صدمة الانتخابات التشريعية تهدد اليسار التونسي بالاندثار
صدمة الانتخابات التشريعية تهدد اليسار التونسي بالاندثارصدمة الانتخابات التشريعية تهدد اليسار التونسي بالاندثار

صدمة الانتخابات التشريعية تهدد اليسار التونسي بالاندثار

مثلت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في تونس الأحد الماضي صدمة جديدة لليسار التونسي الذي يشهد انهيارًا كبيرًا، بعد تشتته إلى أحزاب وفصائل لا يكاد يكون لها وزن على الساحة السياسية.

وبحسب النتائج الأولية غير الرسمية، لم تحصل الجبهة الشعبية، أكبر ائتلاف لليسار، على أي مقعد في البرلمان الجديد، بينما لم يحصل حزب الجبهة الشعبية الذي تأسس في تموز/ يوليو الماضي والمنشق عن الائتلاف سوى على مقعد وحيد بدائرة جندوبة، لمرشحه منحي الرحوي، والذي خاض الشهر الماضي الانتخابات الرئاسية، بعد أن كانت الجبهة ممثلة في البرلمان المنتهية ولايته بـ 15 مقعدًا، وكانت تتصدر كتل المعارضة.

وحملت نتائج الانتخابات التشريعية أيضًا خيبة أمل لائتلافات ذات توجهات يسارية مثل الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، الذي تقدم بقوائم في جل الدوائر الانتخابية، وترأست بسمة الخلفاوي، أرملة  شكري بلعيد الذي اغتيل سنة 2013، قائمة هذا الائتلاف عن دائرة تونس 1 غير أنها لم تتمكن من ضمان مقعد في البرلمان، ما مثل صدمة لهذا الائتلاف ولمن كان يراهن على صعوده إلى البرلمان لتحقيق التوازن، خصوصًا مع حصول حركة "النهضة" الإسلامية على القسط الأوفر من المقاعد، وحزب قلب تونس، ذي التوجه الليبرالي، على المركز الثاني.

وأقر القيادي والمترشح عن قائمة الجبهة الشعبية زهير حمدي بمحافظة سيدي بوزيد في تصريحات صحفية، بخسارة معركة الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد الماضي "كافحنا بإخلاص من أجل القيم التي آمنا بها.. خسرنا المعركة، ليس العيب في مشروعنا بل العيب فينا نحن، لأننا لم نتكيف مع الواقع.. القيام بمراجعات في العمق بحجم النكسة وتحمل المسؤولية بكل شجاعة مقدمة ضرورية لفتح أفق جديد أمام من ما زالوا على العهد".

ورأى متابعون للشأن السياسي في تونس أن الجبهة الشعبية والعائلة اليسارية عمومًا، من مختلف مكوناتها، باتت اليوم أمام حتمية إجراء مراجعات جذرية تشمل خطابها وأساليب عملها وعلاقاتها مع مختلف المكونات السياسية.

وقال المحلل السياسي صالح الحساني لـ "إرم نيوز" إن صفعة الانتخابات الرئاسية وصدمة التشريعية تمثلان منطلقًا موضوعيًا للمراجعة وتقييم عمل اليسار التونسي طوال السنوات التي تلت 2011 بدءًا بمرحلة تأسيس القطب الديمقراطي الحداثي وخوض انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011 تحت رايته، مرورًا بتجربة الجبهة الشعبية منذ 2014 وأدائها في البرلمان، وصولًا إلى انتخابات 2019 والتشتت غير المسبوق داخل العائلة اليسارية التي لم تستخلص دروس الماضي، وفق تعبيره.

وأضاف الحساني أنه من المفارقات التي يعيشها اليسار التونسي أنه نجح زمن "الدكتاتورية" في التوحد رغم فصائله المتعددة وتفرع توجهاتها، لكنه فشل في امتحان الديمقراطية فشلًا ذريعًا، وهو الذي كان يضع الديمقراطية هدفًا لنضالاته طوال فترة حكم الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، مشيرًا إلى أن اليسار الذي اختار المعارضة تاريخيًا، كان له حضور في حكومات بن علي لكنه لم يستثمر تلك التجربة لأنه غلب المنطق الأيديولوجي الإقصائي على منطق التعايش والوفاق الوطني، بحسب قوله.

من جانبه، أكد المحلل السياسي مصطفى البارودي لـ "إرم نيوز" أن اليسار في تونس يحتاج اليوم وقفة تأمل ومراجعة لأدائه، معتبرًا أن "هذه الصفعات المتتالية كانت متوقعة، بالنظر إلى الانقسامات الحادة وصراع الزعامات الذي عاشته العائلة اليسارية طوال سنوات، وخصوصًا ما عرفه ائتلاف الجبهة الشعبية في الأشهر الماضية، والذي مثل "ضربة قاصمة" لأكبر ائتلاف يساري.

واعتبر البارودي أن قيادات اليسار هي التي تتحمل المسؤولية الأولى عن هذا الانهيار بسبب صراعاتها التي لا تنتهي وضعف قراءتها للمتغيرات السياسية وتمسكها بخطاب أثبت أنه لم يعد صالحًا لهذه المرحلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com