تونس.. هل يعصف الخلاف بين "النهضة" وائتلاف الكرامة بـ"الحزام السياسي" لحكومة المشيشي؟

يواجه الحزام السياسي لحكومة هشام المشيشي في برلمان تونس، تصدعا غير مسبوق، في ضوء الخلافات المحتدمة بين مكوناته، خصوصا حركة النهضة وائتلاف الكرامة، على خلفية الموقف من "قانون الاتصال" المثير للجدل، على حد قول محللين.

ووجه القيادي في ائتلاف الكرامة المتحالف برلمانيا مع حركة النهضة، عبد اللطيف العلوي، انتقادات غير مسبوقة إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي، بسبب موقفه الأخير من "قانون الاتصال" المثير للجدل.

ويعد ائتلاف الكرامة حركة سياسية تأسست عام 2019، منتمية إلى الإسلام السياسي، وفازت بـ21 مقعدا برلمانيا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتحالفت في البرلمان مع حركة النهضة، وحزب قلب تونس.

وقال العلوي إنه "لا يحق لراشد الغنوشي التعهد بشيء ليس حكرا عليه"، وذلك في معرض الرد على تعهد الغنوشي منذ أيام للصحفيين التونسيين بـ "عدم تمرير أي قانون يهم الإعلام إلا بعد موافقة الهياكل المهنية للإعلام وتزكية الأغلبية البرلمانية".

واعتبر العلوي في منشور على حسابه بموقع "فيسبوك"، أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي لا صفة له حتى يقرر بدلا عن النواب، وأنه "في كل الأحوال لا يمكن له أن يتحدث سوى باسمه الشخصي أو نيابة عن كتلته البرلمانية لا غير، إن أراد ذلك''.

في المقابل، أفاد مصدر مقرب من رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أن الأخير بدأ يفكر في إعادة النظر في علاقة حركة النهضة بائتلاف الكرامة، وذلك على خلفية التدوينة التي نشرها عضو مجلس نواب الشعب والقيادي في حركة ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي.

واعتبر المصدر الذي رفض كشف هويته، أن التدوينة تضمنت انتقادا حادا لما اعتبره تجاوزا لراشد الغنوشي، مشيرا إلى أن هناك نقاشا داخل الحركة الإسلامية لمراجعة العلاقة مع ائتلاف الكرامة، الذي باتت بعض قيادات الحركة تعتبره عبئا عليها، لاسيما في ضوء الاتهامات التي يواجهها بممارسة العنف في البرلمان.

حيال ذلك، رأى المحلل السياسي نجيب الداهش، أن العلاقة بين حركة النهضة وائتلاف الكرامة تتجه نحو الأسوأ، على خلفية تراجع حركة النهضة عن دعم تعديل المرسوم 116 الذي اقترحه ائتلاف الكرامة، والذي يتطلع إلى إنهاء شرط الحصول على تراخيص في بث القنوات التلفزيونية، والمحطات الإذاعية.

والمرسوم 116 هو بند تشريعي تم وضعه لتنظيم قطاع الاتصال السمعي البصري في تونس، إلى حين تأسيس الهيئة الدستورية التي ستتولى الإشراف على القطاع، وبمقتضى هذا المرسوم تشكلت الهيئة المؤقتة للاتصال السمعي البصري التي تراقب المضامين الإعلامية.

وقال الداهش في تصريحات لـ''إرم نيوز'' إن نواب ائتلاف الكرامة كان لهم دور كبير في إنقاذ رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من محاولة سحب الثقة منه في تموز/ يوليو الماضي، وإنهم طلبوا من الغنوشي أن يدعمهم في مبادرتهم التشريعية الرامية إلى الاستحواذ على منصات إعلامية، غير أن تراجع النهضة قد يكلفها ثمنا باهظا من قبل ائتلاف الكرامة، وفق قوله.

من جانبه، يرى المحلل السياسي رياض الحيدوري أن ائتلاف الكرامة يمثل الوجه المتوتر لحركة النهضة، والجهاز الذي تنفذ به ما لا تستطيع المجاهرة به، وبالتالي فإن خسارة النهضة تحالفها مع ائتلاف الكرامة،سيؤدي إلى إضعاف حركة النهضة بشكل كبير، بحسب تعبيره.

وقال الحيدوري في تصريحات لـ''إرم نيوز'' إن حركة النهضة لم تتراجع عن تعديل المرسوم 116 بشكل إرادي، بل إن ذلك كان بسبب الضغط المسلط من قبل الإعلاميين، وبالتالي فإنها وجدت نفسها مدفوعة إلى خلاف مع حليفها الاستراتيجي، ائتلاف الكرامة، وفق قوله.

واعتبر الحيدوري أن ائتلاف الكرامة قدم خدمات عديدة لحركة النهضة، من بينها الهجمات المستمرة على اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية)، ومحاولات تطويق رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في البرلمان، مشيرا إلى أن تفكك العلاقة بينهما سيلحق بالنهضة خسائر كبرى.

من جانبه، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون، رابح الخرايفي، إن حركة النهضة الإسلامية تعودت على التخفي وراء حلفائها، ومن ذلك أنها اختفت وراء قلب تونس وائتلاف الكرامة في محاولة لتمرير ''قانون الاتصال" المثير للجدل، لكنها حاولت تحسين صورتها لدى الإعلاميين خلال لقاء رئيسها وفدا من نقابة الصحفيين مؤخرا.

واعتبر الخرايفي، في تصريحات لـ''إرم نيوز''، أن الخلافات المحتدمة بين الحليفين البارزين، النهضة و ائتلاف الكرامة، تهدد بانهيار الحزام السياسي لحكومة المشيشي، لا سيما في ضوء المتاعب التي تواجهها في الآونة الأخيرة على عدة جبهات.