هل تبخرت أحلام "إخوان الجزائر" في تكرار تجربة النهضة التونسية؟‎
هل تبخرت أحلام "إخوان الجزائر" في تكرار تجربة النهضة التونسية؟‎هل تبخرت أحلام "إخوان الجزائر" في تكرار تجربة النهضة التونسية؟‎

هل تبخرت أحلام "إخوان الجزائر" في تكرار تجربة النهضة التونسية؟‎

أثارت حركة مجتمع السلم (ذراع الإخوان المسلمين) في الجزائر، تساؤلات جدية عن مواقفها المتقلبة منذ وصول عبدالمجيد تبون إلى الحكم في رئاسيات مثيرة جرت شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وشنت الحركة وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، هجومًا عنيفًا على الرئيس عبدالمجيد تبون؛ بسبب مضامين حزمة التعديلات الدستورية المعروضة على المشاورات السياسية.

وطعنت الحركة المعارضة في نوايا تبون، وطرحت فرضية غريبة تتعلق بانقلاب لجنة الخبراء التي تولت صياغة الدستور، على رئيس البلاد، عبر بيانات وتصريحات إعلامية متتالية.

ارتباك

وعبر الحزب عن امتعاضه من عدم تقارب مسودة الدستور مع "دساتير الدول العربية التي عرفت إصلاحات جادة لا سيما في المغرب العربي"، بعدما كان يروم دستورا على مقاس الجارة تونس يتغير فيه النظام السياسي إلى نظام برلماني.



وقال الحزب فى بيان: إن "الوثيقة المقترحة لم تفصل مجددا في طبيعة النظام السياسي إذ أبقته هجينا لا يمثل أي شكل من أشكال الأنظمة المعروفة في العالم (الرئاسية أو البرلمانية أو شبه رئاسية)، حيث تحرم الوثيقة الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية، وهو أمر يناقض كلية معنى الديمقراطية التمثيلية ويلغي جزءا أساسيا وجوهريا من الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، علاوة على حالة الغموض المتعلقة بمنصب نائب الرئيس من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه".

ولاحقًا، قال مساعد رئيس الحركة، النائب ناصر حمدادوش إن الرئيس الجزائري الذي تعهد بتحقيق مطالب وطموحات الشعب الجزائري التي رفعها حراك 22 فبراير 2019، فاجأ الرأي العام بـ"فظاعة خيبة الأمل في هذا التعديل الدستوري، الذي يشبه دستور الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة".



خيبة أمل

ورأى مراقبون أن ردة الفعل الغاضبة من الحزب الإسلامي ذاته، تعبر عن خيبة أمل من رهانها على النظام البرلماني بدل الرئاسي، أسوةً بما يحدث في الجارة الشرقية تونس حيث تمكن الإسلاميون في ثوب حركة النهضة، من السيطرة على مفاصل الدولة.

واستهجن الناشط السياسي سعيد طنش موقف حركة مجتمع السلم، إذ قال إنه "من المؤسف أن تجد بيان الحركة بشأن مسودة تعديل الدستور، يتكلم عن النظام السياسي والتضييق على الأحزاب بوضوح؛ ولا يتكلم عن المواد ذات الضجة الشعبية بوضوح كما تكلم عما يهم مصالح حزبه".

وتابع طنش بقوله: "سيكتب التاريخ كل صغيرة وكبيرة، ومن العار أن يكتب بأن من تصدروا المشهد السياسي (رؤساء الأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات والوجوه الوطنية المعروفة)، صمتوا على تمرير لغة غير موجودة كلغة رسمية، خوفًا من تعرض شرذمة تسيطر على الإعلام لأعراضهم، وقرروا ترك مستقبل الوطن للظلام".

وفي ذلك إحالة على الزعيم الإخواني المعارض عبد الرزاق مقري، الذي يقود الحزب الإسلامي حركة مجتمع السلم، ويبدي مواقف متقلبة حيال القضايا المحلية والمسائل الجوهرية، منذ أواخر حكم الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة ثم في زمن الحراك الشعبي وبعده الانتخابات الرئاسية وفوز تبون بالسلطة.

ولم يستسغ الأستاذ بجامعة سطيف، د. مبروك دريدي، التفاف الأحزاب التقليدية حول مشروع الدستور الجديد، معربًا عن رغبته في ترك المشاورات السياسية حكرًا على اعتماد الأحزاب الجديدة والتي معظمها شباب، وحينها سيكون نقاش الدستور إيجابيًّا وبنّاء معهم".



وأبرز مبروك أنه "من غير المعقول أن يناقش حمس والأرندي والأفلان والأرسيدي والأرندي والأفافاس وجماعة الكوطة، الخروج من الفساد الذي هم سببه ومسببه وفاعلوه وأهله"، في إشارة إلى أحزاب سياسية ومنظمات كانت فاعلا أساسيا في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

ورأى مبروك أن "الجزائر الجديدة حسب الشعار، تبدأ من القطيعة مع الوجوه المجعدة والفاسدة بالمشاركة أو بالصمت في نظام من المفروض أنه انتهى"، وخلص إلى القول إن "عجائز الخبث ومشتقاتهم من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، بلا استثناء يريدون تموقعا يعيد إنتاج مصالحهم ويغلق الباب على أي تجديد أو خروج من الفساد القديم".

وقال المحلل ذاته إن الأمر ينسحب على حركة مجتمع السلم التي كانت في مقدمة أحزاب المحاصرة -وفق تعبيره-، مبرزًا أنه "على الجيل الشاب أن يفهم ذلك وإلا فسيخسر أهم فرصة تاريخية".

حبال المشاركة

واعتبرت الباحثة في العلوم السياسية سمية عطاوة، أن خرجات حركة مجتمع السلم المتقلبة منذ فترة، تخفي وراءها أشياء كثيرة بينها خيبتها في عدم حصولها على ضمانات تمكنها من البقاء في ريادة الأحزاب التقليدية، وتمنحها مقاعد معتبرة في البرلمان القادم.

وذكرت عطاوة لـ"إرم نيوز" أن هذا المشهد ينسحب على كافة الأحزاب التي صنعت "الفرجة السياسية" خلال 20 عاما من حكم بوتفليقة، وهي اليوم أحزاب تبحث عن لعب أدوار مشابهة لتحافظ على الامتيازات الممنوحة إليها في زمن مضى، وفق تعبيرها.

وشددت سمية عطاوة على أن "حزمة التعديلات الدستورية المعروضة ليست مثالية ولكنها منطلق لإثراء نقاش جوهري حول أسمى قانون في البلاد، والمفروض أن يجري إخضاع كل مادة على نقاش مستفيض، لجمع المقترحات التي يمكنها لاحقا أن تشكل دستورا توافقيا".

ويقول مراقبون إن مواقف حركة مجتمع السلم ستتغير فور تلقيها إشارات سياسية في الاتجاه المعاكس، حين تعتقد أنه لن يتم إقصاؤها من المشهد العام عبر حزمة تشريعات، تتيح لها هوامش التحرك السياسي.

وكانت الحركة تبحث عن دور في الحكومة الأولى لعبدالمجيد تبون، لكن جرى تقزيمها إلى اختيار وزير منتدب مكلف بالإحصاء والاستشراف، كان يرتدي في السابق عباءة حزب الإخوان المسلمين وهو بشير مصطفى، لكن المعني لم يظهر له أي أثر منذ استوزاره.

وشاركت حركة "مجتمع السلم" بالحكومات الجزائرية المتعاقبة منذ عام 1995، وفكّت الارتباط بالتحالف الرئاسي عام 2012، بذريعة "عدم جدية نظام بوتفليقة في القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية عميقة، ورفضه ترقية المشاركة في الحكومة إلى الشراكة في الحكم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com