خبراء: استثمار العصبية الجهوية بالانتخابات التونسية يهدد المناخ الانتخابي
خبراء: استثمار العصبية الجهوية بالانتخابات التونسية يهدد المناخ الانتخابيخبراء: استثمار العصبية الجهوية بالانتخابات التونسية يهدد المناخ الانتخابي

خبراء: استثمار العصبية الجهوية بالانتخابات التونسية يهدد المناخ الانتخابي

كشفت الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية المبكرة في تونس، عن عودة العصبية الجهوية بشكل لافت وتشبّث كل مترشح بمنطقته التي ولد وترعرع فيها، ومراهنته على كسب أصوات الناخبين فيها أكثر من غيرها من المناطق.

وعلى امتداد 12 يومًا من الحملة الانتخابية لم يتمكن معظم المترشحين من زيارة محافظات تونس الأربعة والعشرين، وبدا تركيز كل مترشح على المحافظة أو المنطقة التي ينتمي إليها، حيث أبدى مرشح "تيار المحبة" الهاشمي الحامدي حرصًا شديدًا على مخاطبة أهالي سيدي بوزيد، وهي المحافظة التي ينتسب إليها وافتتح بها حملته قبل أن يزورها مجددًا بعد أيام قليلة، مقابل غياب عدة محافظات عن برنامج حملته.

وعمد مرشح حزب "حراك تونس الإرادة" المنصف المرزوقي إلى استمالة قلوب أهالي الجنوب عبر زيارات شملت معظم المحافظات، حرص خلالها على الالتحام بالمواطنين ومشاركتهم تفاصيل حياتهم، حتى الرقص والغناء، وأبدى المترشحون أصيلي جهة الساحل أيضًا مراهنة واضحة على منطقتهم، وأطلق الكريم الزبيدي حملته من هذه المنطقة وبها اختتم مهدي جمعة حملته، وحرص ناجي جلول على زيارة محافظة سوسة في مناسبتين مقابل غيابه عن عدة محافظات أخرى.

وكان حضور حمة الهمامي مرشح ائتلاف "الجبهة الشعبية" ومنجي الرحوي مرشح حزب "الجبهة الشعبية" لافتًا في منطقة الشمال الغربي التي ينتميان إليها، ويعتبران أنّ شقًا كبيرًا من أنصارهما يوجدون هناك وسيصوتون لهما، بمنطق الانتماء الجغرافي.

واعتبر متابعون للحملة الانتخابية أنّ تركيز كل مترشح على منطقته باعتبارها خزّانًا انتخابيًا هو أحقّ بها، مخالف لمنطق الأشياء وفيه كثير من الإجحاف بحق بقية المناطق التي تنتمي إلى "الوطن الواحد"، مشيرين إلى أنّ الاعتماد على الجهات قبل البرامج الانتخابية أمر خطير يهدد المناخ الانتخابي والخطاب السياسي في هذه المرحلة.

ورأى أستاذ علم الاجتماع عبدالعزيز الرحموني أنّ "نزعة التشبث بالجهة والاعتزاز بالانتماء إليها، واعتماد منطق أفضلية الجهة على الوطن طفت على السطح منذ 2011، مع ضعف الدولة المركزية وانهيار النظام السابق".

وقال الرحموني لـ"إرم نيوز"، إن "أحداث 2011 كشفت عن أنّ الدكتاتورية كانت تغطي هذه الصراعات الدفينة التي انفلتت فجأة وصار الكل يجاهر بها، والأمر لا يخص المواطنين فحسب بل الطبقة السياسية أيضًا"، منوهًا إلى أن "النخبة السياسية مطالبة بتصحيح هذا التوجه وإعادة الثقة إلى التونسيين وزرع انتمائهم إلى وطن واحد، لا الانخراط في هذا التيار الذي نزل بالخطاب السياسي إلى مستويات دنيا وأضرّ بمناخ العمل السياسي وبمسار الانتقال الديمقراطي وإعادة بناء الدولة".

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي محمد التوجاني، أنّ "التوجه نحو مخاطبة الأهل والعشيرة يعود إلى ضعف تركيبة الأحزاب السياسية التي بقيت خاضعة لسطوة القيادات البارزة فيها"، مشيرًا إلى "الحضور البارز لحركة النهضة في محافظة قابس التي ينتمي إليها رئيس الحركة راشد الغنوشي، والحضور اللافت للأحزاب ذات المرجعية الدستورية في محافظات الساحل، ومنها تستمد هذه الأحزاب مرجعية تاريخية، فمنطقة الساحل كانت مركز الثقل للحزب الدستوري منذ مرحلة الاستعمار الفرنسي مرورًا بمرحلة ما بعد الاستقلال وبناء الدولة الحديثة وصولًا إلى زمن حكم زين العابدين بن علي، وهو أصيل الساحل".

وقال التوجاني لـ"إرم نيوز"، إنّ "سيطرة جهة الساحل لعقود على المشهد السياسي، واحتكار أهل هذه الجهة القيادة السياسية في تونس دفع إلى خلق هذه النزعة نحو إعادة الاعتبار لبقية الجهات بعد ثورة 2011، ومن ثم بدأ كلّ طرف سياسي يدفع باتجاه تقوية منطقته وخلق أنصار له بناء على الانتماء الجغرافي وحتى الانتساب القبلي، وهو ما يمثل خطرًا على البناء الديمقراطي، الذي يقتضي الحكم على أساس برامج ومشاريع تطرحها الأحزاب، لا على الولاء القبلي والجهوي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com