استقالات جماعية تهدد تجربة الحكم المحلي في تونس
استقالات جماعية تهدد تجربة الحكم المحلي في تونساستقالات جماعية تهدد تجربة الحكم المحلي في تونس

استقالات جماعية تهدد تجربة الحكم المحلي في تونس

شهدت عدة مجالس محلية في تونس، استقالات جماعية، نتيجة خلافات سياسية وصعوبات مالية، في مشهد بات يهدد تجربة الحكم المحلي، التي يراهن عليها الرئيس المنتخب قيس سعيد، لتصحيح البناء الديمقراطي، وفق رؤيته.

وسجل المجلس المحلي لمدينة المرسى، شمال العاصمة التونسية، استقالة رئيسه سليم المحرزي، الذي أوضح أن أسباب الاستقالة تعود إلى "وجود صعوبات حالت دون قيامه وبقية أعضاء المجلس لوظيفتهم مما أفضى إلى حصيلة متفاوتة الأهمية، بسبب ضعف الإمكانيات التنفيذية المتاحة للمجلس والخلافات مع الإدارات المركزية وعدم اكتمال شروط تطبيق قانون الحكم المحلي الجديد".

وتأتي استقالة المحرزي بعد خلافات واسعة شهدها المجلس البلدي للمرسى، والمجلس البلدي بمنطقة رواد المجاورة نتيجة "نزاع حدودي" بين المجلسين، ما أثار مخاوف من أن يؤدي الحكم المحلي إلى خلق خلافات تُضعف النسيج المجتمعي والعلاقات بين المناطق والمدن المتجاورة، وفق مراقبين.

وقبل يومين، قدم 8 أعضاء من المجلس المحلي لمدينة ذهيبة من محافظة تطاوين جنوب البلاد، استقالتهم لمحافظ تطاوبن وللكتابة العامة للبلدية، وذلك لعدم وجود إمكانية للعمل المشترك، حسب ما جاء في نص الاستقالة.

وتأتي استقالة الأعضاء الثمانية بعد أسبوعين، من تقديم رئيس البلدية استقالته التي جاءت مباشرة إثر الانتخابات التشريعية.

بينما قدّم 10 أعضاء من المجلس المحلي لمدينة رقادة من محافظة القيروان، استقالة جماعية إلى محافظ الجهة، بسبب ما اعتبره ''انسداد سبل التواصل وتعطل مصالح الأهالي لعدم الكفاءة في تسيير دواليب البلدية"، وفق ما ورد بنص الاستقالة، التي أودعت بالمحافظة، في انتظار إعلان حل المجلس المحلي من قبل محافظ الجهة.

ويعتبر المجلس المحلي برقادة منحلًا بانقضاء 15 يومًا من تاريخ إعلام المحافظ، حسب الفصل "205" من مجلة الجماعات المحلية، ويتولى المحافظ إعلام كل من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمجلس الأعلى للجماعات المحلية بكل حالات الشغور والانحلال.

ويواجه أداء معظم المجالس المحلية انتقادات واسعة، بعد نحو سنة ونصف السنة من انتخابها بسبب الخلافات السياسية الحادة بين ممثلي الأحزاب داخلها، وفي غياب برنامج موحد بين مكوناتها، إضافة إلى ضعف الإمكانات المالية التي تحول دون تنفيذ مشاريع تم الاتفاق عليها أو يرغب الأهالي في إنجازها.

واعتبر محللون أن الأداء المتواضع يهدد مسار ترسيخ الحكم المحلي في تونس، وينسف رؤية رئيس الجمهورية قيس سعيد للبناء الديمقراطي، الذي يبدأ بالمحلي وبما يحدده المواطنون في كل منطقة وفي كل جهة، على أن ينتخبوا مجالس جهوية تعنى بتنفيذ ما يتفق عليه المواطنون في المستوى المحلي، في مسعى للحد من الحكم المركزي.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي أحمد العثماني، إن تجربة الحكم المحلي في تونس تواجه تحديًا كبيرًا نتيجة التركيبة غير المتجانسة للمجالس المحلية والصراعات السياسية داخلها، ما عطل المشاريع التي كانت مخططة منذ مرحلة ما قبل الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي.

وأشار في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن تلك الخلافات ألقت بظلالها على المناخ السياسي العام، خصوصًا بعد الانتخابات التشريعية، التي أفرزت مجلسًا نيابيًا متعدد الألوان وسجل فيه حزب "نداء تونس" انهيارًا غير مسبوق، خلافًا للمجالس المحلية، التي حافظ فيها على نسبة مهمة من التمثيلية، تمامًا كما هو شأن حركة النهضة.

من جانبه اعتبر المحلل السياسي منير السالمي، أن المشهد الجديد الذي أفرزته الانتخابات البرلمانية الأخيرة زاد من حالة الإرباك التي تعيشها المجالس المحلية.

وأوضح أن المجالس لا تزال في انتظار المنحة، التي تقدمها لها الدولة لمساعدتها على إدارة الشأن المحلي وإنجاز المشاريع، خاصة أنه كان من المنتظر الحصول على المنحة منذُ شهر حزيران/يونيو الماضي.

وأشار السالمي إلى أن هناك مخاوف جدية من أن يشهد عمل البرلمان القادم حالة جمود قد يؤدي إلى تعطيل تمرير القوانين والتشريعات اللازمة لتنفيذ المشاريع وتحقيق التنمية، التي تمثل المهمة الأساسية للمجالس المحلية، وفق تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com