"مؤتمر برلين" يجمع الفرقاء الليبيين وسط حضور دولي.. لماذا تنشط ألمانيا دبلوماسيتها تجاه ليبيا؟
"مؤتمر برلين" يجمع الفرقاء الليبيين وسط حضور دولي.. لماذا تنشط ألمانيا دبلوماسيتها تجاه ليبيا؟"مؤتمر برلين" يجمع الفرقاء الليبيين وسط حضور دولي.. لماذا تنشط ألمانيا دبلوماسيتها تجاه ليبيا؟

"مؤتمر برلين" يجمع الفرقاء الليبيين وسط حضور دولي.. لماذا تنشط ألمانيا دبلوماسيتها تجاه ليبيا؟

تستعد برلين لاستضافة مؤتمر دولي، غدا الأحد، بشأن ليبيا، يجمع طرفي الصراع إضافة لحضور دولي رفيع، في محاولة لإرساء هدنة، مع وضع آلية مراقبة كخطوة أولى نحو تحقيق السلام في هذا البلد المضطرب.

وأفادت تعليقات وتقارير لوسائل الإعلام الألمانية بأن المستوى الرفيع وحجم الحضور الكبير في مؤتمر برلين المنتظر يشير إلى نجاح ألمانيا في سياستها الخارجية ودبلوماسيتها النشطة في الملف الليبي.

ووسط هذه الصحوة الألمانية إزاء ليبيا، يتساءل خبراء عن دوافع هذا التحرك الألماني، والأوراق التي تملكها برلين في هذا الملف، كي تشهرها من أجل تحقيق ما تصبو إليه في هذا البلد؟.

ورأت الصحافة الألمانية أن هذا المؤتمر جاء كثمرة لجهود برلين الدؤوبة، ونتيجة للمساعي المشتركة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والمبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، وهي التي أفضت في نهاية المطاف إلى إعلان الخصمين: رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، مشاركتهما شخصياً بالمؤتمر.

ومن المنتظر أن يشارك في المؤتمر، كذلك، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالإضافة إلى ممثلين عن بريطانيا وفرنسا والصين وإيطاليا والكونغو والإمارات والجزائر، إلى جانب حضور ممثلين عن منظمات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.

وكان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قد قال في تغريدة على تويتر، الجمعة، إن "الإمارات تدعم بلا تحفظ جهود ألمانيا لعقد مؤتمر بشأن ليبيا، وأهداف المجتمع الدولي لتحقيق السلام والاستقرار هناك".

وأضاف الوزير أنه "يتطلع لنجاح مؤتمر برلين"، وشدد على أهمية الجهود المشتركة لإنهاء الصراع الليبي.

وتتابع ألمانيا باهتمام بالغ الوضع في ليبيا لعدة أسباب، من بينها أن ليبيا تمثل إلى جانب تركيا البوابة الرئيسة لتوافد اللاجئين نحو أوروبا، إذ تتحمل برلين العبء الأساسي في هذا الملف، قياسا إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

ونقل موقع "دويتشه فيله" عن الخبير الألماني بشؤون الشرق الأوسط، كارستن فيلند، قوله: إنه "ليس من المستغرب أن يحاول أردوغان تعزيز نفوذه في ليبيا لكي يمسك بورقة إضافية ضد الأوروبيين في ملف الهجرة"، خصوصا وأن أنقرة استثمرت ملف اللاجئين في السابق، وأبرمت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي حصلت بموجبه على نحو ستة مليارات يورو، من أجل تحسين ظروف المهاجرين لديها ومنعهم من التوجه نحو أوروبا.

ويحتل البعد الأمني حيزا كبيرا في تحريك بوصلة الدبلوماسية الألمانية في هذا الاتجاه أو ذاك، خصوصا وأن التحدي الأمني، وفقا لخبراء، والمتمثل في الإرهاب، متداخل مع ملف اللاجئين، في ضوء شكوك أجهزة الأمن الأوروبية، وبينها الألمانية، التي تعرب مرارا عن قلقها من اندساس إرهابيين بين صفوف اللاجئين الذين يتوافدون من شمال أفريقيا والشرق الأوسط نحو "القارة العجوز".

وكانت المستشارة الألمانية أعربت عن أملها في تصريحات سابقة في أن تتمكن بلادها من "تقديم مساهمة في تحقيق استقرار سياسي في ليبيا؛ لأن ذلك له أهمية بالغة أيضاً في سبيل صد الإرهاب في دول الساحل الإفريقي والصحراء جنوب ليبيا".

وتسببت الفوضى في ليبيا في أن تصبح البلاد مركزا للاتجار بالبشر لأصحاب قوارب الهجرة التي تتجه إلى إيطاليا القريبة، بينما استغل الإسلاميون المتشددون حالة الاضطراب في ليبيا، وسعوا إلى خلط الأوراق في بلد يعاني من تعقيدات جيوسياسية، ومن تقاسم النفوذ بين الفرقاء.

ويشير خبراء إلى أن برلين داعمة، وفقا لمبادئها وسمعتها الحسنة، للانتقال الديمقراطي في دول شمال أفريقيا، وهي تتطلع إلى تحقيق هذه الخطوة في ليبيا، مثلما دعمت ذلك في تونس، إذ تشير التقديرات إلى أن ألمانيا تستثمر في تونس 250 شركة ألمانية بطاقة تشغيل تناهز 60 ألف عامل.

وهذه "النزاهة السياسية الألمانية"، وفقا لوصف بعض الخبراء، تزيد من فرص نجاح مؤتمر برلين، ذلك أن ألمانيا تلعب دور الوسيط، ولا تعتبر نفسها طرفا في الصراع، وإنما تقف على مسافة واحدة من مختلف الفرقاء، ليس فقط في ليبيا وإنما في مختلف النزاعات التي حاولت الانخراط في حلها.

وبوصفها صاحبة الاقتصاد الأول في أوروبا، فإن ذلك يمنح ألمانيا، بحسب خبراء، ميزة إضافية وأساسية تتمثل في قدرتها على تمويل أي آلية سياسية يتم الاتفاق حولها، قد تصل إلى إرسال قوات حفظ سلام من أوروبا.

وكانت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية قد نقلت عن مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قوله: إنه "إذا تحقق وقف لإطلاق النار في ليبيا، سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعداً للمساعدة في تطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار، وربما أيضاً إرسال جنود"، وهنا يأتي دور برلين القادرة على تحمل أعباء التكاليف المادية لمثل هذه المهمة، أو تحمل الجزء الأكبر منها.

وسبق لألمانيا أن نجحت عام 2001 بجمع الفرقاء الأفغان بعد الإطاحة بنظام طالبان فيما عُرف بـ "مؤتمر بون"، وتم في المؤتمر التوقيع على "اتفاقية بون" وتشكيل المجلس المعروف بــ "اللويا جيرجا"، وهو الذي وضع الدستور الأفغاني الحالي، وتشكلت بعد ذلك أول حكومة بعد طالبان.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com