أن تنتهي حركة النهضة فهي تنظيم أخطبوطي له مصالح كبيرة في تونس والخارج، ونجحت خلال العقد الماضي في زرع أعضائها في كل الإدارات والمنظمات والجمعيات والمؤسسات".
وفي تصريح لـ "إرم نيوز"، رجح ذويب أن تُضعف هذه التوقيفات والتحقيقات الحركة بكل تأكيد، خاصة إذا نجح القضاء في كشف كل جرائمها وإثبات إجرامها بالأدلة والبراهين للرأي العام الوطني والدولي، وخاصة تجفيف مواردها المالية، عندها فقط ستتحول إلى مجرد حزب لا وزن له في تونس.