لماذا يلعب المرشحون للانتخابات الرئاسية الجزائرية ورقة "فتح الحدود" مع المغرب؟‎‎
لماذا يلعب المرشحون للانتخابات الرئاسية الجزائرية ورقة "فتح الحدود" مع المغرب؟‎‎لماذا يلعب المرشحون للانتخابات الرئاسية الجزائرية ورقة "فتح الحدود" مع المغرب؟‎‎

لماذا يلعب المرشحون للانتخابات الرئاسية الجزائرية ورقة "فتح الحدود" مع المغرب؟‎‎

منذ بداية الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة في الجزائر، تحول موضوع العلاقات المغربية الجزائرية التي تشهد تجاذبات سياسية منذ سنوات، وقضية فتح الحدود بين البلدين، إلى محاور أساسية في هذه الحملة الدعائية التي انطلقت الأسبوع الماضي.

ووعدت بعض الأسماء المرشحة بالعمل على توطيد العلاقات مع المغرب وطي صفحة الخلافات المرتبطة أساسًا بقضية الصحراء الغربية المتنازع عليها، وفتح الحدود المغلقة منذ العام 1994.

وفي هذا الصدد، تعهد المرشح عبدالعزيز بلعيد، في حال تم انتخابه رئيسًا للجمهورية الجزائرية، بفتح جميع الملفات التي تعيق تطور العلاقات مع المغرب ومع جميع الدول المغاربية.

وأضاف رئيس حزب "جبهة المستقبل"، خلال تجمع شعبي بتلمسان الخميس، "سأفتح ملفات الحدود، وحوار حقيقي مع كل الجيران".

وتابع: "فتح الحدود مرتبط بأشياء كثيرة"، مستطردًا أن "الشعب الجزائري والمغربي تربطهما علاقات كبيرة".

كما وعد المتحدث بخلق مراكز حرّة في الحدود الجزائرية، مع الجيران المغاربة والأفارقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وعلى نفس المنوال، أكد المرشح الرئاسي علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات" في حملته الانتخابية، أنه سيعمل على تحسين العلاقات مع المملكة المغربية، وإنهاء الملفات الشائكة عبر العمل والحوار لإيجاد حلّ للوضع القائم.

وذهب بن فليس الذي كان ضمن أعمدة نظام بوتفليقة إلى القول في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء، إن "المشاكل القائمة بين المغرب والجزائر مهما كانت صعوبتها ومهما كان تعقيدها، تتطلب التواصل والتحاور بشأنها من أجل الوصول إلى توصية ترضي الطرفين"، مشيرًا إلى أن هذه القاعدة، أي التواصل والحوار، تنطبق على إشكالية الحدود المغلقة بين البلدين.

وعود "وردية"

ورأى المحلل السياسي المغربي سعد ناصر، أن هذه التصريحات "الوردية" تأتي بعد مطالبة الشعب الجزائري من خلال لافتات واضحة في الحراك بطرد جبهة "البوليساريو" من تندوف، وإنهاء الخلاف مع المملكة المغربية، لذلك أحس المرشحون بأن تحسين العلاقات المغربية الجزائرية هي من ضمن مطالب الحراك.

وأضاف ناصر في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الأمر الذي دفع بعض المرشحين للعب على هذا الوتر الحساس، هو اعتبار أن إنهاء الخلافات بين البلدين يعد أحد الأسباب المفضية إلى إحلال السلم الاجتماعي في الجزائر ووضع حد لهذا الحراك.

ويعتقد المتحدث أن حكام الجزائر ظلوا يلوحون بالتصعيد في وجه المغرب إبان فترة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وبالتالي فهذه التصريحات الصادرة عن بعض المرشحين "تأتي لإعطاء صورة إيجابية عنهم للشعب الجزائري، لإقناعهم بأنهم يحملون مشروعًا جديدًا، ولعل أفضل وسيلة للإقناع هي طي صفحة الخلاف مع المغرب باعتباره الخصم السياسي الأول للجزائر".

وزاد المحلل السياسي المغربي قائلًا: "إن ظهور أسماء مرشحة للرئاسيات الجزائرية حاملة معها وعودًا مغاربية وردية قد لا تنطلي على ذكاء الشعب الجزائري، الذي فهم من خلال حراكه الأسبوعي بأن المرشحين يشكلون امتدادًا للعهدة الرئاسية الخامسة، وإن بأسماء مستقلة".

حسابات سياسية جديدة

من جهته، قال المحلل السياسي المغربي عبدالفتاح الحيداوي، إن الخطاب الجزائري السابق الذي كانت تمارسه السلطة العسكرية ضد المغرب كان قاسيًا نوعًا ما، ودائمًا ما كان ينبئ بأن الأزمة بين المغرب والجزائر أزمة بنيوية لا يمكن حلّها إلا بطبول الحرب، وزادت قضية الصحراء من فرص المعارك التي كانت تخوضها الجزائر ضد المغرب".

وأضاف الحيداوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه على عكس خطاب الشعوب الذي كان يأمل يومًا ما في التحرر من هذه الخصومات، التي لا تستفيد منها في كثير من المحطات الاقتصادية والاجتماعية، ظلت العلاقات متشنجة بين المغرب والجزائر وتعمقت في كثير من الأحيان.

وزاد موضحًا أن بعض الشعارات مثل "مغرب جزائر خاوا خاوا" (إخوة إخوة)، التي تخللت بعض المسيرات الاحتجاجية في الجزائر، ربما قد تلقفها بعض المرشحين وتم تبنيها لإعطاء مصداقية لحملتهم الانتخابية.

ويعتقد المتحدث أن الحسابات السياسية الجديدة لابد أن تتوافق مع آمال المواطنين المتمثلة في فتح الحدود، مشيرًا إلى أن تصريحات السياسيين في الجزائر كان لها صدى واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن أغلب التعليقات ترحب بفكرة طي صفحة الخلافات، وبالتالي تحولت إلى مطلب جماهيري.

تصريحات معاكسة

وعلى خلاف بن فليس وعبدالعزيز بلعيد، طالب عبد المجيد تبون، رئيس الوزراء الجزائري الأسبق المغرب، بتقديم اعتذار رسمي مقابل قبول الجزائر فتح الحدود المغلقة منذ سنوات.

واعتبر تبون مرشح الرئاسيات الجزائرية أن قرار إغلاق الحدود مع المملكة المغربية لم يكن بسبب نزاع الصحراء، مضيفًا أن "الجزائر ترفض رواية توريطها في قضية تفجيرات أطلس إسني في مراكش عام 1994".

من جانبه، افتتح المرشح الرئاسي الجزائري، عبد القادر بن قرينة حملته الانتخابية بتصريحات مثيرة أيضًا اتجاه المغرب، حيث قال: "إن مداخيل المغرب من المخدرات تكاد تعادل مداخيل الجزائر من البترول، من خلال تصدير ممنهج وكميات رهيبة من المخدرات التي تعادل ملايير الدولارات"، على حد تعبيره.

وفي هذا الصدد، أكد عبدالفتاح الفاتحي، الخبير المغربي المختص في قضايا الساحل والصحراء، أن بناء برنامج انتخابي على استعداء جار شقيق "لهو قمة الاستهتار بمطالب الشعب الجزائري الخارج اليوم إلى الشارع للمطالبة بإصلاحات عميقة".

وأضاف الفاتحي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الاستثمار في استعداء المملكة المغربية ورقة متجاوزة اليوم، وعلى المرشحين الانكباب على التحديات الداخلية الحقيقية للبلاد بدل تصريف مطالب الإصلاح إلى الخارج وخاصة نحو المغرب. مشيرًا إلى أن هذا المنطق "تخريبي للتلاحم الشعبي بين الشعوب المغاربية، وإعلان عن مزيد من هدر الزمن السياسي".

ورأى الخبير المغربي، أن تصريحات عبد القادر بن قرينة، يعاود من خلالها "الشروط المستحيلة التي كان قد اشترطها العسكر الجزائري جوابًا على سياسة اليد الممدودة التي اقترح المغرب لتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين".

واستطرد المتحدث أن هذه الشعارات السياسية "يحاول بعض المرشحين من خلالها استمالة الطغمة العسكرية المهيمنة في البلاد، دون التوجه إلى تقديم إجابات حقيقية لمطالب الشعب الجزائري، الذي يواصل حراكه السياسي شبه اليومي". وفق تعبيره.

وكان العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد أكد في خطابه العام الماضي بمناسبة الذكرى الـ43 لـ"المسيرة الخضراء" أنه مستعد لفتح صفحة جديدة مع الجارة الشرقية الجزائر بهدف تجاوز الخلافات الثنائية، واقترح إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور، يتم الاتفاق على تحديد مستوى التمثيلية بها، وشكلها وطبيعتها.

ولم يصدر أي رد رسمي عن السلطات الجزائرية، في ظل تصريحات سابقة لمسؤولين جزائريين بأن فتح حوار بين البلدين يتطلب شروطًا قبلية، منها وقف الحملات الإعلامية، وإبعاد ملف الصحراء الغربية عن أي مشاورات بين البلدين.

ويعتبر النزاع المغربي الجزائري من أطول النزاعات بين الدول المتجاورة في العالم، وبدأ بالسلاح في ستينيات القرن الماضي، واستمر بحرب كلامية وإجراءات انتقامية، أدخلتهما في دوامة مستمرة من التوتر.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com